طفلة غيور وعدوانية
التاريخ:
684 مشاهدة
السؤال
هل من الممكن الرَّدّ على استِفْساري؟
لدي ابنة أُختي عمرها سنتان وخمسة أشهر، وهي طفلة غيورٌ جدًّا، وبعد ثلاثةِ أشهُر سيكون - بإِذْن الله - موعِد قدوم أخٍ أو أختٍ جديد لها، ولكن لدى أَخي طفلة تصْغر ابنةَ أُختي بسنة وعدَّة شهور، وابنة أُختي تَغار منها إلى حدِّ الجنون، حتَّى تصِل في بعض الأحْيان إلى ضرْبِها بأي شيء يقع تحت ناظريْها، ومع ذلك فهي تُحبُّها ودائمة السُّؤال عنها، فماذا نفعل لها؟
مع العلم أنَّ أختي عصبيَّة جدًّا وتضرِب ابنتَها في أحيانٍ كثيرةٍ إذا أساءتالتَّصرُّف، فما الَّذي عليْنافعله؟وشكرًا.
لدي ابنة أُختي عمرها سنتان وخمسة أشهر، وهي طفلة غيورٌ جدًّا، وبعد ثلاثةِ أشهُر سيكون - بإِذْن الله - موعِد قدوم أخٍ أو أختٍ جديد لها، ولكن لدى أَخي طفلة تصْغر ابنةَ أُختي بسنة وعدَّة شهور، وابنة أُختي تَغار منها إلى حدِّ الجنون، حتَّى تصِل في بعض الأحْيان إلى ضرْبِها بأي شيء يقع تحت ناظريْها، ومع ذلك فهي تُحبُّها ودائمة السُّؤال عنها، فماذا نفعل لها؟
مع العلم أنَّ أختي عصبيَّة جدًّا وتضرِب ابنتَها في أحيانٍ كثيرةٍ إذا أساءتالتَّصرُّف، فما الَّذي عليْنافعله؟وشكرًا.
الجواب
هذا سؤال مقتضَب لكنَّه واضح وكامل، وهو يدلُّ على نضج وذكاء من وجوه:
أوَّلها: أنَّ السَّائلة انتبهت إلى المشكلة وحرَصت على حلِّها، رغم أنَّها ليست هي المسؤولة المباشرة عن البنت، بل هي الخالة، والمسؤولُ الأوَّلُ هو الأم.
والثاني: أنَّها وصفت المشكلة وصفًا متكاملاً - على قِصَر السُّؤال - مع عدم إغْفال العناصر الجانبية التي قد يكون لها أثر، كعصبيَّة الأمّ والطفل المنتظَر.
سأحيِّد أوَّلاً عصبيَّة أختك؛ لأنَّها لا علاقة لها غالبًا بالعلَّة التي أنشأتِ السؤال من أجلها، وهي الغيرة، ولاسيَّما في مثل هذا العمر المبكِّر، على أنَّني لن أَغفل عن التنبيه إلى أخطار أخرى يُمكن أن يتسبب بها هذا الخُلُق الذَّميم، فلأتحدث عن "العصبيَّة" قليلاً ثمَّ أنتقِل إلى المشكلة الأصلية.
العصبيَّة هي العدوُّ الأكبر للسَّعادة والاستِقْرار النَّفسي والزَّوجي والعائلي؛ لأنَّها تدمِّر العلاقة مع الشَّريك (الزَّوج أو الزَّوجة)، ومع الأبناء والبنات، ومع الأصْحاب والأقْرباء، بل ومع الذات.
ويا عجبًا ممَّن يدرك أنَّه مصاب بهذا الدَّاء فلا يجتهد في علاجه! ثمَّ هو يقلق ويركبه الهمّ إذا أصيب بِمرض من الأمراض! وهل يكون المرض العابر الذي يمتدّ أيَّامًا في العمر أشدَّ وطأة وأعظمَ أذى من الدَّاء الذي يعصف بالعمر كله؟! ولعلَّ أكثر من يعانون من "العصبيَّة" يظنّون أنَّها مُمارسة شخصيَّة ليس للشَّرع رأْي فيها، فيتهاونون في علاجِها أو الحدّ منها، مع أنَّها من أكثر ما ذمَّه الدّين من الأخلاق القبيحة، رغم أنَّه لم يستخدم هذا المصطلح المعاصر في وصفه.
وما هي "العصبيَّة" إن لم تكن هي "سوء الخلق" الموصوف في الأحاديث والآثار، والذي جاء في تقبيحه وذمِّه ما جاء؟!
عن عبدالله بن عمر: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله تعالى عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ سوء الخلق يُفسد العملَ كما يفسد الخلُّ العسلَ))؛ صحَّحه الألباني من حديث طويل أوَّله: ((أحبُّ النَّاس إلى الله تعالى أنفعُهم للنَّاس))، سلسلة الأحاديث الصحيحة: (906).
وعن العلاء بن الشخير: أنَّ رجلاً جاء إلى رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - من بين يديْه فقال: يا رسول الله، ما الدين؟ قال: ((حسن الخلق))، ثمَّ أتاه عن يَمينه فقال: يا رسول الله، ما الدين؟ قال: ((حسن الخلق))، ثمَّ أتاه عن شماله فقال: ما الدين؟ فقال: ((حسن الخلق))، ثمَّ أتاه من ورائِه فقال: يا رسول الله، ما الدّين؟ فالتفت إليه وقال: ((أما تفقه؟ هو ألاّ تغضب))؛ أخرجه المنذري في "الترغيب والترهيب"، وضعَّفه الألباني.
وعن أنس: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ العبد ليبلُغ من سوء خلُقِه أسفل درك جهنم))؛ خرَّجه الحافظ العراقي وإسناده جيد.
فإذا تخلَّص المرْء من العصبيَّة - التي هي سوء الخلق - وصار "حَسَن الخلق" فقد صار ممَّن يُحبُّهم الله ورسولُه؛ واقرؤوا إن شئْتُم ما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص، عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ من أحبِّكم إليَّ أحسنكم أخلاقًا))؛ أخرجه البخاري، وما رواه جابر أيضًا: ((إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربكم منّي مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا))؛ صحَّحه الألباني في "صحيح الترغيب": (2649)، وفي حديث أبي هريرة: ((إنَّ الله ليبلّغ العبدَ بحسن خلقه درجةَ الصَّوم والصَّلاة))؛ الألباني في "الصحيحة": (2/ 421).
وقد ورد في "حُسْن الخلق" ما ورد، لكن يكفي فيه هذا التَّعبير الجامع المانع، القول الفصْل في المسألة: ((ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق))؛ رواه أبو الدَّرداء وصحَّحه الألباني في "صحيح الترغيب": (2641)، وفي "صحيح الجامع": (5721)، وفي "صحيح الأدب المفرد": (361).
فاحرصي - يا بنتي - على مساعدة أختِك وتخليصها من هذا الخلُق الذَّميم، حاوريها في ساعات الصفاء وبيِّني لها الخسائر الكثيرة التي تتسبَّب "العصبية" بها، وأرْشديها إلى بعض الوسائل والآليات التي تستطيع بها أن تُخفِّف من عصبيَّتها أو أن تستأْصلها من جذرها، وإن شئتِ فابحثي أنت عن هذه الوسائل فليس هنا محلّ تفصيلها.
أمَّا مشكلة "الغيرة" الَّتي هي سؤالك الأصْلي فهذا جوابها:
التشخيص:
1- الغيرة انفِعال نفسي طبيعي في سنوات العُمر المبكِّرة، وهي سلوك تعمل التَّربية على تَهذيبِه خلال الطُّفولة، شأنه شأن أيّ سلوك سلبي آخَر؛ ولذلك فإنَّنا لا نعتبِر الطِّفْلة الغيور طفلة غيرَ سويَّة، لكنَّنا نعتبِر الشَّخص الرَّاشد غيرَ سوي نفسيًّا إذا كانت الغَيْرة طبعًا متمكِّنًا منه ومسيطرًا عليه.
2- للغيرة في هذا العمر أسباب متنوِّعة، جامعُها العام هو رغبة الطِّفْل في الاستئثار بالعطاء، العطاء المعنوي من عطفٍ وعناية واهتِمام، والعطاء المادّي من حَمل واحتِضان وتقبيل وطعام وألعاب، فإذا ما شاركه غيرُه في الحصول على هذا العطاء، فإنَّ الغيرة تستوْلي على الطِّفْل تلقائيًّا، وعندئذ فإنَّه سيلجأ إلى ردّ فعل ظاهِر، فيصرِّح بغيرته ويعبِّر عنها بأكثرَ من طريقة: جذْب الطِّفل المنافس من حِضْن أمِّه، الاعتداء عليْه بالضَّرب أو بشدّ الشعر مثلاً، الصّراخ والبكاء، الطَّلبات المتكرِّرة من أمِّه بغرض صرْف انتباهِها عن الطِّفل المنافس، إلى غير ذلك من الأساليب المكْشوفة التي تدلُّ على الغيرة التي انتابتْه، والصورة التي قدَّمها السؤال تنتمي إلى هذا النَّوع من ردَّات الفعل، وإن يكن ببعض العنف المبالَغ فيه كما يبدو.
3- يُمكنني أن أقول: إن هذا النّوع من ردَّات الفعل صحّي ومأْمون، برغْم ما قد يبدو فيه من شدَّة وعنف، أمَّا النَّوع الآخَر من ردَّات الفعل، فإنَّني أصنِّفه من النَّوع الخطير، وهو الاستِسْلام الصَّامت في الظَّاهر الذي يقابله غلَيان وسخط داخلي.
النوع الأوَّل مأمون؛ لأنَّه يدلُّ على العلَّة، فيسعى الأهل إلى معالجتها - كما حصل في حالتنا هذه - أمَّا النوع الثاني فإنَّه علّة خفية، لا تظهر للمراقب الخارجي فلا يكترِث بحلها، وقد تشفيها الأيَّام بعد ذلك، وقد لا تشفيها فتبقى وتستشْري، فإذا بقيَت وتجذَّرت فربَّما تتحوَّل إلى حقد مُؤذٍ في الكِبَر، ولعلَّ حالة قابيل - الَّذي قتل أخاه هابيل بدافع الغيرة - كانت من هذا النَّوع، والله أعلم.
4- ومن المألوف أن تكون الغيرة أشدَّ في حالة تنشِئة الطِّفْل في جو يستأْثِر فيه بالحب والاهتمام، وهكذا فإنَّ الطفل الوحيد أشدّ غيرة من الطِّفل الَّذي يعيش مع إخوة وأخوات، والطِّفل الَّذي يغدق والداه عليه الحبَّ والحنان سيَغار أكثر من الطِّفْل الذي اعتاد الإهمال حتَّى لا يكاد يعرِف الحبَّ والاهتِمام، ولعلَّ هذا الوصف ينطبِق على حالتِنا هذه، فالصَّغيرة وحيدة ولا بدَّ أنَّها تحظى بكثير من المحبَّة والاهتمام، وقد اعتادت العطاء الكثير حتَّى إنَّها ليثيرُ حفيظتَها أن ترى غيرَها من الأطفال ينعم بأي عطاء.
إذًا؛ فإنَّ غيرتَها من ابنة خالِها مفهومة تمامًا، وهي تغار اليوم منها لكنَّها لا تدرك أنَّ الآتي أعظم، فالكارثة تُوشك أن تنزل فوق رأْسها مع وصول القادم الجديد، فما العمل؟
العلاج:
1- أوَّلاً: أحب أن أؤكِّد أنَّ وجود طفلة صغيرة مع هذه الصَّغيرة خلال الفترة الماضية كان مفيدًا جدًّا؛ لأنه ساعد على امتِصاص الصدمة، فاستمرُّوا في التَّعامل الطبيعي مع الطفلتَين ولا تقلِّلوا من الاهتمام بأيّ منهما، بل إنَّني أشجِّع على أن يَحرص الكل - الأبوان والخالات وسواهم - على تعمُّد توزيع الاهتمام كلَّما اجتمعت الطّفلة بابنة خالِها، فإنَّ تجنُّبَ هذه المشاركة سوف يؤكِّد للطِّفْلة حقَّها الطَّبيعي بالاستئْثار بالحب والعطاء، ومشاركة غيرها لها مرَّة بعد مرَّة وبصورة متكرّرة سيحملها على التقبُّل المتدرّج لهذا الأمر.
2- في كلّ الأحوال ينبغي مراقبة الطِّفْلة حينما تكون برفْقة الأطفال الأصغر سنًّا، سواء في ذلك القادم الجديد، أخوها أو أختها، أو أي طفل آخر.
هذه المراقبة ضروريَّة لمنع الضَّرر المحتمَل من اعتداء الطّفلة على أقرانِها الذين تغار منهم، على أنَّه من المهم في هذا المقام أن أوضِّح أمرًا مهمًّا، وهو أنَّ عدوانيَّة الأطفال الصّغار لا ينبغي أن يُنظَر إليْها كما يُنظَر إلى عدوانيَّة الكبار، فالطفل لا يدرك الأبعاد الكاملة لسلوكه العدواني ولا يقْصد به الأذى الحقيقيَّ، وكما قلتِ أنت نفسك في رسالتك، فإنَّ هذه الطفلة تبدي قدرًا كبيرًا من الحبِّ لابنة خالها وتفتقِدها إذا غابت عنها، وهذا الشعور دلالة على شخصيَّة محبَّة لا تضمر الأذى والشَّرّ.
3- الصدمة الكبرى هي وصول المنافِس الحقيقي الأوَّل لهذه الطفلة، وهو أخوها الجديد أو أختها الجديدة، إنَّ التهيئة المسبقة لهذا الحادث الجلل مهمٌّ جدًّا، ومن أدواتِها الحديث المتكرِّر عن "طفل" جديد سيأْتي إلى الدنيا من "بطن ماما" المنفوخ، وهذا الطِّفل سيعيش في البيت معنا، ولن يزورنا فقط في بعض الأيَّام ثمَّ يعود إلى بيته كما تفعل ابنة الخال، وسوف يُشاركنا الحياة ويكون له سريرُه الخاص ولُعَبه الخاصَّة... إلخ.
ومن الخدع التي يلجأ إليها بعض الوالدات والآباء أن يُحضروا للطفل هدية لطيفة يوم وصول المولود الجديد إلى البيت، زاعمين أنَّها هديَّة من أخيه الجديد، وأنا لا أجِد لمثل هذا العمل فائدة تُذكَر؛ لأنَّ الطفل سرعان ما ينسى هذه الهديَّة حينما يبدأ "الإزْعاج" المتوقَّع الَّذي سيصاحب وصول الطفل الجديد إلى البيت، بالإضافة إلى التَّشويه الَّذي سيُصيب مفاهيمَه لبعض الوقت بسبب هذا الادِّعاء الغريب: لعبة جاءت مع المولود من بطْن الأم!
4- لا ريب أنَّ ما يزيد الأمور سوءًا - على المدى القصير - هو خسارة الطِّفل لما عهده واعتاده من الاهتمام والرِّعاية الدائمَين، وهو - على المدى الطَّويل - المحاباةُ التي قد يحسّ بها الطفل وهو يرى معاملة أبويْه له ولأخيه الجديد، وأثْمن نصيحة يُمكن أن يسمَعَها أيُّ أب أو أمّ في هذا السياق: هي أن يعْدِلا بين الأوْلاد جميعًا في المعاملة وفي الحب والاهتِمام والعطاء، وهذا من شأنِه أن يزرع بين الإخوة محبَّة وتفاهُمًا بدلاً من القطيعة والبغضاء.
الوقاية:
بعض التصرُّفات الحكيمة توفِّر كثيرًا من المعاناة، فالذي يصنعه أكثر الآباء والأمهات بعد ولادة طفل جديد هو توجيه الاهتمام لهذا الطِّفل وإهْمال الطفل القديم، وهذا الانقِلاب المفاجئ في العواطف يحسُّ به الطفل، ويدرك أنَّ أخاه الجديد هو السَّبب فيه، فهو قدِ استوْلى على أبويْه وحرَمَه القدْر الأكبر من حنانِهما ومحبَّتهما واهتمامِهما، ومن ثَمَّ فإنَّه سوف يشعُر تِجاهه بالمرارة وتزداد الغيرة منه تأجُّجًا في قلبه؛ لذلك أوصي كلَّ أبوين رُزقا بطفل جديد بألاّ ينسيا الطِّفْل القديم بصورة مفاجئة، ولا يحوّلا الاهتمام والعاطفة إلى الصغير الجديد، فهذا الرَّضيع لا يَحتاج في أوَّل أمره إلى أكثر من العناية المجرَّدة: التغذية والنَّظافة والنَّوم، وهذه لا تستغرق من الوقت الكثيرَ، ويُمكن تقديمها في غفلة من الطفل الأكبر.
فلتحرص الأم على التَّقليل من إظهار لهْفتها واشتياقها للرَّضيع، ولتستمرَّ في محبَّة الطفل الأكبر كما عوَّدته من قبل، وبالتَّدريج سيتقبَّل الطفل الأوَّل الأمرَ الواقع الجديد، وتَختفي الغيرة والمشاعر السلبيَّة بإذن الله.
نحن نتحدَّث هنا عن خطَّة يمكن أن تستغرِق السنة الأولى من عمر الطفل الجديد، كلَّها أو جلّها، وفي هذه الأثناء سيتحلَّى الوالدان بالكثير من الحكمة والأناة، وسوف يتوقَّعان أن يعتدي الطفل الأوَّل على الرَّضيع، وأن يحاول إلحاق بعض الأذى به، فليكن أكثر همِّهما ألاّ ينفرد الطفل بأخيه بلا مُراقبة من واحدٍ منهُما للتدخُّل عند الحاجة، وفي الوقت ذاته من المهمّ ألاّ يُضفيا على الرضيع هالة من القداسة أو الحرص المبالَغ فيه، فلو أنَّهما داوما على إبْعاد الرضيع عن أخيه على الدوام، وحفظه في ملجأ آمِن، والمبالغة في حمايته والدفاع عنه - فإنَّ هذا سيزيد من إثارة أخيه وعدوانيَّته.
وأخيرًا: فلو أنَّ الطّفل اعتدى على أخيه الرَّضيع فآخر ما ينبغي على الوالدَين هو عقابه بسبب ذلك؛ فإنَّه سوف يشعُر بمرارة مضاعفة، مرَّة لأنَّ الصغير أخذ مكانته و"سرق" منه والديْه، والثانية: لأنَّه كان السَّبب في العقاب الذي نزل به، على أنَّ الحزم مطلوب في التَّربية كلّها، فإذا تعلَّم الطفل أن يطيع أبويْه وأن يلتزم بتعليماتِهما في عامَّة الأمور، فسوف يلتزم بالنّظام الجديد الذي يحدِّد علاقته بأخيه الصَّغير كذلك.
الخلاصة: إنَّ مشكلة الغيرة من أكبر المشكلات السلوكيَّة التي يُعنى المربُّون بإصلاحها، وقد حاولت تيسير تشخيصها وحلّها بقدر ما تسمح به مساحة هذا الباب، وأُوصي بعد ذلك بمراجعة كتُب التَّربية؛ فإنَّ فيها ما يفيد إن شاء الله.
وتبقى عندي ملاحظة أخيرة: لو أنَّ هذه الطفلة استمرَّت على غيرتها مع تقدُّمها في السن، فبلغت -مثلاً- السَّادسة أو السابعة وهي ما تزال غيورًا وعدوانيَّة - لا سمح الله - فعندئذ لا بدَّ من بحث المشكلة مع بعض أخصائيي العلاج النفسي؛ لأنَّ هذه العلَّة قد تكون مرضًا نفسيًّا لا مجرَّد مشكلة سلوكيَّة، وأرجو ألا تكون كذلك.
أوَّلها: أنَّ السَّائلة انتبهت إلى المشكلة وحرَصت على حلِّها، رغم أنَّها ليست هي المسؤولة المباشرة عن البنت، بل هي الخالة، والمسؤولُ الأوَّلُ هو الأم.
والثاني: أنَّها وصفت المشكلة وصفًا متكاملاً - على قِصَر السُّؤال - مع عدم إغْفال العناصر الجانبية التي قد يكون لها أثر، كعصبيَّة الأمّ والطفل المنتظَر.
سأحيِّد أوَّلاً عصبيَّة أختك؛ لأنَّها لا علاقة لها غالبًا بالعلَّة التي أنشأتِ السؤال من أجلها، وهي الغيرة، ولاسيَّما في مثل هذا العمر المبكِّر، على أنَّني لن أَغفل عن التنبيه إلى أخطار أخرى يُمكن أن يتسبب بها هذا الخُلُق الذَّميم، فلأتحدث عن "العصبيَّة" قليلاً ثمَّ أنتقِل إلى المشكلة الأصلية.
العصبيَّة هي العدوُّ الأكبر للسَّعادة والاستِقْرار النَّفسي والزَّوجي والعائلي؛ لأنَّها تدمِّر العلاقة مع الشَّريك (الزَّوج أو الزَّوجة)، ومع الأبناء والبنات، ومع الأصْحاب والأقْرباء، بل ومع الذات.
ويا عجبًا ممَّن يدرك أنَّه مصاب بهذا الدَّاء فلا يجتهد في علاجه! ثمَّ هو يقلق ويركبه الهمّ إذا أصيب بِمرض من الأمراض! وهل يكون المرض العابر الذي يمتدّ أيَّامًا في العمر أشدَّ وطأة وأعظمَ أذى من الدَّاء الذي يعصف بالعمر كله؟! ولعلَّ أكثر من يعانون من "العصبيَّة" يظنّون أنَّها مُمارسة شخصيَّة ليس للشَّرع رأْي فيها، فيتهاونون في علاجِها أو الحدّ منها، مع أنَّها من أكثر ما ذمَّه الدّين من الأخلاق القبيحة، رغم أنَّه لم يستخدم هذا المصطلح المعاصر في وصفه.
وما هي "العصبيَّة" إن لم تكن هي "سوء الخلق" الموصوف في الأحاديث والآثار، والذي جاء في تقبيحه وذمِّه ما جاء؟!
عن عبدالله بن عمر: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله تعالى عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ سوء الخلق يُفسد العملَ كما يفسد الخلُّ العسلَ))؛ صحَّحه الألباني من حديث طويل أوَّله: ((أحبُّ النَّاس إلى الله تعالى أنفعُهم للنَّاس))، سلسلة الأحاديث الصحيحة: (906).
وعن العلاء بن الشخير: أنَّ رجلاً جاء إلى رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - من بين يديْه فقال: يا رسول الله، ما الدين؟ قال: ((حسن الخلق))، ثمَّ أتاه عن يَمينه فقال: يا رسول الله، ما الدين؟ قال: ((حسن الخلق))، ثمَّ أتاه عن شماله فقال: ما الدين؟ فقال: ((حسن الخلق))، ثمَّ أتاه من ورائِه فقال: يا رسول الله، ما الدّين؟ فالتفت إليه وقال: ((أما تفقه؟ هو ألاّ تغضب))؛ أخرجه المنذري في "الترغيب والترهيب"، وضعَّفه الألباني.
وعن أنس: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ العبد ليبلُغ من سوء خلُقِه أسفل درك جهنم))؛ خرَّجه الحافظ العراقي وإسناده جيد.
فإذا تخلَّص المرْء من العصبيَّة - التي هي سوء الخلق - وصار "حَسَن الخلق" فقد صار ممَّن يُحبُّهم الله ورسولُه؛ واقرؤوا إن شئْتُم ما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص، عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ من أحبِّكم إليَّ أحسنكم أخلاقًا))؛ أخرجه البخاري، وما رواه جابر أيضًا: ((إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربكم منّي مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا))؛ صحَّحه الألباني في "صحيح الترغيب": (2649)، وفي حديث أبي هريرة: ((إنَّ الله ليبلّغ العبدَ بحسن خلقه درجةَ الصَّوم والصَّلاة))؛ الألباني في "الصحيحة": (2/ 421).
وقد ورد في "حُسْن الخلق" ما ورد، لكن يكفي فيه هذا التَّعبير الجامع المانع، القول الفصْل في المسألة: ((ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق))؛ رواه أبو الدَّرداء وصحَّحه الألباني في "صحيح الترغيب": (2641)، وفي "صحيح الجامع": (5721)، وفي "صحيح الأدب المفرد": (361).
فاحرصي - يا بنتي - على مساعدة أختِك وتخليصها من هذا الخلُق الذَّميم، حاوريها في ساعات الصفاء وبيِّني لها الخسائر الكثيرة التي تتسبَّب "العصبية" بها، وأرْشديها إلى بعض الوسائل والآليات التي تستطيع بها أن تُخفِّف من عصبيَّتها أو أن تستأْصلها من جذرها، وإن شئتِ فابحثي أنت عن هذه الوسائل فليس هنا محلّ تفصيلها.
أمَّا مشكلة "الغيرة" الَّتي هي سؤالك الأصْلي فهذا جوابها:
التشخيص:
1- الغيرة انفِعال نفسي طبيعي في سنوات العُمر المبكِّرة، وهي سلوك تعمل التَّربية على تَهذيبِه خلال الطُّفولة، شأنه شأن أيّ سلوك سلبي آخَر؛ ولذلك فإنَّنا لا نعتبِر الطِّفْلة الغيور طفلة غيرَ سويَّة، لكنَّنا نعتبِر الشَّخص الرَّاشد غيرَ سوي نفسيًّا إذا كانت الغَيْرة طبعًا متمكِّنًا منه ومسيطرًا عليه.
2- للغيرة في هذا العمر أسباب متنوِّعة، جامعُها العام هو رغبة الطِّفْل في الاستئثار بالعطاء، العطاء المعنوي من عطفٍ وعناية واهتِمام، والعطاء المادّي من حَمل واحتِضان وتقبيل وطعام وألعاب، فإذا ما شاركه غيرُه في الحصول على هذا العطاء، فإنَّ الغيرة تستوْلي على الطِّفْل تلقائيًّا، وعندئذ فإنَّه سيلجأ إلى ردّ فعل ظاهِر، فيصرِّح بغيرته ويعبِّر عنها بأكثرَ من طريقة: جذْب الطِّفل المنافس من حِضْن أمِّه، الاعتداء عليْه بالضَّرب أو بشدّ الشعر مثلاً، الصّراخ والبكاء، الطَّلبات المتكرِّرة من أمِّه بغرض صرْف انتباهِها عن الطِّفل المنافس، إلى غير ذلك من الأساليب المكْشوفة التي تدلُّ على الغيرة التي انتابتْه، والصورة التي قدَّمها السؤال تنتمي إلى هذا النَّوع من ردَّات الفعل، وإن يكن ببعض العنف المبالَغ فيه كما يبدو.
3- يُمكنني أن أقول: إن هذا النّوع من ردَّات الفعل صحّي ومأْمون، برغْم ما قد يبدو فيه من شدَّة وعنف، أمَّا النَّوع الآخَر من ردَّات الفعل، فإنَّني أصنِّفه من النَّوع الخطير، وهو الاستِسْلام الصَّامت في الظَّاهر الذي يقابله غلَيان وسخط داخلي.
النوع الأوَّل مأمون؛ لأنَّه يدلُّ على العلَّة، فيسعى الأهل إلى معالجتها - كما حصل في حالتنا هذه - أمَّا النوع الثاني فإنَّه علّة خفية، لا تظهر للمراقب الخارجي فلا يكترِث بحلها، وقد تشفيها الأيَّام بعد ذلك، وقد لا تشفيها فتبقى وتستشْري، فإذا بقيَت وتجذَّرت فربَّما تتحوَّل إلى حقد مُؤذٍ في الكِبَر، ولعلَّ حالة قابيل - الَّذي قتل أخاه هابيل بدافع الغيرة - كانت من هذا النَّوع، والله أعلم.
4- ومن المألوف أن تكون الغيرة أشدَّ في حالة تنشِئة الطِّفْل في جو يستأْثِر فيه بالحب والاهتمام، وهكذا فإنَّ الطفل الوحيد أشدّ غيرة من الطِّفل الَّذي يعيش مع إخوة وأخوات، والطِّفل الَّذي يغدق والداه عليه الحبَّ والحنان سيَغار أكثر من الطِّفْل الذي اعتاد الإهمال حتَّى لا يكاد يعرِف الحبَّ والاهتِمام، ولعلَّ هذا الوصف ينطبِق على حالتِنا هذه، فالصَّغيرة وحيدة ولا بدَّ أنَّها تحظى بكثير من المحبَّة والاهتمام، وقد اعتادت العطاء الكثير حتَّى إنَّها ليثيرُ حفيظتَها أن ترى غيرَها من الأطفال ينعم بأي عطاء.
إذًا؛ فإنَّ غيرتَها من ابنة خالِها مفهومة تمامًا، وهي تغار اليوم منها لكنَّها لا تدرك أنَّ الآتي أعظم، فالكارثة تُوشك أن تنزل فوق رأْسها مع وصول القادم الجديد، فما العمل؟
العلاج:
1- أوَّلاً: أحب أن أؤكِّد أنَّ وجود طفلة صغيرة مع هذه الصَّغيرة خلال الفترة الماضية كان مفيدًا جدًّا؛ لأنه ساعد على امتِصاص الصدمة، فاستمرُّوا في التَّعامل الطبيعي مع الطفلتَين ولا تقلِّلوا من الاهتمام بأيّ منهما، بل إنَّني أشجِّع على أن يَحرص الكل - الأبوان والخالات وسواهم - على تعمُّد توزيع الاهتمام كلَّما اجتمعت الطّفلة بابنة خالِها، فإنَّ تجنُّبَ هذه المشاركة سوف يؤكِّد للطِّفْلة حقَّها الطَّبيعي بالاستئْثار بالحب والعطاء، ومشاركة غيرها لها مرَّة بعد مرَّة وبصورة متكرّرة سيحملها على التقبُّل المتدرّج لهذا الأمر.
2- في كلّ الأحوال ينبغي مراقبة الطِّفْلة حينما تكون برفْقة الأطفال الأصغر سنًّا، سواء في ذلك القادم الجديد، أخوها أو أختها، أو أي طفل آخر.
هذه المراقبة ضروريَّة لمنع الضَّرر المحتمَل من اعتداء الطّفلة على أقرانِها الذين تغار منهم، على أنَّه من المهم في هذا المقام أن أوضِّح أمرًا مهمًّا، وهو أنَّ عدوانيَّة الأطفال الصّغار لا ينبغي أن يُنظَر إليْها كما يُنظَر إلى عدوانيَّة الكبار، فالطفل لا يدرك الأبعاد الكاملة لسلوكه العدواني ولا يقْصد به الأذى الحقيقيَّ، وكما قلتِ أنت نفسك في رسالتك، فإنَّ هذه الطفلة تبدي قدرًا كبيرًا من الحبِّ لابنة خالها وتفتقِدها إذا غابت عنها، وهذا الشعور دلالة على شخصيَّة محبَّة لا تضمر الأذى والشَّرّ.
3- الصدمة الكبرى هي وصول المنافِس الحقيقي الأوَّل لهذه الطفلة، وهو أخوها الجديد أو أختها الجديدة، إنَّ التهيئة المسبقة لهذا الحادث الجلل مهمٌّ جدًّا، ومن أدواتِها الحديث المتكرِّر عن "طفل" جديد سيأْتي إلى الدنيا من "بطن ماما" المنفوخ، وهذا الطِّفل سيعيش في البيت معنا، ولن يزورنا فقط في بعض الأيَّام ثمَّ يعود إلى بيته كما تفعل ابنة الخال، وسوف يُشاركنا الحياة ويكون له سريرُه الخاص ولُعَبه الخاصَّة... إلخ.
ومن الخدع التي يلجأ إليها بعض الوالدات والآباء أن يُحضروا للطفل هدية لطيفة يوم وصول المولود الجديد إلى البيت، زاعمين أنَّها هديَّة من أخيه الجديد، وأنا لا أجِد لمثل هذا العمل فائدة تُذكَر؛ لأنَّ الطفل سرعان ما ينسى هذه الهديَّة حينما يبدأ "الإزْعاج" المتوقَّع الَّذي سيصاحب وصول الطفل الجديد إلى البيت، بالإضافة إلى التَّشويه الَّذي سيُصيب مفاهيمَه لبعض الوقت بسبب هذا الادِّعاء الغريب: لعبة جاءت مع المولود من بطْن الأم!
4- لا ريب أنَّ ما يزيد الأمور سوءًا - على المدى القصير - هو خسارة الطِّفل لما عهده واعتاده من الاهتمام والرِّعاية الدائمَين، وهو - على المدى الطَّويل - المحاباةُ التي قد يحسّ بها الطفل وهو يرى معاملة أبويْه له ولأخيه الجديد، وأثْمن نصيحة يُمكن أن يسمَعَها أيُّ أب أو أمّ في هذا السياق: هي أن يعْدِلا بين الأوْلاد جميعًا في المعاملة وفي الحب والاهتِمام والعطاء، وهذا من شأنِه أن يزرع بين الإخوة محبَّة وتفاهُمًا بدلاً من القطيعة والبغضاء.
الوقاية:
بعض التصرُّفات الحكيمة توفِّر كثيرًا من المعاناة، فالذي يصنعه أكثر الآباء والأمهات بعد ولادة طفل جديد هو توجيه الاهتمام لهذا الطِّفل وإهْمال الطفل القديم، وهذا الانقِلاب المفاجئ في العواطف يحسُّ به الطفل، ويدرك أنَّ أخاه الجديد هو السَّبب فيه، فهو قدِ استوْلى على أبويْه وحرَمَه القدْر الأكبر من حنانِهما ومحبَّتهما واهتمامِهما، ومن ثَمَّ فإنَّه سوف يشعُر تِجاهه بالمرارة وتزداد الغيرة منه تأجُّجًا في قلبه؛ لذلك أوصي كلَّ أبوين رُزقا بطفل جديد بألاّ ينسيا الطِّفْل القديم بصورة مفاجئة، ولا يحوّلا الاهتمام والعاطفة إلى الصغير الجديد، فهذا الرَّضيع لا يَحتاج في أوَّل أمره إلى أكثر من العناية المجرَّدة: التغذية والنَّظافة والنَّوم، وهذه لا تستغرق من الوقت الكثيرَ، ويُمكن تقديمها في غفلة من الطفل الأكبر.
فلتحرص الأم على التَّقليل من إظهار لهْفتها واشتياقها للرَّضيع، ولتستمرَّ في محبَّة الطفل الأكبر كما عوَّدته من قبل، وبالتَّدريج سيتقبَّل الطفل الأوَّل الأمرَ الواقع الجديد، وتَختفي الغيرة والمشاعر السلبيَّة بإذن الله.
نحن نتحدَّث هنا عن خطَّة يمكن أن تستغرِق السنة الأولى من عمر الطفل الجديد، كلَّها أو جلّها، وفي هذه الأثناء سيتحلَّى الوالدان بالكثير من الحكمة والأناة، وسوف يتوقَّعان أن يعتدي الطفل الأوَّل على الرَّضيع، وأن يحاول إلحاق بعض الأذى به، فليكن أكثر همِّهما ألاّ ينفرد الطفل بأخيه بلا مُراقبة من واحدٍ منهُما للتدخُّل عند الحاجة، وفي الوقت ذاته من المهمّ ألاّ يُضفيا على الرضيع هالة من القداسة أو الحرص المبالَغ فيه، فلو أنَّهما داوما على إبْعاد الرضيع عن أخيه على الدوام، وحفظه في ملجأ آمِن، والمبالغة في حمايته والدفاع عنه - فإنَّ هذا سيزيد من إثارة أخيه وعدوانيَّته.
وأخيرًا: فلو أنَّ الطّفل اعتدى على أخيه الرَّضيع فآخر ما ينبغي على الوالدَين هو عقابه بسبب ذلك؛ فإنَّه سوف يشعُر بمرارة مضاعفة، مرَّة لأنَّ الصغير أخذ مكانته و"سرق" منه والديْه، والثانية: لأنَّه كان السَّبب في العقاب الذي نزل به، على أنَّ الحزم مطلوب في التَّربية كلّها، فإذا تعلَّم الطفل أن يطيع أبويْه وأن يلتزم بتعليماتِهما في عامَّة الأمور، فسوف يلتزم بالنّظام الجديد الذي يحدِّد علاقته بأخيه الصَّغير كذلك.
الخلاصة: إنَّ مشكلة الغيرة من أكبر المشكلات السلوكيَّة التي يُعنى المربُّون بإصلاحها، وقد حاولت تيسير تشخيصها وحلّها بقدر ما تسمح به مساحة هذا الباب، وأُوصي بعد ذلك بمراجعة كتُب التَّربية؛ فإنَّ فيها ما يفيد إن شاء الله.
وتبقى عندي ملاحظة أخيرة: لو أنَّ هذه الطفلة استمرَّت على غيرتها مع تقدُّمها في السن، فبلغت -مثلاً- السَّادسة أو السابعة وهي ما تزال غيورًا وعدوانيَّة - لا سمح الله - فعندئذ لا بدَّ من بحث المشكلة مع بعض أخصائيي العلاج النفسي؛ لأنَّ هذه العلَّة قد تكون مرضًا نفسيًّا لا مجرَّد مشكلة سلوكيَّة، وأرجو ألا تكون كذلك.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن