إليك يا سورية الحبيبة
يريدون مني أن أكتب عنك يا حبيبة...
وحِرتُ بم أكتب: أَبِالمِداد أم بالدموع؟ وماذا أكتب؟..
وأنت تسطِّرين كل يوم آلاف الصفحات المقروءة والمسموعة والمرئية.. بلون الدم؟!!
مزيج من الإحساس بالقهر والعجز يكبل قلمي, لكنه أبداً ما جفف دمعي ولا تمنيتُ ذلك, ولكن أليس غريباً أن يجف بَوْحُ القلم, ولا يكفّ ماء العين؟ أحبتي هناك تُسفح دماؤهم على إسفلت الشوارع, وأنا لا أملك خط حرف واحد يناصرهم, علّه يحرك شيئاً في ضمير العالم فيهرع لنجدتهم! أحاول اصطياد كلماتي التقاط حرقة قلبي لأنسجها حروفاً ملتهبة توقظ النيام من أمتي تبرئ على الأقل ذمتي أمام الله سبحانه.. فينتزعني من محاولاتي خبر آخر..
تكتبينه أنت يا حبيبتي مجدداً بلغة الدم التي صرتِ تُتقنينها فيضجُّ القهر في صدري, ويلهج لساني بالشكوى إلى الله القدير وتنهمر دموعي لتطمس الحروف وتطفئ تأجج الخواطر, فتسكن في قعر اليأس الجاف الجاف..
ويعاود قلمي عصيانه من جديد. وأرقب أحبتي على شاشة التلفاز, وأنا أسيرة صمتي الكئيب وعجزي القاتل, منزوية في ركن غرفتي الدافئة, وهم هناك تحت قطرات المطر وندف الثلج, لا تَقيهم السترة القديمة ولا الكوفية الملفوفة حول الرأس لسعات البرد القارس..
وأتمنى لو كنت معهم, أستشعر دفء الحرية, ولذة اللجوء إلى الله في هتافهم الرائع: يا ألله ما لنا غيرك يا ألله..
أسمعها تنطلق لا من الحناجر, بل من أعمق الأعماق.. إلى من لا تخفى عنه خافية. وأُلملم شتات روحي الهائمة خلف أرواح الشهداء, تحاول اللحاق بهم دون جدوى, وأصبّرها بأن الوقت لم يحن بعد, فلكل أجَلٍ كتاب.
• سامحونا يا أحبتي.. سامحونا كباراً وصغاراً.. لأننا لا نملك الانضمام إليكم.
• سامحونا يا أهلنا في حمص وحماة.. يا من فجّرتم نبعاً ماؤه أغزر من ماء العاصي, يتلوّن بالأحمر القاني, ويفوح منه عبَق المسك, يا من أجريتموه ليروي تربة وطني, فتُنبت الآلافَ من أمثالكم...
• سامحونا يا أحبتنا في حوران, يا أول من أشعل نار الحرية, يا أهلنا في جبل الزاوية, يا من أبيتم الضيم وعشقتم الحرية..
• سامحونا أرجوكم.. فإحساسنا بالعجز يقتلنا كل يوم ألف مرة, ونحن ما أردناها ولا تمنيناها إلا مرة واحدة.. شهادة في سبيل الله مثلكم, فهنيئاً لكم.
اللهم إن سورية الحرة الأبية اليوم مثخَنة بالجراح، تشكو إليك ضَعف قوّتها وقِلّة حيلتها وهوانها على الناس, تَضْرع إليك بدموع أيتامها, وشكوى أراملها, وأنين جرحاها, وتستمد من دعائها ولجوئها القوة على الصمود... اللهم إنها تطلب المدد من عندك وتأبى أن تركع لغيرك وتُعلنها مدوّية عالية ملء الأفواه: هي لله.. هي لله..عجِّل نصرك يا ألله... فيا رب.. أنقذهم مما حلّ بهم, وارفع البأس عنهم, واجعل أفئدة الناس تهوي إليهم, وكن لهم عوناً ونصيراً.. وحسبنا أنت ونِعْم الوكيل.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن