ماجستير في الدراسات الإسلامية
مسؤولة اللجنة الدعوية - جمعية الاتحاد الإسلامي
قرأْتُ كتاب "الحرب" للصحفي بوب وودوارد وهو يندرج في إطار التسويق الانتخابي لصالح حملة بايدن - هاريس ليس إلّا، مع تركيز شديد في المقارنة بين إدارة بايدن وترامب وتلميع واضح لسياسة إدارة بايدن وتمسيح جوخ يثير اشمئزاز القارىء المسلم المطّلع المثقّف والمضطلع في كل ما ارتكبه بايدن تجاه المسلمين في فلسطين وغزة ولبنان، حيث غفل الصحفي الكاتب عن وصمة العار والخزي التي التصقت أبد الدهر بإدارة بايدن في مساندته لحرب الكيان المحتل لفلسطين ودعمه المطلق وتنسيقه الكامل وإخضاعه المنظومة العربية لإملاءاته مما أدّى إلى أن أطلق الشارع العام الأميريكي الحرّ -المناهض لحكومة المجازر الص-ه-يونية الداعم لغزّة، ولحرّيتها الشعبي منه والشبابي الجامعي والأكاديمي وعدد من السياسيين - لقب قاتل ومجرم حرب عليه.
يقطُرُ من الكتاب سّم العنجهية الأميريكة قطرًا والاستعلاء والفوقية وما تدّعي حكومة الولايات المتحدة دومًا أنّها تسعى إليه "شُرطية الكوكب"!! لجعل العالم أكثرُ أمنًا!!
ففي معرض توصيف الصحفي بوب لشخص وكوامن ودوافع وأسباب مهاجمة بوتين لأوكرانيا ظهر لنا أنّه سادي، يعيش في أوهام الماضي، مريض نفسي يعاني من الارتياب النفسي، مجرم! وفي المقابل يُظهر إدارة بايدن أنها الملاك النازل من السماء لحماية أوكرانيا وأوروبا في محاولة مقزّزة منه لتشويه بوتين وتلميع بايدن!
كمٌّ من الافتراءات والكذب حشدها الصحفي لإظهار إدارة بايدن وكأنّها صمّام أمان الكوكب وإلصاق كلّ الشرور والتهم بروسيا...
حيلة رخيصة ما عادت تنطلي على أحد، فبوتين كبايدن تمامًا في إجرامهما ضدّ المسلمين. فبوتين أهلك الحرث والنسل في سوريا بالتعاون التام مع إيران المحتلّة للعراق وسوريا واليمن ولبنان، وصبّ الحقد والإجرام على المسلمين هناك صبًّا كرمى لمصالح روسيا الجغرافية والمطامع الاقتصادية وخاصة فرقة القتل المرتزقة فاغنر التي عاثت في كل بلد تروم روسيا فيه مصلحتها فتقتل فيه وتفجّر حتى وصلت السودان وليبيا... ويرى بعينه الروسية مصلحة حيويّة تقضي بمنع الناتو من الاقتراب من حدوده عبر نشر ترسانته في أوكرانيا! بلد أوروبي شرقي له فيه امتداد جغرافي سياسي اقتصادي، كان جزءًا من الاتحاد السوفياتي البائد، ويضرّه وجود رئيس نازي فيه يتّبع الغرب ...
وبايدن الذي أمدّ النتن- يا- هو بأخطر القذائف والصواريخ لتنهال على مستشفيات ومراكز الإيواء والبنى التحتيّة لغزة فأصبحت أثرًا بعد عين واستشهد ٥٠ ألفًا من شعبها وجرح ما يفوق المئة ألف وتشرّد مليون ونصف منهم يهيمون في بؤرة الأمراض والأوبئة غير الذين استشهدوا من الجوع ...
لقد حرص الصحفي بوب كل الحرص على إبراز وزير خارجية بايدن الذي يسمّى أنتوني بلينكن وكأنّه "فراشة السلام" الذي سافر سفرات مكوكيّة على مدى هذه السنة ويزيد، ساعيًا (بزعم الكاتب) لكبح جماح الكيان المحتلّ والتخفيف عن غزّة وفلسطين!!
سبحان الله، لو لم نكن على قيد الحياة وعشنا حرب غزّة لحظة بلحظة، وقرأنا هذا بعد ألف سنة لانطلى علينا هذا الهراء وهذا الكذب.
ولفتني التعظيم المستمر في كلّ ثنايا الورقات، الذي يجعل من جهاز المخابرات الأميريكية أعظم مصدر للمعلومات وأقوى مرجع للتحليل ولرصد مايصل من كل الكوكب.. ولكنّه وياااا للعجب ويااا للدهشة! فشل في حماية الكيان المحتلّ أو تحذيره من طوفان الأقصى ويوم سبعة أكتوبر! هذا فضل الله تعالى والله غالب ...
ويااا للعجب فشل هذا الCIA في رؤية العبور المجيد للأبطال في ح- م - ا- س وانحجب كلّيًّا عن تحليل الصور والمعلومات التي وصلته، فصدّق كلّ رواية الموساد جملة وتفصيلًا، بكل كذبها وتخرصاتها ودجلها وإفكها وبهتانها..
وفشل هذا القسم العظيم لديها في اكتشاف كذب النتن نفسه حول رؤوس أطفال واغتصاب نساء وحرق أحياء وووو... وكل الذي ظهر عواره وكذبه فيما بعد حين خرج للعلن أن طوافات الكيان هي التي قصفت مواطنيها وفظّعت فيهم وأن الكيان هو الذي قطع رؤوس وتسبب بمجاعة ووووو...
أغفل الصحفي بوب هذه الحقائق كلها وأنحى باللائمة على المقاومين الشرفاء وحاكم الضحايا تحت التراب وفي الرماد، وتبنّى موقف الكيان بالكامل مبرّرًا لإدارة بايدن وجهاز مخابراته الفاشل ونائبته الكذابة هاريس ثم عرج على تبيين كل ما حصل مع بلينكن حين اجتمع بحكّام الأنظمة العربية ؛ بالتفاصيل المملّة، شرع يصف بالألوان وبالرائحة وبالغمزة واللمزة فضائحهم بالجملة لم يستبقِ منهم واحدًا..
هنا لم أستطع إلّا أن أشمئزّ وأقرف، حيث انتابني الغثيان من هول الذي قرأته .
كتب الصحفي الثرثار البريء أن معظم حكّام العرب اتّفقوا على القضاء على حماس، وأن لا يتركوا أحدًا من قياداتها على قيد الحياة، وأن ينتهجوا الصبر! حتى ينالوا منها لأنها متجذّرة في الفلسطينين وتعبّر عن أملهم الباقي الوحيد في التحرّر من الكيان المحتل، وأنّ غزّة سبّبت لأحدهم وجع رأس، هو بغنى عنه، يريدون كلّهم التطبيع فلا يجب تأخير مطمعهم هذا، فأعطوا موافقتهم كلّهم على القضاء عليها ولكن احموا المدنيين رجاء (هكذا يخاطب حكام الأنظمة إدارة الكيان المحتل الأكثر إجرامًا وخطرًا على بني الإنسان) فرشح عن اجتماعات بلينكن معهم:
حماية المدنيين (حُرقوا أحياءً وماتوا رعبًا وجوعًا ولم يُفتح لهم معبر رفح ليهربوا من القصف ولا ليتداوَوْا إلّا ببداية الحرب شرط أن يدفع كل واحد مغادر مبلغ خمسة آلاف دولار ويزيد).
رجاء لا تمنعوا شاحنات الأكل والدواء من الدخول (بالطبع العكس حصل)، نريد لغزّة الراحة والهدوء وسنعطيكم كلّ ما تحتاجونه من خرائط وداتا عن حماس التي نكره...
ثمّ عرج الصحفي ليحكي عن تواطؤ ذات الوجهين مع بايدن، والمسرحية التي اتفقت عليها معه، أنت تضرب وأنا أضرب، فقط ضمن (متى وأين وكيف؟).
هذا الإجرام الشنيع والوقاحة القبيحة وتبريرهما لم يفلح في جعل الكتاب موضوعيًّا أو حياديًّا بل شعرتُ في مكان ما أنّ التوجّه العام لدى ناخبي هاريس هو التخلّص أيضًا من ترامب، بعد أن ساق الصحفي بوب جملة تفصيلات ومبرّرات تبرهن أن ترامب خسيس وفاشل وعميل (اقرأوا تخوينه لأنه معجب ببوتين، وحين اتصل بالرئيس الصيني والكوري الجنوبي وآرائه في كوريا الشمالية).
شعرتُ بأنّ بوب هذا يهدّد الولايات المتحدة بداعش خراسان!! التي تقف وراء باب ما تنتظر الانتخابات تحدّق من خرم الباب ...
إنّ الذي يخرج به القارىء هو فضيحة تلو فضيحة وجريمة تلو جريمة كاملة الأوصاف عن اتحاد رؤوس الشر العالمي، على بقعة صغيرة بمساحة لا تُذكر؛ فيها شرفاء يعبدون الله تعالى، ويسألونه الحرية لأنّهم محاصرون من أنظمة بني جلدتهم الخونة، وفيها أبطال قاوموا الظلم وقالوا لا للظالم فتكالبت عليهم الأمم لتخنقهم وتخفيهم عن الوجود فاختفوا تحت الأرض ولم يخرجوا إلّا ليحاولوا تحرير هذه البقعة المباركة من أكناف بيت المقدس... شعرتُ بالاختناق والقهر العظيم عليهم.. الله تعالى غالب ولكن الناس لاهية وفي غيّها سادرة..
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
ماجستير في الدراسات الإسلامية
مسؤولة اللجنة الدعوية - جمعية الاتحاد الإسلامي
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة