الثورات... وأصناف العلماء
مشهد ذلك "الشيخ" وهو يزور «رأس الإجرام» يثير الكثير من التساؤل حول: مَن منح هؤلاء "عِمَّة" المشيخة؟ ومَن أعطاهم ذلك اللقب يضحكون به على ضعاف النفوس والعقول؟ ومَن أدخلهم ضمن بَوْتقة "المشايخ" ليُلبِّسوا على الناس الحقائق؟ إذ لا يُتصوّر - عقلاً - أن يبقى أمثال هؤلاء حول أسيادهم رغم ما بلغ إجرامُهم من مدى: ظلماً وقهراً وتشريداً وذبحاً لإخواننا وتنكيلاً بهم... وكأنهم يُضفون عليهم الشرعية، ويوقّعون على المزيد من المجازر... «مشايخ الضلال» - هؤلاء - نسُوا قول الله سبحانه: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ! وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}.
إنّ الثورات قد أفرزت فئاتٍ ثلاثاً من العلماء:
1. علماء «السلاطين»؛ وقد تقدم ذِكرهم... وهم ممّن وصفهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم بقوله: «دعاة على أبواب جهنم، مَن أجابهم إليها قذفوه فيها»؛ وهذا التنبيه والتحذير من رسولنا صلى الله عليه وسلّم نضعه برسم كل الذين يترسَّمون خُطا هؤلاء ويتبنَّوْن طروحاتهم وينشرونها بين الناس...
2. علماء «النأي بالنفس»؛ وهؤلاء اختاروا لأنفسهم منهج «السلامة» بدل تبنّي المنهج الصحيح الذي يفرض عليهم القيام بواجبات المرحلة الراهنة مترفِّعين عن أنانيّتهموسلبيّتهم في التعاطي مع قضايا المسلمين.
3. علماء «الثورة»؛ الذين تبنَّوْا قضاياها المحقّة، وقالوا كلمة الحق في وجه الظالمين، وأعلنوها مُدَوّية بأنهم ماضون في طريقهم حتى تحقِّقَ الثورة أهدافها، غير آبهينلما يتعرضون له من تهديد!
هؤلاء العلماء الربّانيون عليهم مهامّ جِسام تكمن في:
- ترشيد الثورات حتى لا ينحرف مسارها، وتقديم النصح للقادة الميدانيين وللأفراد العاملين...
- قيادة الناس وتوعيتهم وتسليحهم بكل ما تتطلّبه المرحلة من إعداد على المستويَيْن: النفسي والجسدي، فضلاً عن التوجيه الشرعي ودِلالتهم على حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم.
- إيجاد الأحكام الأقرب إلى منهج الله في القضايا المستجدة، والرجوع لأهل الاختصاص من علماء السياسة والإعلام والاجتماع والاقتصاد الموثوقين... حتى تأتي أحكامهم منطلقة من القواعد الشرعية، منسجمة مع ما تقتضيه مصالح المسلمين وفق ميزان المصالح والمفاسد المعتَبر.
- جمع كلمة المسلمين والتعاون مع قياداتهم لكيلا تنحرف البوصلة بانحراف الأهواء وتعدُّد المصالح، سواء منها الشخصية أو الحزبية؛ وهذا من أعظم مقاصد الشريعةالتي تفرض على المسلمين أن يكونوا جبهة موحَّدة، عصيّة على التشرذم... وهذا إن لم يكن الآن... فمتى يكون؟
- تحديد أولويات هذه المرحلة وفق ما تتطلّبه مصالح الأمة؛ وليكن ذلك عن علم ودراية؛ حتى لا تأتي مواقفنا وقراراتنا ارتجالية دون تخطيط مسبق يُراعي دقة الوضع الراهن وحساسيته.
- إن الثورات التي أفرزت علماء قد أنتجت من قبل طاقات شبابية واعدة إنما هي عمادها ومادتها الخام التي فاجأت الجميع بقدرتها على الإبداع والابتكار والمواجهة والاستعداد لبذل أقصى الجهد في خدمة الثورة في مختلف الميادين... هؤلاء هم أحوج ما يكونون لتوجيه العناية لهم وإعطائهم المزيد من الخبرات واستيعاب عنفوان الشباب وجموحه الكامن فيهم... فالثورة بحاجة إلى فاعلية الشباب كحاجتها إلى حكمة الشيوخ والعلماء.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن