لم يصبر النَّتِن ياهو

كأن سبعة عشر شهرًا ويزيد من التنكيل بأهلنا في غزَّة العزَّة لم تكفِ؛ وقد خلَّفت مائة وخمسين ألف ويزيدون من الشهداء والجرحى، ناهيك عن آلاف من المفقودين لم يُعلم عنهم خبر، ولم يُرَ لهم أثر.
شهور عِجاف ألقت فيها سيدة الحضارة، وحارسة الديمقراطية، والمُدافعة الأولى عن حقوق الإنسان: أمريكا عبر وكيلها السفَّاح النَّتن ياهو، ألقت قنابلَ فاقت ما ألقته بنفسها (زعيمة العالم الحرِّ) على رؤوس أهل هيروشيما بخمسة أضعاف ويزيد! علمًا أن مساحة الأخيرة ثلاثة أضعاف غزَّتنا الأبيّة وتزيد !
أقول: كأن ذلك كلَّه لم يكفِ السفَّاح الأثيم، ولم يُرضِ سيِّدَه اللئيم القابع في بيته الأسود! حتى انهالت بالأمس القريب قنابلُ فاقت بقدرتها التدميرية كلَّ ما سبق؛ انهالت - غدرًا وحقدًا - على رؤوس أبرياء أنقياء آمنوا بربِّهم، وصاموا له وقاموا.
لم يصبر النَّتِن ياهو ومَن وراءَه حتى تتمَّ الصفقات للتبادل، ويعود كلٌّ إلى أهله، فبادروا- بخُبثهم المعهود - إلى نقض العهد، ونكث الوعد، وإعمال الغدر .
فلهم نقول - وليس مثلهم يُخاطَب -: يا إخوان القِرَدَة، وسُلالة الخنازير، وعَبَدَةَ الطاغوت، يا مَن تصوَّر إنسانًا فتبرَّأت الإنسانية منه، يا مَن مُسخ أجدادُهم بعمل صيدٍ في يوم عبادتهم، يا مَن عبد أجدادهم عِجْلَ ذهب، فباؤوا بغضبٍ على غضب، يا مَن لم يَدَعْ أجدادهم عهدًا لهم إلّا نقضوه. قد فُقتم أسلافكم؛ فأنتم لم تحتالوا في يوم عبادتكم، بل قتلتم عبادًا في أيام عبادتهم، وأنتم لم تعبدوا عِجْلَ ذهبٍ فحسْب بل عكفتم على عبادة ذهب الدنيا بأسرها، وأنتم لم تنقضوا عهدًا في صفقةٍ أذلَّتكم فقط بل نقضتم مواثيق الإنسانية جمعاء.
ولمن خلفَهم من أبناء جلدتنا نقول: أتعلمون أيَّ أخسَّاءَ توالون؟! وبوجوه أيِّ أنذالٍ تهشُّون وتبشُّون؟! أتدركون أيَّ غدرٍ بأمَّتكم تغدرون؟! وأيَّ خيانة لِدينكم تخونون؟! هل تظنُّون أن غزَّتكم الجريحَ اليوم لن يتبعها غدًا غزَّات بعدها غزَّات؟!
فإنْ يكُ صَدْرُ هذا اليوم ولّى فإنَّ غدًا لناظِره قريبُ
وللبعيد المستعلي نقول: أما علمتَ أن نمرودَ – أعظمَ ملوك الأرض - أهلكته بعوضة؟! وأن قُمَّلًا أوقف غزو نابليون؟! أم أنك غفلتَ عن تاريخٍ امتدَّ قرونًا صنعه عبادٌ لله هابَهم فيه أهل الدنيا، وبلغ مُلْكُهم فيه أقطارَها؟
إنَّ عباد الله في غزَّة وفي أُمَّة الإسلام، وقد صبروا وصابروا لن يَدَعوا ديارَهم، فأحلام الطغاة تبقى -كما شهد التاريخ - أحلامًا، وأصحاب الأرض لا بُدَّ لهم من دحر غُزاتهم، ولو بعد حين.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
غزّة العزّة.. مَعلَم وشاهد حضاري للأمّة
ترتيب الأولويات.. وأثرها في تحقيق الذات!
لم يصبر النَّتِن ياهو
الإنسان كما يريده القرآن ـ الجزء الثالث
رمضان والاغتنام الحقيقيّ لمَواسم الخير