الهجرة والتخطيط لعام جديد
ورغم أن خطة الرسول للهجرة وما بعدها،لم تكن خطة عام واحد، وإنما كانت لمرحلة كاملة من الدعوة إلى الله تعالى ، ولم تكن لفرد واحد أو أسرة واحدة أو قبيلة بمفردها وإنما كانت لأمة ممتدة زمانًا ومكانًا -رغم هذا كله- إلا أننا نعرض هنا إمكانية أن كلاًّ منَّا يستطيع أن يضع خطة لنفسه وأسرته وعائلته بل وأمَّته أيضًا.
سؤال وسؤال؟
إن السؤال الذي يطرح نفسه كل يوم ، بل كل ساعة هو ماذا أفعل خلال هذه الساعة أو هذا اليوم؟!
ويزاد الأمر إلحاحًا مع مرور الشهور تباعًا ،، ويبلغ الأمر ذروته مع قرب انتهاء العام وبداية عام جديد ،
قال الله تعالى{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً} [الإسراء: 12].
فماذا ستفعل خلال عام قادم؟!
إن هذا السؤال يقودنا إلى سؤال أصعب منه، وهو ماذا فعلت خلال عام بل أعوامٍ مضت؟!
لا شك أن البعض أحسنَ، ولا شك أيضًا أن الكثير نادم لشعوره أنه لم يحسن ،وأن الأمور كانت لتسير بشكل أفضل لو أحسن التخطيط لها.
وحتى لا ندور في فلك ما مضى !
دعونا نبدأ معًا صفحاتٍ بيضاء نقية صافيةوحتى تكون تلك الصفحات ناصعة البياض دعونا نملأ سطورها الأولى بالاستغفار وحسن التوجُّه إلى الله أن يوفقنا إلى تدبُّر أمرنا ،، وأن يصلح حالنا ..
نقاط خطتنا عشر فأتقنوها !
* الجانب الإيماني :
كيف حالك مع الله الآن وفيما مضى؟!
وهل تريد أن تظل على هذه الحال أم تريد أن ترتقي؟!
إذن فضع في خطتك في هذا الجانب حالك مع تدبر القرآن ،،ومع قيام الليل والتهجد والذكرفضلاً عن صلاة الجماعة،والسنن الراتبة، وابدأ يومك دائمًا واختمه بالاستغفار ،،
ضع لك خطة ايمانية
وبرنامج يومي
بأوراد من قراءة قرآن وأذكار وسنن ونوافل
* الجانب الدعوي :
وهو ثمرة الجانب الإيماني، فالإناء -كما يقولون- لا يفيض إلا إذا امتُلِئ، فلن تكون داعية بحق إلا إذا امتلأ قلبك إيمانًا وصدقًا مع الله U، ومن ثَمَّ تشعر بمسئولياتك تجاه إصلاح الناس ،،
وسَلْ نفسك دائمًا هل تقوم بالدور المطلوب منك تجاه دعوتك أم لا؟!
ضع لنفسك خكة دعوية تنهض بها بنفس وبغيرك وارفع شعار
(أصلح نفسك وادع غيرك)
(خير الناس أنفعهم للناس)
* الجانب العلمي :
وأقصد به هنا التخصص العلمي ،، سواء كان دراسة في إحدى دور العلم (معهد أو جامعة ...)
أو كان عن طريق التلقي عن أحد العلماء، فماذا حصَّلت من علمٍ في تخصصك؟!
وماذا تنوي أن تحصِّل؟!
وهل أعددت العدة لذلك من وقت وجهد ومال؟!
فكما قال يحيى بن معين: لا يستطاع العلم براحة الجسم ..
.
* الجانب الثقافي :
وهو أوسع دائرة من الجانب العلمي لكنه أقل تخصصًا ،،وهو المشهور بقولهم : اعرف شيئًا عن كل شيء. فماذا تتابع من أخبار؟!
وأيُّ كتب عامة تقرأ؟!
وكيف علمك بما على الساحة الآن من طرح لمختلف القضايا؟!
ثِقْ أن هذا الجانب سيساعدك كثيرًا في اتخاذ قرارات مناسبة.
اكتب في خطتك أسماء الكتب التي تنوي قرائتها والتي ستنهض بك في كل المجالات ..
* الجانب الصحي :
الكشف الطبي وإجراء التحاليل حتى ولو لم تعانِ من أي أمراض، وقد يرى البعض هذا الأمر مبالغةً ،،غير أن الواقع يشهد بأن الكثير من الأمراض قد تنشأ بسيطة بحيث لا يظهر لها أعراض ،، وتستفحل بعد ذلك -عافانا الله جميعًا- خاصة في عصر الإشعاعات والتلوث بكافة أصنافه. ومن هنا أرى هذا لزامًا على كلٍّ منا، وإن كان مرتفع التكلفة إلا أنها في محلها ،،
وكذلك يدخل في هذا الجانب الاعتناء بالنظافة العامة والتجمُّل وغير ذلك من هذا الباب ..
* الجانب المالي :
ما هي خطتك وخطواتك في تنمية مالك إن كان لك ،،
أو إيجاده إن لم يكن؟!
فكثرة المال ليست عيبًا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم
فـ "نعم المال الصالح للرجل الصالح"
ولا يتنافى هذا مع الزهد ،، ما دامت الدنيا في يدك وليست في قلبك، فلا بأس بوضع خطة لتنمية مالك لتطعم وتنفق مما وسع الله عليك ..
* الجانب المهني أو الوظيفي :
لا بُدَّ أن تتضح لدى كل منا أهدافه وطموحاته المهنية والوظيفية ،، ولا بدّ أن يطّور نفسه من خلال الدورات التدريبية المتخصصة في مجال عمله أو مهنته ،، وأن يراعي في ذلك ميوله ومهاراته لينميها، ويصقل ما لديه من قدراتٍ ،حتى يكون إنتاجه وفيرًا وذا جودة عالية، وينعكس ذلك -دون شك- على حياته فيعيش راضيًا مطمئنًا..
* الجانب الأسري :
مما ينبغي ألاَّ يغيب عن ذهن كل منا أثناء وضع خطته ،،
أسرته(الزوجة والأولاد)
وكيف يرتقي بهم علميًّا وتربويًّا،وينتقل بهم من حَسَنٍ إلى أحسن ..
وأما غير المتزوج فسيكون هذا الجانب في خطته في طور الإعداد ،، حيث البحث عن الزوجة الصالحة ،،
أو إتمام مراحل الخطوبة والعقد ،،
وأن تكون خطواته واقعية وملائمة لأحواله المعيشية..
* الجانب العائلي :
وهو أوسع دائرة من الجانب الأسري ،،
وهذا الجانب يشمل الأهل والأقارب والأصهار وهو جانب من الأهمية بمكان ،، حيث تتصدر صلة الرحم في الإسلام مكانة عظيمة ،،
ولا أخفيكم سرًّا فأنا أضع صلة الرحم كأحد الموارد المالية، يقينًا بحديث رسول الله "من سره أن يُبسط له في رزقه أو يُنسأ له في أثره، فليصل رحمه"
ضع في خطتك جداول زمنية دورية لزيارة الاقارب وتفقدهم وتقديم العدايا لهم وخاصة في المناسبات.
* الجانب الاجتماعي :
وهو أكثر اتساعًا من الجانبين السابقين (الأسري والعائلي)
فهو يشمل كافة المعارف والأصدقاء والجيران وزملاء العمل وكلٌّ له خصوصية في التعامل،، ويشمل أيضًا من نتواصل معهم عبر الإنترنت وغيره من الوسائل الحديثة،، وهؤلاء لا بدّ أيضًا من وضع النقاط على الحروف في التواصل وحسن التعامل معهم لحتمية التأثير والتأثر بهم.
بين التخطيط والتوكل على الله
مما لا شك فيه أن مثل هذه النقاط -رغم بساطتها- إلا أنها تستوعب حياة الإنسان،د ،،وتحتاج عند وضعها في خطة عملية واقعية إلى بعض الوقت والجهد، حتى تؤتي ثمارها المرجوّة بإذن الله ..
ومع الأخذ بكل الأسباب -قدر الإمكان- إلا أننا يجب ألا ننسى دائمًا الاعتماد الكامل والتوكل على الله عز وجل والارتباط به دائمًا وأبدًاوالإكثار من الدعاء بالتوفيق لما يحب ويرضى..
وأختم بقول الشيخ محمد الغزالي رحمه :
"وكم من خطة يضعها أصحابها فيبلغون بها نهاية الإتقان تمر بها فترات عصيبة لأمور فوق الإرادة أو وراء الحسبان ،، ثم تستقر أخيرًا وفق مقتضيات الحكمة العليا ،،
وفي حدود قوله تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21]
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة