علاج الفتور
كتب بواسطة الشيخ محمد سالم بحيري
التاريخ:
فى : في رحاب الشريعة
2309 مشاهدة
• ما علاج فتور العبادة ؟!
قلبى مات يا شيخ حرفياً !! لا أحس بخشية أو خشوع حتى الصلاة أؤديها بدون أى خشوع ! وأحيانا لا أؤديها! الكلام عن الموت لم يعد يبكينى حتى! أنقذنى أنقذك الله، أشعر وكأنى أسير نحو المعصية من جديد ! نسيت توبتى!!!
ج / الحمد لله،
ذكرت أمرين: الفتور، وضياع الخشوع .
أما الفتور: فاعلم أيها السائل الكريم أن العباداتُ فتوح .
نعم،
فتح الله عزَّ وجل على عبدٍ في عبادةٍ معيَّنةٍ رزقٌ عظيمٌ من الله سبحانه
فقد يفتَحُ على العبدِ في عبادةٍ ، ولا يفتح عليه في عباداتٍ أخرى .
فمن عبادِ الله ما يُفتَح عليه في قيام الليل ، فلا يرقُد إلا قليلًا ، ومنهم من يفتَحُ عليه في صِيام النَّوافل ، فلا تكاد تراهُ إلا صائمًا ، ومنهم من يُفتَح عليه في لُزُوم الجماعات فكأنه قنديلٌ من قناديل المسجد ، ومنهم من يفتَحُ عليه في ختم كتابِ الله ، ومنهم من يفتَحُ عليه في عبادة الحب في الله ، نعم الحب في الله !
ومن عباد الله من يُرزَقُ الفتح في عباداتٍ كثيرة .
وفي كَلامِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارةٌ إلى هذا المعني ، «فإن كانَ من أهل الصَّلاة دُعِي من باب الصلاة ، وإن كانَ من أهل الصَّدقة دُعِي من باب الصَّدقة ، وإن كان من أهل الجِهاد دُعِي من باب الجهاد ، وإن كانَ من أهل الصَّوم دُعِي من بابِ الرَّيان» ، وفي قول أبي بكر بعد ذلك إشارةٌ إلى عَظِيم الفتح بالأنس بعبادات كثيرة.
وقد أشار الإمام مالك رضي الله عنه إلى هذا المعنى ، فقال : إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق ، فرب رجلٍ فُتح له في الصلاة ، ولم يُفتح له في الصوم ، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم ، وآخر فتح له في الجهاد ، فنشْر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فُتح لي فيه ، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه ، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر ...
وهذا نجدُهُ في آحَادِ الصَّحابة الكرام ، عليهم رِضوانُ الله ، فبلال رضي الله عنه يُفتَحُ عليه في ركعتين بعد الوضوء ، تكون سَببًا لسَماع النبيِّ صلى الله عليه وسلم دفَّ نعلَيْه في الجنة ، وأبو مُوسى يُفتح عليه في قراءة القرآن ، وتتنزل السَّكينة لقرائته ، وعبدُ الله بن عمرو يُفتح عليه في قيام الليل ، ويحذره النبي صلى الله عليه وسلم من أن يتركَ موضعَ الفتح ، فيقول : لا تكن مثل فلان ؛ كان يقوم الليل ، ثم ترك قيام الليل .
ماذا أريد إذن من هذا ؟
أريد أن أعلمكَ أن حالُ العبد الصَّالح في مُجَاهدة نفسه مثل حال المُقَاتل ، قد يُغيّر موقعَه ، ولكنه لا يتركُ الميدَانَ .
فإذا وجدتَ في نفسك فُتورًا عن عبادةٍ معينةٍ كنتَ تعتادُهَا ، فالتمس لها الفتحَ من بابٍ آخرَ لها ، أو التمس الفتحَ من عبادةٍ أخرى ، وإلا فستشغَلك نفسك بباطلٍ .
فإذا وجدتَ في نفسك فتورًا عن وردك من القرآن .. فلا تقرأ من الموضع الذي وقفتَ عنده ، بل اقرأ سُورة من السور التي لها محبةٌ في قلبك تزيد على أخوَاتها ، وإلا فالتمس الفتح للقرآن بالذكر .
غير موقعك، ولا تترك الميدان.
أما عن الخشوعِ:
فاحفظ هذا، وتذكره:
يحصل الخشوعُ بأربع: إلقاء الصَّوارف ، واستشعَارِ الجَلال ، ووُلُوج جنّة التدبُّر ، وثِقَل الكَاهِل بهَمِّ الآخرة .
إذا كبرت للصلاة = فألقِ عنكَ صوارفك، واستشعر جلال وقفتك، وتدبَّر في كل ذكر، ثم تذكر وقف مثل تلكَ في الآخرة .
ــــــــ ـــــــــ ــــــــــ ــــــــــــ
•• هذه الإجابة دمرتني تدميراً كاملاً، فأنا لا أرى ما أكتب من كثرة البكاء، يا شيخ إني لا أرى نفسي في أي من هذه الأبواب ! أشعر وكأنني هلكت، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ج / الحمد لله،
اسمع هذين الحديثين:
أخرجَ البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحيهما من حديث طلحة بن عبيد الله أنه قال:
جاءَ رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألُ عن الإسلام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم، والليلة».
فقال: هل علي غيرهن؟
قال: «لا، إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان».
فقال: هل علي غيره؟
فقال: «لا، إلا أن تطوع».
وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة.
فقال: هل علي غيرها؟
قال: «لا، إلا أن تطوع».
قال: فأدبر الرجل، وهو يقول: والله، لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق» .
هذا هو الحديث الأول .
اسمع حديثًا ثانيًا:
أخرجَ الإمام أحمد وغيرُه من حديث عبد الله بن بسر قال:
جاء أعرابيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أحدهما: يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال: من طال عمره، وحسن عمله. وقال الآخر: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فمرني بأمر أتشبث به.
فقال: لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله عز وجل» .
الشيخ محمد سالم بحيري
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن