لغة الأرقام تكشف الأخطار
كتب بواسطة د. عبد المجيد البيانوني
التاريخ:
فى : زينة الحياة
1834 مشاهدة
لا غنى للباحث في هموم الطفولة التربويَّة عن اعتماد لغة الأرقام في بحثه، ليدرك القُرَّاء حجم الأخطار التي تهدِّد مستقبل الطفولة!
تقول الإحصائيَّات: إنَّ عدد أطفال العالم مليار ومئتا مليون، ثلاثة أرباعهم لا يعرفون شيئاً من الحياة السعيدة.
وإنَّ نسبة الفئات العمريَّة في أكثر دول الخليج من
(0 - 14) سنة تصل إلى 40% من إجماليِّ عدد السُّكَّان.
وتشير إحصائيَّة منظَّمة التربية والثقافة والعلوم إلى أنَّ متوسِّط قراءة الطفل في العالم العربيِّ لا يتجاوز ستّ دقائق في السنة.
وأكَّدت المنظَّمة الدوليَّة على أن مجموع ما تستهلكه كلُّ الدُّول العربيَّة مجتمعة من ورق ومستلزمات الطباعة في السنة أقلُّ من استهلاك دار نشرٍ فرنسيَّة واحدة.
ويقول أخصَّائيُّو التربية في الدول العربيَّة: إنَّ الكتب الأدبيَّة والفنِّيَّة التي يقرأها الطفْل قليلة جدّاً، إن لم تكن منعدمة، خصوصاً عند الذين ليس لديهم ميول أدبيَّة أو فنِّيَّة.. وأكَّدوا على وجود أزمة في القراءة لدى الطفل العربيِّ، خصوصاً مع ندرة مجلَّات الأطفال في عالمنا العربيِّ، قياساً بالأعداد الهائلة من الأطفال المتعطِّشين إلى هذا النوع من الثقافة.
مع ملاحظة إهمال التربية على القراءة وعزوف الكبار عنها، فكيف نطمع بعدئذٍ أن يتربَّى الأطفال على حُبِّها، والرغبة فيها؟!
• إحصائيَّات عن نصيب أطفال العالم من الكتاب:
ـ الطفل الأمريكي نصيبه (13262) كتاباً في العام.
ـ الطفل الإنجليزيُّ نصيبه (3388) كتاباً في العام.
ـ الطفل الفرنسيُّ نصيبه (2118) كتاباً في العام.
ـ الطفل الإيطاليُّ نصيبه (1340) كتاباً في العام.
- الطفل الروسيُّ نصيبه (1485) كتاباً في العام.
أمَّا المكتبة العربيَّة فقد وصل عدد كتب الأطفال التي صدرت في بعض الأعوام 322 كتاباً فقط لأكثر من 45 مليون طفلٍ يمثِّلون 42% من العدد الكلِّيِّ للسُّكََّّان.. هذا واقع أطفالنا! ونحن الأمَّة التي نزل عليها من القرآن أوَّل ما نزل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق}.
ونشرت الأمم المتَّحدة إحصائيّةً عام 1959م أعلنت فيها: أنَّ العالم يواجه الآن مشكلة "الحرام أكثر من الحلال" في شأن المواليد؛ إذ بلغت نسبة الأطفال غير الشرعيِّين 60%، وفي بعض البلاد تجاوزت هذه النسبة 75%. وتُثبت هذه النشرة نفسها أنَّ نسبة الأطفال غير الشرعيِّين في بعض البلاد الإسلاميَّة تصل إلى العدم.. مع ما نراه من شيوع الجهل والبعد عن الدِّين في أوساط المسلمين، وتأثُّرهم بالغزو الفكريِّ والأخلاقيِّ الذي يجتاح بلادهم.. فكيف لو تمسَّك المسلمون بدينهم حقَّ التمسُّك، وكانوا كما يحبُّ الله ويرضى لهم؟!
وجاء في تقرير التنمية الإنسانيَّة العربيَّة لعام 2002م "التعليم قبل المدرسي": تؤكِّد البحوث العلميَّة باطِّرادٍ على الأهمِّيَّة القصوى لسنوات الطفولة المبكِّرة في تشكيل العقل البشريّ، وتحديد مدى إمكاناته المستقبليَّة، الأمر الذي يُبرز الحاجةَ إلى التركيز على التعليم قبلَ المدرسيِّ، إلَّا أنَّ هذا مجال آخر تتخلَّف فيه البلدان العربيَّة عن البلدان النامية غاية التخلُّف.
"وعلى الرغم من أنَّ عدد الأطفال الذين التحقوا بالتعليم قبلَ المدرسيِّ في البلدان العربيَّة تضاعف في الفترة بين عام 1980م وعام 1995م، إلَّا أنَّ عدد الملتحقين بهذا التعليم في عام 1995م لا يتجاوز 25 مليون طفل، وهذا العدد يشكِّل نسبة التحاق تقلُّ عن متوسِّط الالتحاق في البلدان النامية. غير أنَّ الأسوأ من هذا القصور هو انخفاض نصيب البلدان العربيَّة من جملَة أطفال البلدان
النامية الملتحقين بالتعليم
قبل المدرسيِّ من 4,8%
في عام1980م إلى 4%
في عام 1995.
كذلك ما بَرِحَتْ نسبةُ البنات في هذه المرحلة التعليميِّة تقلُّ عن متوسطها في البلدان النامية: (42% مقابل 47% في عام 1995م)(1).
هذا ولم يتحدَّث التقرير كما لم يشر إلى نوعيَّة التعليم قبل المدرسيِّ ومستواه، وما يعانيه من مشكلات جمَّة، تجعل وجوده أشبه بعدمه إلَّا ما رحم ربِّي.
ولا يظنَّنَّ ظانٌّ أنَّ أطفال العالم المتقدِّم بمنجاة من مشكلات الطفولة، ولكنَّ مشكلاتهم من أنواع أخرى، هي من مفرزات الحضارة المادِّيَّة المترفة: إنَّها مشكلة الإفراط في التدليل إلى درجة الميوعة وضعف الشخصيَّة، وعدم قدرتها على تحمُّل المسؤوليَّة.. ومشكلة الحرِّيَّة بلا حدود إلى درجة البغي والجناية على الآخرين بالقتل أو الجرح أو الاغتصاب، وانتشار الخمور والمخدِّرات، ومشكلات الكبار في الصغار والأحداث.. إلى مشكلات أُخرَ لا عدَّ لها ولا حصر.. هذا، وقد تعالت صيحات التربويِّين عندهم؛ محذِّرة منذرة من أخطار هذه المشكلات وتفاقم آثارها.
ولكنَّ الانحدار الأخلاقيَّ والقيَميَّ عندما لا يجد منظومة ثابتة للقِيَم تعترض طريقه وتقف في وجهه؛ لن يصدَّه عن بلوغ غايته شيء، ولا تخفى تلك الغاية المنتظرة على أحدٍ، ولكلِّ أجلٍ كتاب..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقرير التنمية الإنسانيّة العربيّة لعام 2002م ص 48
نسخة خاصّة بالباحث.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن