"برأيك" للإستفهام أم للإنكار
نانسي خلف
مرة فنانة، مرة زوجة معنفة، مرة ممرضة، ومرة عرافة.. إنها متعددة المواهب عند من يرى الصورة مع كاتم للصوت، ومتطفلة في آرائها عند من يجمع تركيزه على الحوار. تستضيفهم لتسألهم: «ما رأيك؟».. ولكنها كالأم التي تسأل ابنها: «ما رأيك أن نذهب لبيت جدتك؟» دون أن تترك له الخيار بين احتمالين!
وهكذا ظهرت على الشاشة بسياسة الفرض المبطـن، تحكّـم رأيهـا وتلغـي الحـوار مدّعيـة الانفتـاح وقَبول الآخر
والسؤال: أين تبادل الرأي وتعدّد وجهات النظر في سؤال يسير نحو وجهة واحدة ويعطي خياراً واحداً؟
أو كمن يسأل: «ما رأيك باغتصاب الزوج لزوجته»؟! ولكن من قال لك يا عزيزي الفقيه أن المعاشرة الزوجية - ولو لم تكن على نفس المستوى من الرغبة - تسمى اغتصاباً؟ وكأنه تزوجها غصباً ولم يكن بينهما أفراح وليالٍ ملاح. فعجباً كيف ننظر لحالة نفسية معينة ونعرّيها عما سبقها من سلبيات وإيجابيات لنخرج بكلمة غير منطقية: (اغتصاب الزوج)!! فإذا سُمّي الزوج مغتصباً لنَيْل حقٍ من حقوقه بعقدٍ جمع بينهما، فلا أدري ماذا نسمي من فعل هذا الفعل الشنيع وهو ليس من حقه؟! منطق واحد يجمع الفريقين في بوتقة فرض الرأي بغير حجة ولا إقناع. فلِمَ لا تفتح أمام الآخر - ونحن الآخر - فرصة أن يعطي رأيه دون تأثيرات جانبية وبدون ادّعاءات (رأيي كذا وهو الصواب ولكن ما رأيك؟)
فأسلوب (رفع العتب) لا يليق بأي مُحاور، فكيف إذا كان على وسيلة إعلامية مرئية؟
هذه هي (أجندتهم الإعلامية). يخططون لها ولا يتزحزحون عنها، ولكن حتى لا يخسروك كمشاهد - وليس كمفكر ومحلل - فهم يسألونك (رفعاً للعتب): ما هو رأيك؟
وهذا هو الحال، تغليفة جديدة من التقديم الإعلامي، حيث تظهر المقدِّمة في كل حلقة بدور جديد تجسده وتقلد فيه شخصية معروفة. فعندما تأخذ المقدمة دور المرأة المعنفة والكدمات ظاهرة على ملامح وجهها فإنك نوعاً ما ستتعاطف معها ومع حالتها قبل أن تسمع أي مقدمة أو كلمة من الحلقة - وفي المقدمة يكون تركيز المشاهد عالياً جداً فكيف في أول حلقة من البرنامج؟! فكان لا بد من البدء بصور العنف والإرهاب والتفجير، وكلها مفاهيم يسعى الإعلام إلى ترسيخها في العقول، لا بل وجعلها مرتبطةً بقضايا المسلمين والحجاب والتدين، والالتزام والإسلام ككل، والهدف أن تشعر كيفما استدرت أن الإسلام مرتبط بالفقر والإرهاب. نعم، إنها قواعدُ لكسر الوعي في عقول الناس عامة والمسلمين خاصة، وعلى سبيل المثال فإن المشاهد التلفزيونية أو السينمائية لا بد إذا وُجد فيها عنف أن يرافقه صوت أذان أو منظر فقر، أو خوف يرافقه الحجاب، أو عجوزٌ ملتحٍ، وهي موجات من زراعة الشك في نفس المتلقي.
أسلوب إعلامي مبتذل يعمل على تحريك العواطف وتحوير المواقف لِكَسب المشاهدين والترويج لفكره.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن