حرب أعراض... فأين الرجال؟
لم يكن مجرد دردشة ذلك الحوار الذي دار بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إنما كان دروساً في علوم التربية والنفس والاجتماع؛ بل كان حَجَر الأساس الذي أسّس لنفسية سوية وفكرٍ سليم... بل كان قانوناً حَكم الأمة الإسلامية ولم يزَل... مع اختلافاتٍ في تطبيقه عبر العصور... إنه الشاب الذي راودته نفسه وأغوته باقتراف الفاحشة... فأتى بكل براءة يستأذن في ذلك... فما كان من رسولنا صلى الله عليه وسلم إلا أن ناقشه مناقشة لامَستْ بُعدَي الإنسان فيه: العقل والقلب معاً... "أتحبه لأمك، لابنتك؟ لأختك؟ لعمّتك؟ لخالتك؟..." ويقول الشاب: لا يا رسول الله جعلني الله فداك... فيُجيبه صلى الله عليه وسلم: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، لبناتهم..."... ثم يدعو له: "اللهم اغفر ذنبَه، وطهِّر قلبَه، وحصِّن فَرْجَه". فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء (رواه أحمد).
قال تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً) ...
فبعد وقاية المجتمع وتحصينه وتوفير ظروف حمايته تأتي حكمة وضع العقوبات الرادعة: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ...)؛ وكانت العدالة والواقعية في التمييز بين البكر والثيِّب جَلداً أو رجماً حتى الموت ...
وهنا أيها "الجَزِعون" مِن تطبيق حدود الله يكمن سر طهارة المجتمعات الإسلامية في عصور النور، وهنا أيها "المنتقدون" لشرع الله أَمِنت المرأة على نفسها... وهنا أيضاً أَمِن الرجل من فتنة المرأة ...
هذا في الزنا (حالة الرضا بين الطرفين بحسب التعبير "القانوني" المعاصر).
فما بالنا في حالة الإكراه على الفاحشة؟... حالة الاغتصاب ...
وفي المقابل ...
تُسن العقوبات القانونية، وتُنفَق مليارات الدولارات لحماية النساء من جرائم الاغتصاب في أماكن النزاع المسلّح وفي غيرها وتكون النتيجة: المزيد ثم المزيد ثم المزيد من ارتفاع نِسَب الاغتصاب ...
ففي تقرير بثّته إذاعة هولندا العالمية بتاريخ 10 كانون الأول 2007 بعنوان: "الاغتصاب سلاحاً... النساء والحروب والعدالة" جاء: "في يوليو 2002، صادقت 60 دولة على تشريع روما، الذي قاد إلى تأسيس المحكمة الجنائية الدولية التي يوجد مقرها في لاهاي بهولندا. كانت تلك الوثيقة هي الأولى من نوعها التي تعترف بأن الاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى وقت النزاعات المسلحة، تمثل جريمة حرب، جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية ".
وفي مقالة كتبها مؤسس اللجنة العربية لحقوق الإنسان د. هيثم المناع في 9 نيسان 2012 بعنوان: "الاغتصاب جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية" قال فيه: "منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، بُنيت ترسانة قانونية قوية ضد الاغتصاب في زمن الحرب. ولدينا من النصوص في القانون الدولي الإنساني وقرارات المحكمة الجنائية الخاصة بنورنبرغ ورواندا ويوغسلافيا السابقة وسيراليون وكذلك ميثاق روما، ما يضع الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي في خانة جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية, وكذلك الجرائم المتعلقة بالإبادة الجماعية. ومنذ عام 2000 اعترف مجلس الأمن من حيث المبدأ بأن كل ما له صلة بالعنف الجنسي، يعتبر جزءً من عمله، عندما تبنى القرار رقم 1325 الخاص بالنساء والسلام والأمن. رغم ذلك، لم تقع محاسبة أو محاكمة واحد بالمائة ممن ارتكب هذه الجريمة!!! بل يمكن الحديث عن تردٍّ في أوضاع العنف الممارس على النساء في زمن الحرب ".
فأين المنظمات التي تخوض المعارك لتفرض علينا تبنّي القوانين الصادرة عن المؤسسات الدولية لحقوق الإنسان.. أين هي من عجز تلك الاتفاقيات عن حماية المرأة... بل عن حماية الإنسان وكرامته وعِرضه وحريته؟ !
أين الذين يجرِّمون "الاغتصاب الزوجي" (هذا المصطلح المهزلة) من عمليات الاغتصاب المنظَّم الذي يهدف فقط إلى إذلال أمة بأكملها تميّزت بطهارة نسائها وحيائهن... أمة: أعراض حرائرها تمثّل أحد أهم مقوِّمات رأس مالها الحقيقي: "مَن مات دون عِرضه فهو شهيد"... تلك العمليات التي تُستخدم سلاحاً استراتيجياً للضغط على الخصم ولإرغامه على التراجع !!
يقول ثائر سوري في اتصالٍ له على إحدى الفضائيات: "سامحناكم على دمائنا التي تسيل، وبيوتنا التي تُهدم، وأرواحنا التي تُزهق؛ ولكن والله لن نسامحكم على أعراضنا التي تُنتَهك" (ورد الخبر في مقالة ساخرة بعنوان: "فقه المرأة المغتصبة"، لمحمود ناجي الكيلاني، من مركز المقريزي للدراسات التاريخية، 20 آذار 2012 .
أمورٌ لو تأملهنَّ طفلٌ
لطَفَّلَ في عوارضه المشيبُ !
أتُسبى المسلمات بكل ثغرٍ
وعَيْش المسلمين إذاً يطيبُ؟
أما لِلهِ والإسلام حقٌ
يدافع عنه شبانٌ وشيبُ؟
فقل لذوي البصائر حيث كانوا
أجيبوا اللهَ وَيْحَكُمُ أَجِيبوا
لقد درجت المسلمات اللاتي اغتُصبن في الشيشان والبوسنة والهرسك وكشمير وكوسوفا والعراق على استغاثة المسلمين في العالم... حتى إذا ما انقطع الرجاء إلا من الله... منهن مَن طالبن بإرسال حبوب منع الحمل لهن، حتى لا يحملن سفاحاً، وأخريات طالبن المجاهدين بقصف السجون التي يُغتصبن بها كما حدث في العراق على أيدي الأمريكان والمليشيات العراقية... واليوم تطالب المسلمات السوريات المغتصبات فقط بإصدار الفتاوى بحكم إسقاط الأجنّة... لأنهن لا يتوقّعن الكثير من "أولي الأمر" الذين يتكلمون كثيراً ولا يعملون إلا القليل... إن عَمِلوا !!!
استغاثةُ آلاف الحرائر لم تصل... رغم سرعة قنوات وصولها، في حين يبلغ نداءُ امرأة من عَمُّوريّة - قيل إن روميّاً عمد إلى طرف جلبابها فرفعه (ولم يغتصبها)، كما قيل إنها نصرانية لا مسلمة - مسامعَ المعتصم من جندي مسلم شهم شدّ الرحال وسار المسافات والليالي الطِّوال حتى أبلغه نداءها، فلا يُكمل المعتصم شراباً في قدحه حتى يجهز جيشاً جراراً ليثأر لها... حتى فاسق بني ثقيف الحجّاج بن يوسُف سجّل له التاريخ أنه لم ينم عن استغاثة امرأة مسلمة في الهند فأرسل لها جيشاً قوامه ستة آلاف مجاهد بعُددهم وعتادهم وكلف ابن أخيه محمد بن القاسم ذي السبعة عشر ربيعاً بقيادة هذا الجيش!!!
لم يذكر التاريخ هذه الأخبار لنستمتع بها، وإنما لتكون رافعة للأمة كلما خَبَتْ فاعليتها أو تناقصت النخوة مِن جَذر قلوب رجالها...
وها قد مرّ 15 شهراً وحرائرنا بانتظار الثأر... وإن لم نُغثهن بكل أسباب الإغاثة من مال وإعلام واستضافة...: أفنأمن على أنفسنا وأعراضنا؟ أم نُعدّ العدّة من الآن تحسُّباً لما قد يحِلّ بنا – لا قدّر الله - بسبب تخاذل أكثرنا إلا مَن رَحم الله تعالى؟ وقد صدق المثل القائل: أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض!!!
فاللهم احمِ أعراض المسلمات العفيفات، وأَجِرنا من مكر الماكرين وحقد الحاقدين الذين ما استخدموا هذا السلاح إلا لتمريغ كراماتنا... (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ).
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة