المسلسل البشع
بشع قبيح! قاس غليظ! طاغ لئيم!
يقهر! يؤلم! يحزن! يبكي!
يملأ القلوب غيظا وسخطا، يضغط النفس ويضغط، فيتمنى أحدنا لو يتحول إلى بركان شديد ينفجر ويخلص العالم منه!
إنه الظلم!! يقع علينا من عدونا وقريبنا وأخينا وجارنا وابن وطننا وأنفسنا!
الزوج يظلم صاحبته فلا هو الأمين ولا هو القوّام ولا الراعي، وكأنه يستطيع العيش بدونها!!
والزوجة تظلم وتنسى أنها كانت تدعو الله ليلاً نهاراً كي يرزقها بابن الحلال، وعندما أتاها الرزق لم ترع الله فيه.
والآباء يظلمون، ونسوا أن غيرهم حرم من نعمة الأبناء وصرف الغالي والنفيس ليكون له ولد واحد على الأقل! ظلموهم بمعاملة قاسية، وقدوة فاسدة، وأهملوا تربيتهم، وتركوهم لخادمة وسائق، فخرج جيل مسخ مشوه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، تعرفهم وتعرف الفرق بينهم وبين من حرص على تربيته أبواه!
والإنسان يظلم نفسه، فيهملها دينيا أو عقليا أو صحيا، فنراه مكتئبا مهزوزا أو جاهلا سطحيا أو مريضا عاجزا! بل ويمعن في ظلم نفسه، فلا يتطور ولا يتحسن ولا يستمع لنصح المحبين حتى.
ولا يتوقف مسلسل الظلم، فيظلم الإخوة إخوة لهم مسلمين يؤمنون بالكتاب والسنة، ظلموهم لاختلافهم معهم في فكرة أو معتقد أو هدف، أو إرضاء لأعداء الله، وربما مشاركة في نفاق ذي شأن، أو قد يكونوا منتفعين مرتشين.. وكلهم رضوا أن يكونوا أدوات حقيرة في أيدي منافقين ظالمين، فشنعوا عليهم وكذبوا وافتروا وسبوا على شاشاتهم العفنة، وطغوا في الظلم فاتهموهم بما ليس فيهم من سوء وما لم يرتكبوه من جرائم.. وشارك في الظلم كثير من أبناء الوطن من أهل وجيران وأصدقاء، ووصل بهم الأمر حد الشماتة في مصابهم وقتلهم! أي ظلم!!
وما أفظع ظلم من يفترض أن يكون الراعي، الأمين، العادل!
ظلم الحاكم! كلنا رأيناه، ما أبشعه وما أقساه!
الحاكم الظالم أغلق قنوات اتصال من خالفه، فلا صحف ولا مجلات ولا محطات تليفزيونية، وسجنهم بتهم مضحكة مبكية، وقتلهم بطرق لم يذكر مثلها في تاريخ الطغاة بالتعذيب والذبح والحرق والغازات السامة، ودمر المساجد وحرقها، وخطف وخان الأمانة والعهد...
وعندما يريد عالم الظالمين أن يبرر لنفسه ما يفعل من طغيان وتجبر، فإنه يطلق على من ظلمهم لقب الإرهابيين ويقلدهم شعار الإرهاب! وما عرفوا أن ناسا على الحق لا يزيدهم هذا التصنيف إلا ثباتا ويقينا وإيمانا، أنهم على الحق.
وسبحان الله، أسلوب المجرمين واحد، نفس المناظر ونفس القهر والتدمير حتى لتختلط علينا الأمور هل هذه المشاهد في سوريا؟ هل هي في مصر؟ هل هي في بورما؟ هل هذا التدمير والقتل ما فعله الصهاينة في غزة؟!
كثيرا ما سألت نفسي : ماذا أرضعتكم أمهاتكم أيها الظلمة؟ ماذا تأكلون وأي شراب تشربون؟ مستحيل أنكم بكامل وعيكم عندما ترتكبون هذه الفظائع! مستحيل أنكم من البشر، ولا حتى من الشياطين!
المشكلة أن ظلم العباد لا يغفر إلا بمسامحة المظلوم! كيف ستقفون أمام الله وأمام المظلومين قتلا وحرقا وقذفا وسجنا وأعدادهم بالملايين؟! إذا كان الله لا يغفر للمغتاب غيبته أخاه إلا بمسامحة المظلوم، فكيف بكم؟
"الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم".. أين أنتم من هذه الآية؟
"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" وأين أنتم من هذا التحريم؟
"اتقوا الظلمَ؛ فإن الظلمَ ظلمات يوم القيامة" وهذا التحذير؟
فكرت قليلا: وهل يهتم الطغاة لآية أو حديث؟ إنهم لا يلقون بالاً لربّ ولا لنبي ولا دين، ولا لمشاعر من المفروض وجودها في قلب أي مخلوق.
تألمنا كثيرا وبكينا كثيرا وتابعنا أحوالكم وأخباركم أحبابنا المقهورين وما زلنا، ودعونا الله من أجلكم إخوتنا، وسألناه سبحانه أن ينتقم لكم ولنا ممن افترى وكذب ونافق ونفذ الجرائم..
واللهُ الرحمن الرحيم الحنون العادل المنصف سينتقم وسيأتي لكم بحقوقكم، وإن بدا لنا نحن البشر أن ليل الطغيان طال، فإنما ذلك لحكمة يريدها الله ونرضى بها. ألم يَميز الخبيث من الطيب بهذه الأزمات والمصائب؟ ألم يظهر العدو من الحبيب؟ ألم يظهر لنا حتى تفكير الناس ومن كنا نظنهم أصدقاء؟ ألم نعرف المنافق من الصادق؟ ألم نفهم كثير من الناس حقيقة ما يجري من دسائس ومكائد؟ ألم نزدد قربا من الله وتعلقا به؟ ألم يقلع الكثيرون عن مشاهدة أفلام الساقطين لمواقفهم الخائنة وتأييدهم للظلم ورقصهم على دماء الشهداء؟ أليس في كل ذلك خير؟
ومن مات فإنه شهيد بإذن الله، نحزن لفقدهم والله ونتألم لألم ذويهم ونتمنى أن نمسح دموعهم ونأخذهم في أحضاننا ونقول ما نهوّن به عليهم إن أسعفتنا الكلمات.. ولا يخفف أو يهون إلا أنهم فقدوا -ونحن معهم- أحبة هم شهداء أحياء عند ربهم يرزقون، ويا من ثبتم وصبرتم، ما أجمل قول الله لكم "سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار"!والظالمون القتلة سيموتون وأيديهم ملوثة بالدم، وألسنتهم تكذب وتنافق، ويوم القيامة موعدهم عذاب أليم.
اللهم يا قريب يا مجيب.. يا مغيث يا رحمن يا رحيم.. ارحم أمة على الحق وانصرها وانتقم ممن ظلمها انتقاما على قدر ظلمهم!!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة