له أكثر من ثمانين مؤلفاً، والعديد من الدورات التدريبية وغيرها الكثير من المحاضرات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية معظمها في قضايا الأسرة والمجتمع.
العلاقات الزوجية أيها الزوجان.. لا تخسرا رمضان (١)
أبارك لكما، أيها الزوجان الغاليان، بشهر رمضان، راجيًا منكما أن تقبلا دعوتي إلى التحلّي بأخلاق الصيام؛ من خلال ما سأشرحه لكما في هذه الصفحة _بإذن الرحمن_ طوال شهر العفو والغفران، عسى أن نخرج بعد انقضاء رمضان وقد طوينا صفحات الخلاف والنزاع والهجران.
أول ما يحسُن أن نتعلمه من الصيام: الامتناع، فقد جاء في تعريف الصيام أنه امتناع عن الطعام والشراب والوِقاع (المعاشرة) بنيّة خالصة لله عز وجلّ.
هذه الأمور الثلاثة: الطعام والشراب والمعاشرة حلال للزوجين في غير رمضان، وحلال في ليل رمضان، ولا تحِلّ لهما في نهاره.
تدريب النفس -طاعةً لله- على كبح شهوة الأكل والشرب والجِماع، يعينكما الله به على الامتناع عن الغضب الذي يُشعل كثيرًا من النزاعات بينكما.
وهذا على العكس مما يحدث للأسف، إذ يُبرِّر كثير من الناس غضبه بأنه صائم؛ وكأن الصيام يثير الغضب؛ بينما هو على العكس من ذلك لِمن حقّق روح الصيام، وما وجَّه إليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كما في حديثه التالي الذي أخرجه البخاري في صحيحه: (الصيام جُنَّة، فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث، ولايَجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتَمَه فليقل: إني صائم، إني صائم، والذي نفسي بيده لَخَلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؛ يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي. الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها) صحيح البخاري.
ينهى النبي صلى الله عليه وسلم الصائم عن الجهل (والصراخ والشتم والعنف بأشكالها من هذا الجهل المنهي عنه)، وإذا كان هذا بين الناس عامة؛ فأولى أن يكون بين الزوجين خاصة؛ فما بينهما ما ليس بين أي اثنين: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾..
على الزوجين أن يتعاونا على ذلك ويتعاهدا عليه؛ من بداية رمضان، فيقول أحدهما لصاحبه: لنجعل من رمضان تدريبًا على إحسان كل منَّا إلى الآخر، وصبره عليه، وامتناعه عن الإساءة إليه.
وليتفقا على أن يجعلا شعارًا لهما ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (فليقُل: إني صائم.. إني صائم)، وذلك حين ينسى أحدهما فيغضب ويثور فيُمسك الآخر نفسه من الرد عليه مع تذكيره بقوله (إني صائم.. إني صائم)، وتكرار ذلك مرتين، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذلك له أثره الواضح في زيادة التأكيد والتأثير والتذكير.
وليكن هذا التذكير مع ابتسام، وفي رفق ولطف ومودّة، حتى يتلقاه الزوج الآخر برضا وقبول، فلا يغضب ولا يثور.
قد يُخفق الزوجان، أو أحدهما، في تحقيق ذلك بداية رمضان، وعليهما أن لايستسلما لهذا الإخفاق فيتخليا عن الاتفاق، بل عليهما أن يواصلا عملهما بما اتفقا عليه في إصرار منهما على النجاح بتوفيق الله وعونه.
لقد ذَكَر النبي صلى الله عليه وسلم أن اله سبحانه يقول: (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)؛ فاتركا أيها الزوجان شجاركما ونزاعكما وغضبكما أيضًا من أجله سبحانه.
وإذا كان خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك فليحذر كلا الزوجين من أن يصدر من فمه كلام تجاه الآخر يُضيع تلك الرائحة الطيبة؛ بل أطيب من ريح المسك كما جاء في الحديث.
(الصيام لي وأنا أجزي به)، الصيام لله سبحانه، وهو يجزي به، ولاشك في أن جزاء الزوجين الصائمين سيكون أكبر، وأجزل، وأعظم؛ إذا صبر كل منهما على الآخر، و زاد إحسانه إليه، وإشفاقه عليه، فلا ينتقم منه، ولاينصرف عنه.
(والحسنة بعشر أمثالها) هذه آخِر عبارة في الحديث، عبارة تُحفِّز إلى المسابقة في كَسْب الحسنات، وجَنْي الصدقات، فهل تحرمان نفسيكما أيها الزوجان الغاليان من هذه التجارة الرابحة بالإساءة إلى نفسيكما عبر إساءة كل منكما إلى صاحبه؟!
اللهم أعِن الأزواج والزوجات على أن يكونوا في رمضان كما تحب لهم وترضى، إنك سبحانك سميع مجيب.
المصدر : رابطة العلماء السوريين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة