فكر سيد قطب رحمه الله في ذكرى الخمسين لاستشهاده
كتب بواسطة محمد عادل فارس
التاريخ:
فى : آراء وقضايا
1705 مشاهدة
الإسلام دين الله الخالد، الذي يمثله القرآن الكريم أولاً، والسنة النبوية المطهرة ثانياً.
والفكر الإسلامي هو فهم البشر لهذا الإسلام.
وإن أهم مصادر الفكر عند سيد رحمه الله، بعد الكتاب والسنة، هي تلمذته على أفكار دعوة الإمام البنا رحمه الله تعالى، ثم سعة اطلاعه وتعدد جوانب معرفته.. فإذا لقيت هذه المصادر عقلاً ذكياً، وقلباً زكياً، فحدّث عن البحر ولا حرج، وغُص في أعماقه واستخرج ما شئت من اللآلئ في أصدافها.
وإن أول ما يطرح على مائدة البحث في فكر سيد سؤالان:
• الأول: ما أهم ما تميز به فكر سيد؟
• الثاني: ما علاقة فكر سيد بفكر البنا؟ هل هما فكر واحد؟ هل هما مدرستان مختلفتان؟ وما عمق الاختلاف بينهما؟!
أما الإجابة عن السؤال الأول فإن أهم ما تميز به فكر سيد، لا سيما في السنوات الأخيرة من حياته، هو تأكيد تميز الإسلام واستعلاء الإيمان، والمفاصلة بين الإسلام والجاهلية، وضرورة بناء كل توجيه إسلامي أو فكرة أو نظام على العقيدة لأن العقيدة هي الأساس. وكل إصلاح أو تغيير فإنما ينبغي أن يبدأ من تصحيح الاعتقاد والتصور. وكل عمل للإسلام إنما يقوم على تجمع أفراد نشؤوا على هذه العقيدة، وعمّقوها في نفوسهم، وهم الذين يُسمّيهم سيد بـ "القاعدة الصلبة".
وينبني على هذه الأمور أن المعركة بين الإسلام والجاهلية قادمة، بل قائمة. ولعلّ أبرز كتاب يصوِّر فكر سيد هذا هو كتابه: "معالم في الطريق".
وأما الإجابة عن السؤال الثاني، فإن فكر اثنين من الناس لا يمكن أن يكون واحداً، أي لا يمكن أن يكون متطابقاً تماماً، بما أن لكل منهما تجاربَه واطلاعاته ومعارفَه وذكاءَه.
فإذا لم يكن فكر هذين العَلَمين واحداً، فما أبعاد الاختلاف بين الفكرين؟
يحلو لبعض الناس أن يَعدّ كلاً منهما مدرسة تناهض الأخرى. وليس الأمر كذلك، إنما شقّ البنا طريقاً نمّ عن عبقرية وإبداع، وأعلن فهمه للإسلام، وقوّم من خلال فهمه هذا أهم القضايا المطروحة في عصره. ثم جاء سيد فسار على الطريق ورأى قضايا قد جدّت، وحكومات جديدة قد ظهرت، وطروحات قد اتضحت أبعادها وملامحها ولم تكن بهذا الوضوح من قبل.. فقال سيد كلمته في هذه الأمور الجديدة، من خلال فهمه للإسلام وتجاربه واطّلاعاته.. وأتى بجديد، لكن هذا الجديد ليس مناقضاً لما قاله البنا من قبل. فإذا كانت الحكومات والدساتير في البلاد الإسلامية أيام البنا لا تتنكر للإسلام ابتداءً، بل تبني عليه ثم تنحرف بقدر ما.. فالحكم فيها أنها منحرفة وتحتاج إلى نصح وتقويم وإصلاح.. وهذا ما قاله البنا.
ثم كانت حكومات تتنكب الإسلام وتحاربه. والحكم فيها أنها حكومات جاهلية لا بد من مجاهدتها حتى يعود الحكم للإسلام. وهذا ما قاله سيد.
وقول البنا وقول سيد يخرجان من مدرسة واحدة. واختلافهما ليس اختلاف تضاد. والله تعالى أعلم.
يقول الأستاذ محمد توفيق بركات – رحمه الله - في كتابه (سيد قطب): "ولقد كان – سيد قطب – معجباً جداً بالإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى، وكان إعجابه يتركز – بصورة خاصة – على عبقرية البنا في ناحيتين:
أ. في البناء النفسي المتوازن لأعضاء الجماعة..
ب. وفي البناء التنظيمي للجماعة..
أما من الناحية الفكرية فلا ريب أن لسيد قطب تفرُّدَه، فهو – في رأينا – يمثل قمة النضج الفكري، بحيث يمكن أن يعد ظاهرة خاصة، لها طابعها المميز وليس مجرد استمرار لمدرسة البنا الفكرية، أو تلميذاً متخرّجاً فيها.
نعم إن سيد قطب استفاد من فكر "الإخوان المسلمين" الذي غذّاه البنا ونمّاه.. ولكن ذلك لا يعني أنه كان تلميذاً نجيباً فحسب، بل هو مجدِّد حقيقي، استقل بمنهج فكري خاص به، يُعرف بجلاء لدى قراءة كتبه التي كتبها فيما بين سجنه وإعدامه.." ا هـ بتصرف.
لقد انتقل سيد إلى رحمة الله، وانتقلت أفكاره وآراؤه إلى قلوب الآلاف والملايين من المسلمين في شتى بقاع الأرض، وأزهرت وأثمرت تلك البذور التي أودعها سيد بين السطور، ونشأ جيلٌ إسلامي يقرأ – من أول ما يقرأ – الظلال والمعالم، ويترحّم على الشهيد المجاهد، الداعية المؤلف، والرجل الربّاني لسيّد قطب.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن