طالب ثانوي مهتم بشؤون المسلمين | لبنان
المفكِّر المظلوم
كتب بواسطة عمر عوض
التاريخ:
فى : تراجم وسِيَر
2016 مشاهدة
مضى نصف قرن على استشهاده، ولا زالت ذكراه تُحيي في نفس المحبِّين شجوناً وآلاماً وحزناً. هذا المفكّر العظيم قدَّم نفسه وروحه رخيصة في سبيل مبادئ آمن بها، وطريق سلكه، ودعوة اختارها لتكون منهج حياته؛ إنه المفكّر الشهيد سيد قطب، أديب ومفكر إسلامي. هكذا وصفه مَن عاش معه، ووصف نفسه بذلك، أديب له طريقة وأسلوب لا يجهلها كل مَن عرف سيد قطب أدنى المعرفة.
سيد قطب: قال في اللقاء الذي أقامه ضباط الثورة إثر سقوط الحكم الملكي في مصر، وبحضور عبد الناصر: "إنَّ الثورة قد بدأت حقّاً، وليس لنا أن نُثني عليها، لأنَّها لم تعمل بعد شيئاً يُذكر، فخروج الملك ليس غاية الثورة، بل الغاية منها العودة بالبلاد إلى الإسلام، ولو انحرفت الحكومة الثورية عن هذا المبدأ فالجهاد لم يتوقف، والثورة لم تنته".
ثم تابع سيد كلامه قائلاً: "لقد كنتُ في عهد الملكية، مهيِّئاً نفسي للسجن في كل لحظة، وما آمَنُ على نفسي في هذا العهد أيضاً، فأنا في هذا العهد مهيِّئ نفسي للسجن أيضاً، ولغير السجن، أكثر من ذي قبل ."
قال عنه العقاد: "سيكون سيد قطب أعظم كاتب وأديب بين المعاصرين". وقال عنه طه حسين: "إنَّ سيد انتهى بالأدب إلى القمَّة والقيادة، وكذلك في خدمة مصر والعروبة والإسلام".
سيد قطب لم يأخذ حقَّه وافراً كأديب فذٍّ وناقد عملاق، فمن ناحيةٍ أبرزَ الجمالَ الفنيَّ في القرآن، وأبرز روح الإسلام عبر كتاباته، ومن ناحيةٍ ثانية عبَّر عن روح الإسلام الثورية التي كانت حافزاً للأجيال في عصره، وبيَّن أنَّ الإسلام دعوة ترفض الجور وتقول للظالم: "لا"، وتنتصر للمظلوم وتنتزع الشرعية من الطغاة.
انتقد الحضارة الغربية وتحدَّث عن إفلاسها في عالَم القِيَم وأظهر عورتها وكشف سوءتها، وفضح الاستعمار الغربي في المنطقة ونقد الرأسمالية والشيوعية، وتحدَّث عن الإسلام الأمريكي الذي يريده الأعداء "إنه الإسلام الذي يُستفتى في نواقض الوضوء، ولا يُستفتى في أمور المسلمين السياسية والاقتصادية".
سيد قطب الذي أبدع أيَّما إبداع في كشف المكنونات الإنسانية عبْر كُتيبه "أفراح الرُّوح".
سيد قطب الذي ردَّ التشريع إلى الله سبحانه وتعالى من خلال التركيز على مبدأ "الحاكمية" ليقدِّم نفسه شهيداً لمبادئ آمن بها وأرخص حياته في سبيلها قائلاً: "الحمد لله لقد عملت 15 عاماً من أجل الحصول على الشهادة".
نعم لسيد قطب أخطاؤه كغيره من البشر، فلا مانع أن يتم انتقاد أفكاره كغيره من المفكرين، أمَّا أن يتم تشويه صورة الرجل ومسخ شخصيته وتنفير الناس منها والدعوة لحرق ظلاله.. فلا.. وألف لا.
وأخيراً: سيد قطب الذي قال عنه المفكر الكبير أبو الحسن النّدوي عندما سمع نبأ إعدامه قال باكياً: إنَّ هذه الشهادة ليست شهادة الأفراد، إنها ليست هدراً للدماء وعبثاً بالحقوق العامة والكرامة الإنسانية فحسب، كما أنها ليست همجية وعداء للإنسان فحسب، بل هي خسارة فادحة للدعوة الإسلامية والعلم والأدب، والدراسة والبحث والنقد، ومأساة علميَّة ضخمة. وقال: إنَّ سيد من أولئك الأفذاذ الذين يسعد بهم العالم الإسلامي، وهو من الطِّراز الأول، من صفوة الدعاة ورجال الفكر والأدب الذين تحظى بهم الأمم.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة