حقّهم علينا
رَأَتْ والدتي فتاتين متبرجتين في الطريق، فاقتربت منهما وقالت: (حبيباتي، أنا بغار عليكم الشباب يشوفوكم بهذا المنظر، مش لو تحجبتو أحسن لكم وأرضى لربكم؟)
فردَّت إحداهما بأدب: (خالتو، أنا مسيحية)
فقالت لها والدتي: (ولو يا خالتو، برضه بغار عليكي واللهِ).
وأنا أُسر عندما يقول لي نصراني: أتابع سلسلتك (فن إحسان الظن بالله)، وقد زادت محبتي لله.
كلامي هنا لا يتعارض مع مراعاة الأولويات بالدعوة إلى التوحيد قبل كل شيء، وأنه لا يُقبل عمل بدونه.
لكن هناك أمرٌ كثيرا ما نغفل عنه:
النصارى الذين يعيشون بيننا لهم حقٌّ علينا، وعلينا واجبٌ نحوهم: واجب دعوتهم إلى الله. الأصل في علاقتنا بهم ليس الخصومة، بل دعوتهم إلى الدين الحق:
(كنتم خير أمة أُخرجت للناس)... (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً)...(وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين)...خطاب لرسول الله ولأمته من ورائه...
هذه الآيات خطابٌ لنا نحن!
- لا ينبغي أن ننساها تحت وطأة تزاحم الهموم علينا نحن المسلمين واشتداد التآمر على أمتنا. فإن من أسباب فقداننا لمعية الله تعالى في هذه الظروف: التقصير في واجب دعوتهم من بيننا من أهل الملل.
- لا ينبغي أن ننساها إن كان الظلمة المستبدون في بلاد المسلمين يقربون طوائف من النصارى ويعطونهم ميزات على حساب المسلمين.
- لا ينبغي أن ننساها، حتى إذا سافر أحدنا إلى بلاد الغرب واحتاج أن يحسن صورته أمام المجتمع الغربي ليتقبلوه، اهتم بالدعوة وقد كان أهملها مع نصارى بلده عُمُراً !
- ولا ينبغي أن ندع الحق يضيع بين طرفين: طرفٍ مميعٍ هــمُّــه مجاملة هؤلاء النصارى ومداهنتهم والتملق لهم ولو على حساب العقيدة! وطرفٍ اتخذهم أعداءً وقد قصر في دعوتهم ابتداءً بالحكمة والموعظة الحسنة التي أمر الله بها.
- ولا ينبغي أن نخلط بين صنفين منهم: صنف معادٍ يحارب ديننا مسنداً ظهره إلى الظلمة، وصنف آخر مضلَّلٍ يمكن استمالته للحق.
أئمةُ الكفر أعداء الإنسانية في العالم، وأذنابهم القائمين على حراسة مصالحهم في كل بلد، والمضلِّلون الذين يصدون أهل ملتهم عن الحق عن علم ويبغونها عوجا. هؤلاء هم خصم مشترك لنا ولمن يعيش بيننا من أهل الملل الأخرى. ولا ينبغي أبداً أن نسمح لهؤلاء بأن يحرفوا دفة العداوة لتقع بيننا وبين من هم في الأصل شريحة مستهدفة بدعوتنا، بعثنا الله رحمةً إليهم.
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة