أغلقي الباب جيداً (2 من 2)
في الحلقة الماضية من هذه «الدردشة» عرضنا لموضوع الاختلاط بين الشبان والصبايا وناقشنا بعض الشُّبهات التي تُطرح حوله، وفي هذا العدد نستكمل بمناقشة المزيد من الشبهات...
صبية قدّمتْ تسويغاً جديداً للاختلاط فقالت: إنني فتاة ملتزمة ومتدينة بفضل الله، أختلط بالشباب لكنني لا أختلط إلا بالمتدين صاحب الأخلاق الفاضلة! وهذا فقط لأغراض دعوية دينية وأعمال تطوعية لا أكثر؛ فما المشكلة في ذلك؟!
حبيبتي.. اسمحي لي قليلاً: أنت باعتبارك فتاة متدينة وملتزمة.. هل يلفت نظركِ في الشارع شاب يحمل سيجارته بين أصابعه، ويرفع صوت الأغاني بهاتفه؟! بالطبع لا... لكن أُصدقيني القول: هل سيكون الأمر كذلك إن مررت بشاب لمستِ في وجهه علامات الصلاح والتدين والأخلاق الرفيعة؟!
فالملتزمون لن يعشقوا إلا ملتزمات.. ولن يفتنهم - والعياذ بالله - إلا المتدينات! وكذلك الملتزمات.. وكم من قصص كهذه يا عزيزاتي بدأت بالطاعة والأعمال الخيرية.. وانتهت بأولئك الملتزمين في قوائم العاصين وأصحاب الكبائر؟!
ولقد وردتني قصة عن «فتاة ملتزمة وقعت في حب شاب يعمل في الجامعة بالعمل الدعوي التطوعي، وتتواصل معه تواصلاً خفيفاً جداً وذلك لأغراض دعوية لا أكثر.. إلا أنها كانت تترقب هذا التواصل يوماً بيوم، وتترقّب لحظة إقامته للأذان في المصلى الجامعي حتى تسمع صوته! وتنتظر خروجه من المصلى فقط لتنظر إليه! .. واستمرت على هذه الحال فترة من الزمن .. حتى وصل خبرها إلى ذلك الشاب .. فحاول ما استطاع أن يبتعد عنها وعن طريقها حتى لا يفتنها أكثر من ذلك.. إلا أنها حين علمت صارت تتقرّب إليه.. حتى وصلا إلى مرحلة الخروج معاً، ثم لوحظ عليهما ابتعادهما عن الالتزام والتدين.. وما زالا على هذه الحال.. نسأل الله لهما الهداية»!
وتلك التي تقول: أنا لا أختلط إلا بشبّان عائلتي وأقربائي!
عزيزتي.. أوَليسوا شبّاناً؟! أوَليس فيهم تلك الغريزة ذاتها؟! إنهم كأي شاب ترَيْنه في الشارع أو الجامعة أو العمل.. فليسوا من محارمك.. ومن القصص المؤسفة التي أخبرتني بها إحداهن: «كنت أعيش في جو عائلي غير ملتزم كثيراً، فكان من المسموح به أن نجالس أقرباءنا الشبان.. إلى أن خرجنا يوماً جميعاً في نزهة.. ففوجئتُ باقتراب ابن عمي مني وجلوسه بجانبي.. لم يكن جلوسه بجانبي هو المشكلة أبداً! فهذا شيء كنا قد اعتدنا عليه.. إنما ما فاجئني مصارحته لي بأنه يحبني!
وأخذنا بالتلاقي خلسة.. والخروج معاً دون أي رقيب أو حسيب.. حتى شاء الله لابن عمي أن يذهب في رحلة إلى العمرة.. عاد بعدها رافضاً لكل أشكال المعصية! وقد كتب الله له بعدها بفترة وجيزة أن يتزوج فتاة ملتزمة ومتدينة قضت على آخر آمالي بعودته إلي!.. فعزفتُ تماماً عن الزواج.. وساءت حالتي النفسية إلى أبعد حد.. وفكرت مراراً بالانتحار.. حتى علاقتي بأمي وإخوتي لم تعد كسابق عهدها.. فلم يعد في الدنيا مَنْ يطيق سماع كلماتي الجارحة التي تخرج من قلب أْوْجَعَه الفراق.. وآلمته أحلام الحب الواهية!».
ربما بعد قراءة هذا الكلام قد تتساءل إحدانا: كيف أجنّب نفسي الاختلاط ما استطعت إلى ذلك سبيلاً؟!
بداية اعلمي أختي الكريمة أن التفكير بغلق الباب في وجه الاختلاط هو أول خطوة للتخلص منه ولتوقّي شروره بإذن الله.. بالنسبة لدراستك الجامعية؛ فالاختلاط فيها شرّ لا بد منه إن كنت تأمنين الفتنة على نفسك.. فكل ما عليكِ عندها أن تتوخَّيْ الحذر في تصرفاتكِ ولباسكِ وكلامكِ أمام الجنس الآخر.. وأن تقطعي كل سبيل للحديث بينك وبين أحدهم بدون داعٍ حقيقي (وهذا الداعي يستطيع ضميرك السليم أن يقدّره جيداً)..
أما في العمل عزيزتي.. فالحال كما في الجامعات إلا أن تكوني غير مضطرة للعمل.. وبمقدوركِ عندها البحث عن عمل آخر..
ماذا عن الأعراس المختلطة؟!.. صدقاً ومن كل قلبي.. أنصحكِ أن لا تحضريها البتّة!! ففيها كل مفسدة وسوء أخلاق وغيرها من السيئات والآثام، فاتركيها لوجه الله.. والله يعوضك خيراً!
والجلسات العائلية؟!.. حبيبتي.. اقتصدي منها ما استطعتِ؛ مع مراعاة اللباس الشرعي والاقتصاد كثيراً في الحديث إلى غير محارمكِ..
وعليكِ أيضاً أن تنتقي صديقاتك بعناية؛ فلا تصاحبي من هان عليها الاختلاط ورأت فيه عادة طبيعية لا مشكلة فيها.. لأنها ستُغريكِ به.. وأخيراً تحصّنَي بتقوى الله وقراءة القرآن والدعاء بأن يحفظك الله من هذه الأوبئة ويعينك على الاحتراز منها..
ختاماً: سبحان من جعل لكل غريزة وشهوة زرعها في نفس الإنسان طريقاً سليماً آمناً لإشباعها دون فساد ولا إفساد.. فحصّننا من غريزة الميل للجنس الآخر بالزواج.. ففيها صَوْن الزوجين عن الحرام وعفافهما وإعانتهما على دينهما ودنياهما معاً..
نسأل الله لنا ولكم كل الخير والمعافاة.. وننتظر آراءكن، إضافاتكن، أفكاركن، ونقاشاتكن حول موضوعنا على صفحتنا على الفيس بوك..
www.facebook.com/mdaeyat
فحياكُنّ الله. ..
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة