مُتلازِمة هلع الصيف أو العطلة الصيفية
كتب بواسطة د. عبد الرحمن ذاكر الهاشمي
التاريخ:
فى : زينة الحياة
2100 مشاهدة
ما هي متلازمة هلع الصيف أو العطلة الصيفية؟
- هي مجموعة من الأعراض التي تصيب الأهالي إذا اقترب وقت نهاية المدرسة وبدء العطلة الصيفية
وغالبا ما تظهر في صور الإرهاق والتعب والتوتر والخوف والصداع لدى الأهل
ويصحب هذا شدة التوتر في البيوت مع كثرة المشكلات الأسرية والعائلية، وصولا إلى الاضطرابات بين الزوحين
كما يصحب هذا منافسة، منطقية أو غير منطقية، بين الأندية والمراكز والجمعيات، لتقديم ما يعين الأهل والأبناء
وفي خلال هذا كله، تمتلئ المراكز الأسرية والتربوية والعيادات النفسية بالاستشارات من شتى الأصناف
ولا أذيع سرا إذا أخبرتكم أني أعاني شعورا متجددا كلما أصبحت على صلاة فجر لا تعني شيئا لمعظم الأهالي
أو كلما جاءت عطلة نهاية الأسبوع وترددت عبارات مثل: بإمكاني أن أسهر فلا مدرسة، أو جامعة، غدا
أو كلما جاءت عطلة الربيع أو الصيف، وبدأ ضياع الأوقات والشعور بالعبثية والعدمية من الطلاب صغارا أو كبارا
ولا أخفيكم أني أزداد مقتا لمنظومة الأكاديميا: المدرسة والجامعة تحديدا، كلما مررت بذلك الشعور في عطلة من العطل
لافتة: لعلنا نتوقف قليلا مع مُسمّى العطلة الصيفية، وما فيه من دلالة العطالة والتوقف عن العمل والإنجاز
وهذا في ذاته يكفي لمعرفة خطورة ما نقدمه لأبنائنا وبناتنا من تصور عن الأولويات في هذه الحياة
حتى لقد صار أبناؤنا وبناتنا يظنون أن غاية الأمر في حياتهم هو ما ينجزونه في المدارس والجامعات
حتى إذا ما دنت العطلة الأسبوعية أو الربيعية أو الصيفية، شعر الأبناء والبنات أنهم انعتقوا من سبب وجودهم
وعندها، فلا غرابة إذا وجدناهم يتسابقون في السخف والسفه وضياع الأعمار، لا لشيء، إلا لأنهم متفوقون أكاديميا!!!
ومن الأسئلة التي تصلنا في معرض العطلات الأكاديمية، ولا سيما المدرسية:
هل تنصحون بإزالة الألعاب الرقمية (Video Games, PlayStation, X-Box) وغيرها مباشرة أم بالتدريج؟
قبل الجواب، لا بد من لافتات:
- المشكلة ليست في الألعاب الرقمية، وإنما في جاهلية الترفيه وصناعة المتعة، التي أصبحت إمبراطوريات قائمة بذاتها
- الألعاب الرقمية، أو غيرها من منتجات الإعلام الرقمي، ليست مجرد ألعاب بريئة، وإنما رُسُل ثقافات لا إلهية ولا دينية
- مع هذا، فليست إزالة الألعاب هي الحل بالضرورة، وإنما تزكية النفس لتتمكن من التعامل مع مادتها ومحتواها
وهذا كله يستدعي ضرورة مراجعة ما نَعْلَمُه نحن، أولا، قبل ما علّمناه، أو لم نزل نعلّمه أبناءنا وبناتنا، حول الحياة وأدوارهم فيها
أما الإجابة عن كيفية إزالة الألعاب الرقمية مباشرة أم بالتدريج، فهذا يعتمد على عدة عوامل:
1. طبيعة العلاقة بين الأهل والأبناء، ومدى ثقة الأبناء بأهلهم ومحبتهم لهم ومدى قبولهم الأوامر الصعبة دون ضرر مُتوقّع
2. مدى فهم الأبناء لخطورة إدمان العالم الرقمي وأثره السالب على الصحة النفسية
3. مقدار الإدمان: إلى أي حد بلغ الإدمان على الألعاب الرقمية. وهذا له أعراض كثيرة منها:
- قضاء الساعات الطويلة دون توقف
- الاشتغال باللعب في أحاديث المجالس والاهتمامات اليومية والبحث ومتابعة أخبار الألعاب وقنوات المهتمين بها
- الاضطراب والتوتر والقلق في حالة عدم توفر اللعبة أو عدم الشعور بالإنجاز فيها
- الفقدان التدريجي لمهارات اجتماعية ورياضية
- بعض أعراض الانسحاب: اشتياط الغضب، سوء الأدب، عدم التحكم بالأفعال، العنف، وغيرها
4. مدى توفر الأنشطة التي يمكن لها أن تعالج الإدمان وتقدم حلولا عملية له
5. مدى توفر أمثلة واقعية محيطة بهم، من أهل الأدب والسعادة والعلم بعيدا عن العالم الوهمي، ومدى اختلاطهم بهذه النماذج
أما نصيحتي العملية للأهل، فهي كالتالي:
1. جلسة هادئة مع الأبناء والبنات، بحيث يكون قصد هذه الجلسة وغرضها الاتفاق على جدول يومي ثابت على مدار العام
- لافتة: أنا أعني ما أقوله هنا من ضرورة أن يكون هناك جدول ثابت طوال العام
وذلك حتى لا نقع مرة أخرى في تقديس المدرسة أو الجامعة على حساب صلاة الفجر مثلا أو أعمال أخرى ومهارات إنسانية مهمة
2. ضرورة قيام الجدول على الأولويات ومفهوم الحقوق والواجبات، وما يتبعها من عواقب أو نتائج: ثواب وعقاب
وهنا علينا أن نُعلِم الأبناء والبنات بما عليهم من واجبات ينبغي القيام بها أولا، قبل التفكير بما دون ذلك
- لافتة: لا بد من الترويح في الجدول اليومي، ولا ينبغي أن ننتظر الأبناء والبنات ليذكرونا بالترويح ويطالبوننا به
ولا بأس أن يكون من الترويح هذه اللعبة أو تلك، بشرط أن لا يكون الترويح هادما لما بُني في بقية الجدول اليومي
أما الأمور والواجبات وأقل القليل مما لا ينبغي للجدول أن يخلو منه:
- الصلاة على وقتها، وما يتعلق بها من توقف عن المشتتات والمُلهيات دون أمر ونهي، والوضوء، وإقامتها كما يجب
لافتة: صلاة الفجر هي أول هذه الصلوات التي ينبغي للأهل أن يمتحنوا قوة أبنائهم وبناتهم من خلالها
- قراءة مادة عقلية = لتزكية العقل وتدريب مهارة التفكير والعقل
- قراءة مادة شرعية = ما لا يسع الأبناء جهله عن الله وأنفسهم ودينهم
- تنمية مهارة الكتابة = قلم + ورقة، وكتابة أي شيء تعلموه أو قرأوا عنه
- رياضة جسدية
- تواصل اجتماعي مثمر مع غيرهم من البشر: الأهل أولا ثم غيرهم
لافتة: انصح هنا بالبحث الجاد عن أنشطة اجتماعية يديرها أهل خبرة وعلم في التربية
ولا بد لهذه الأنشطة من تكرار، فلا نفع يُرجى من نشاط يتيم في الأسبوع، بل لا بد مما لا يقل عن ثلاث مرات أسبوعيا
3. بعد القيام بكل ما سبق، حسب التوزيع المتفق عليه، يحق لهم الترويح
4. أنصح بأن يُقسّم الترويح إلى قسمين: لعبة لمجرد الترويح + لعبة لغرض تنمية المهارات العقلية
- لا يتجاوز وقت اللعب في اليوم ساعة - ساعة ونصف
5. الاتفاق على ما يحصلون عليه بعد الالتزام أو عدم الالتزام
- بتيع ذلك = الالتزام + الانسحاب + الهدوء
والدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء
لافتة أخيرة:
كل ما سبق لا يجدي نفعا إذا كان الأهل ليسوا متمكنين من إمساك أنفسهم عن لذّات الدنيا الضارة
وأخيرا
أذكر نفسي وإياكم بتقوى الله في النفس وفي الأهل
كما أذكر نفسي وإياكم بالصبر والمصابرة، لأن الأمر جدّ
اللهم آنسنا وأعنا على تزكية أنفسنا، وتربية أبنائنا وبناتنا
اللهم آمين
(منقول من قناة فقه النفس / مكاني على تلغرام)
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة