موقف الدين من اتّباع الموضة وزينة الطالبات في الجامعات
أولاً: الشرع حدّد المحرّمات وبيّنها للناس، فما لم يكن محرّماً بالنصّ أو بالقياس ولا كان محرّماً بوجه من وجوه التحريم الشرعية: يرجع حكمه إلى الإباحة الأصلية، أي أنه يكون جائزاً.
ثانياً: الموضة منها ما يشتمل على محرَم ومنها ما هو مباح، فما دامت المرأة بعيدة عن الوقوع في الحرام لم يضرَها اتّباع الموضة لأن الشرع لم يحرّم الموضة بذاتها وإنما حرّم أموراً عيّنها وبيّنها.
ثالثاً: تبدّل الموضة مبنيّ على نظرية عندهم ( أي: الأجانب) هي أن الرجل لا يستطيع أن يلاحظ ملاحظة تامة جمال جسد المرأة كلِه في وقت واحد، فهم بذلك يكشفون منه جانباً ويسترون جانباً ليجلبوا الانتباه إليه.
رابعاً: ويراعى في ذلك التبدُل الدائم. ومن تتبّع الكتب في ما يسمى بالموضة ( لا مود) وتطوُر أزياء النساء، خاصة من القرن الخامس عشر الميلادي إلى الآن، رآها مرة بكشف العنق وجزء من الصدر، ثم يزيد الكشف عن الصدر حتى يصل إلى الحد الذي لا يمكن تجاوزه عرفاً. فيملّ الناس من منظر الصدر العاري أو يشبعون من النظر إليه، فتنتقل الموضة من كشف الصدر إلى كشف الساق أي أنه يستر الصدر وبقصَر الثوب من تحت، يقصَر شيئاً فشيئاً بعد شيء حتى يصل إلى الركبة، ثم جاء وقت ارتفع عن الركبة، جاءت موضة الثوب القصير "الميني جوب"، ثم زاد تقصير الثوب حتى وصل إلى ما يسمَى بـ "الميكرو جوب"، أي أنه وصل إلى الحد الذي لا يمكن أن يكشف عن أكثر منه. فملّ الناس من منظر الساق العارية فعادوا إلى ستر الساق وكشف جانب آخر. وهذه نظرية تطوٌر الموضة عندهم. وفيها كتب مؤلَفة.
خامساً: حتى الرجال – وإن كان تبدُل أزياء الرجال أقلَ – من نحو خمسين سنة جاءت موضة "البنطال الشارلستون" وهو تضييقه من فوق وتوسعة رجليه من تحت، ثم زالت هذه الموضة وبدأ الضّيق في أرجل البنطال. زاد الضِيق حتى صار بعرض الأصابع، فملّ الناس منها فرجعوا مرة ثانية إلى "بنطال الشارلستون". كذلك في الرداء "الجاكيت" يقصَر ويضيَق حتى يرتفع عن الخصر ثم يتسع حتى يبدو الولد كأنه يلبس رداء أبيه.
سادساً: يلاحظ أن أكثر خبراء الأزياء في بيوت الموضة الكبيرة من غير المسلمين، ومنهم عدد كبير من الخبراء اليهود.
والخلاصة: أنا لا أقول بأن اتباع الموضة حرام في جميع الأحوال، وإنما أحذِر المسلمين من أن يكونوا لعبة بأيدي هؤلاء، كلما خطر في بالهم خاطر أو ابتدعوا بدعة جديدة نمشي وراءهم ونتّبعهم. والشرط في ثوب المرأة ألاّ يكشف عورة، ولا يجسّدها ويجسِمها، وألاّ يكون رقيقاً يشفّ عنها، وألاّ يكون فيه تشبُه بثياب الرجال لأنه يكره للرجل أن يلبس لباس المرأة وللمرأة أن تلبس لباس الرجل، وألاّ يكون فيه تشبُه بالكفّار أي ن لا يلبس المسلم الثياب الخاصّة بالكفّار التي لا يلبسها غيرهم والتي إذا لبسها الرجل المسلم أو لبستها المرأة المسلمة يظنّ بلابسها أنه غير مسلم، وألا يكون لباس شهرة، يجلب الأنظار.
وربُنا ما أوجب على المرأة في اللباس لوناً معيناً ولا زيّاً معيَناً، ولكن تبتعد عن اللون الغريب الذي يجلب أنظار الرجال إليها ويجعلهم يتلفّتون حتى يروها، وألاّ تخرج متعطّرة، وألاّ يكون فيها تبذيرٌ ظاهر لأن التبذير مذموم في كل شيء في الطعام وفي اللباس:﴿إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين﴾.
إذاً فيما يتعلق بثياب النساء وزينة الطالبات:
1-إنه ليس في الثياب لونٌ ممنوع على المرأة لذاته، ولا لونٌ مطلوب لذاته، ولها أن تتخيّر للباسها ما تريد من الألوان، وأن تتخذ ما شاءت من الأزياء، بشرط:
-أن لا يكشف الثوب عن عورة، وأن لا يكون ضيقاً جداً يبين حجمها، وأن لا يكون رقيقاً يشفّ عنها، وأن لا تتخذ المرأة الزّيَ الخاص بغير المسلمات.
2-وخير ما اتخذته المرأة المسلمة في هذه الأيام هو الجلباب الطويل الذي يصل إلى القجم.
والعجب من امرأة فاضلة من الشام تدعو إلى الله، تمنع مريداتها من اتخاذ الجلباب الذي هو أفضل وأكمل، وتدعوهنّ إلى لبس ثوب يغطي نصف الساق أو ثلثيه وتحته جوارب سميكة، تستر الجلد فلا تظهر لونه، ولكن تجسِمه وتبدي حجمه، فيعرف الأجنبي الناظر إليه هل هي سمينة أم نحيلة.
وهي مخطئة في هذا، وإصرارها عليه يكبِر خطأها، وطاعتها فيه تضاعف هذا الخطأ.
3-أما زينة الطالبة فهي أمر مرفوض، لأنها لا تذهب إلى عرس تبدي فيه جمالها، وتفاخر فيه بحسنها، ولكن إلى جامعة تطلب فيه العلم، والعلم يأتي مع البعد عن الزينة، لا في الإقبال عليها.
4-ثم إن فتح الباب للطالبات، للتسابق على لبس أغلى الثياب واتخاذ أنواع الزينة يشغلهنّ عما قصدن إليه من التعلُم، ويكسر قلوب الفقيرات أو القبيحات.
5-فإن كانت الدراسة مختلطة، كما هي الحال (مع الأسف في أكثر البلدان، حيث يختلط الفتيات بالفتيان وربما جلست الطالبة إلى جنب الطالب، وكلّمته بين المحاضرات، أو مشت معه بعدها، كانت الزينة إثماً، وكانت حراماً، لأنها ذريعة محقَقة إلى الوقوع في الحرام، أو إلى التفكير فيه تفكيراً يضني الجسم ويفضي إلى السُقم.
وإن لم يكن الاختلاط كاملاً، وكان المدرِسون من الرجال، فلا ينبغي لها أن تكشف أمامهم عن أكثر من الوجه والكفَين، مع خلوّ الوجه من الزينة، واقتصار هذا الكشف على حدِ الضرورة، وأن لا يكون بينها وبين المدرِس كلام إلا في غرفة الدرس وفي حدود الدرس.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن