عبرة تونس... أليس الإسلام أهم من لقمة العيش؟
كتب بواسطة بقلم: الشيخ حسن قاطرجي
التاريخ:
فى : المقالات العامة
876 مشاهدة
جاءت الأحداث المتسارعة في تونس هذا الشهر بعد حادثة إشعال الشاب الخرِّيج الجامعي (محمد البوعزيزي) النار في جسده وقد سُدَّتْ في وجهه كل سبل الحياة الكريمة - وحتى غير الكريمة! - وأُهين في لقمة عيشه، ثم لما راح هائماً على وجهه ليشتكي ظلم الظالمين ودخل دائرة حكومية مستجدياً أن يُنصَف في مَظْلمته وإذا بموظفة متكبرة تصفعه على وجهه! فخرج وقد أُغلق على عقله فارتكب ما ارتكب غفر الله له فأشعل باشتعال جسده ثورة في تونس أسقطت نظام طاغية مستبدّ بقي يُعربد أكثر من عشرين سنة: يحارب الإسلام ويمنع التديُّن ويقهر الناس ويخنق الحريات ويمارس في سجونه أبشع أنواع التعذيب التي لا يُتصوَّر من الوحوش المفترسة الهائجة اقترافها... أبقاه الله الجبّار ذليلاً طَريداً محتَقَراً يتجرّع علقم كِبْره وإجرامه وتَتَتَالى عليه لعائنُه سبحانه وتعالى إلى يوم الدين.
نقف أمام هذه الحادثة المفجعة لنلفت الأنظار إلى الحقائق التالية:
الأولى: أن الحرية والتمرّد على الظلم وكُره الطغيان يجب أن تتربى الشعوب المسلمة تربية مركّزة عميقة على أنها حق لها ومن أعظم واجبات دينها ومقتضيات إنسانيتها.
الثانية: أن القهر والطغيان والظلم تؤول إلى زوال {وسيعلم الذين ظلموا أيّ مُنقلب ينقلبون..}. وفي ذلةِ ومهانةِ ومصير الطاغية (بن علي) وقد فرّ فرار الفئران هارباً من تونس: عبرةٌ عظيمة لمن له عقل من الطغاة، ودرسٌ بليغ للشعوب في قدرتها على محاسبة المجرمين إذا هبَّت بكل قوتها واجتمعت إرادتُها وتوحّدت كلمتها.
الثالثة: مسؤولية العلماء وأهل الرأي والدعاة في جعل مطلب (عِزّة الدين) و(مرجعية الإسلام) و(مكانة الشريعة) أعز وأهم وأخطر من مطلب (لقمة العيش) مع أهمية ذلك وضرورته وعدم التهوين من صعوبة مصادرته، ومع بشاعة جريمة قهر الإنسان وإذلاله من أجل تحصيل مطلبه الحياتي. وهذا يتطلب (توعية... وتربية) للشعوب لأن التديُّن ضرورة فطرية وفريضة ربانية وهو أعظم فرائض الله سبحانه على خلقه، فيستحق أن يُضحَّى من أجله بالغالي والنفيس. ولذلك لو فُقّه الناس في عِظـم هذا المطلب وفي ضرورته لسعادة حياتهم وإرضاء ربهم ولضمان نجاتهم في آخرتهم وتربَّوْا على أهميته والشجاعة في طلبه والإصرار على نَيْله لكُنّا رأينا استعداداً من الشعوب المسلمة لأن تضحِّي في سبيل ذلك كما ضحى الشعب التونسي وثار من أجل كرامته وغيظاً ضد طُغاته!
الرابعة:دور الشباب في التغيير والطاقات المختَزَنة الهائلة المتوفرة عندهم؛ فيجب على الصحوة الإسلامية أن تُعنى عناية كبيرة باحتضانهم وترشيد توجّهاتهم والاستفادة من مخزون طاقاتهم الضخم الذي تجلّى في هذه الثورة حتى سُمِّيت ثورة الشباب في تونس.
وهنا تأتي النصيحة الغالية للعلماء الربانيين والدعاة الصادقين في وجوب أن يأخذوا الدرس في أن يكونوا في الأمام وروّاد التغيير... أولاً لإزالة شبهة أن الدين أفيون الشعوب، وثانياً لاستعادة دور العلماء في قيادة الشعوب وعدم ترك الساحة فارغة فتتقدم التيارات اليسارية والأحزاب العلمانية فتسرق الإنجاز وتملأ الفراغ كما حصل مرات ومرات!!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة