بصمة لن تُنسى أبداً
خطر في بالي سؤال وددت طرحه على والدتي؟
لا أعلم لماذا لم يخطر ببالي أن أسأله من قبل؟ وكم تأخر الوقت عليه؟
إذ هزني ما سمعته منها..
سألت والدتي عن السبب المؤثر في ارتدائها للحجاب في حينه؟ ولم يكن جوابها بحد ذاته هو سبب ذهولي.. بل في معرفتي بالشخص الذي أثر بها، وانعكس تأثيره عليّ من غير أن أدري، حين ارتديت الحجاب بدوري متأثرة بوالدتي!!
تقول والدتي: إنها كانت تتردد على درس ديني.. في منطقة شارع حمد – في قاعة بيت الحجاج، وكانت تلقيه الحاجة أم علاء قاطرجي رحمها الله.. (هنا بدء اندهاشي).. وتكمل: كنت أدخل حينها وأنا خَجِلة لعدم ارتدائي الحجاب.. إلى أن جاء اليوم الذي دخلت فيه هذا المكان، ولكني خرجت منه إنسانة أخرى، فبينما كانت الحاجة تلقي علينا كلمتها عن الحجاب.. كان شيئاً ما يتحرك في نفسي، وما أن أنهت كلامها حتى أفصحت لها عن رغبتي بارتدائه.. فرحَت بي كثيراً وخرجتُ يومها بحجابي..
تابعَت: وفي الأسبوع التالي تممت حجابي بلبس الجلباب أيضاً، والذي كان هدية منها.. (ولهذا الجلباب قصة أذكرها جيداً)..
أرجعتني والدتي إلى واقع الحال سنة ١٩٩٦ لا أذكر في أيّ شهر كان ذلك، إنما أذكر أن هذه السنة كانت نقطة تحول في حياتي أيضاً.. عادت والدتي من الدرس.. وكنت أول من يراها بحجابها من أفراد أسرتي، نظرتُ إليها وقد بشّ وجهها، فقالت لي: هكذا أفضل.. هكذا أستر.. تحمست كثيراً، وأخبرت والدتي عن رغبتي بارتداء الحجاب فوراً، مع أن أحداً لم يكن ليُصدِّق ذلك مني... ارتديت الحجاب واستعرت جلباب والدتي فارتديته أيضاً..
حتى ذلك الوقت، لم أكن بعدُ على معرفة بمن هي الآن أغلى غالياتي رحمها الله..
بعدها انقطعت والدتي عند حضور اللقاء – الذي داومت على حضوره 7 سنوات - بسبب اضطرارها للارتباط بوظيفة.
وفي عام ١٩٩٨ وأثناء فترة خطبتي، طلبَ مني خطيبي- من هو الآن زوجي - الانضمام إلى صفوف هذه الدعوة المباركة.. وكانت أولى ثمار هذا الانضمام، التزامي أنا وأختاي وبنات خالتي الثلاثة وصديقتي بموعد تقدمه الحاجة أم علاء..
هنا بدأت معرفتي بهذه الإنسانة الطيبة الحنون، التي أفتخر بوجودها في حياتي.. ومنذ الأسابيع الأولى لتعارفنا ارتدات أختاي وبنات خالتي الحجاب وصديقتي.. وكذلك فعلت مع أخريات..
عوداً على بدء.. أذهلني حقًّا ما ذكرته والدتي، أن لأم علاء الدور في ارتدائها الحجاب وتأثري تلقائيا بها..
ليس هذا فحسب، بل أخبرتني بأنها كانت دائمة المساعدة لوالدتي.. ورغم معرفتي بأم العلاء، وصلتي القريبة منها لم تخبرني - رحمة الله عليها - بأنها صاحبة فضل علي وعلى عائلتي أبداً.. ولكنها دائماً كانت تسألني عن أهلي..
أم العلاء... لن أنساها فلطالما كانت بجانبي عندما احتجتها ولم أكن أعرفها.. ولم تتخلى عني ولم تخذلني يوماً..
أم العلاء... وكأني بحاجة لسبب آخر لعدم نسيانها..
أم العلاء... وكأني بحاجة لسبب آخر لأبكيها..
أم العلاء... ستبقى حاضرة في قلبي ببشاشة وجهها.. وطراوة حديثها، وتفهمها.. ومراعاتها.. وصدقها ووفائها، وصبرها وحبها..
أم العلاء... لطالما كنت أمني وملجئي.. لطالما كنت منقذتي وعوني.. ولطالما كنت السبب –بإذن الله- في إسعادي..
أم العلاء... رحلت ولكنها تركت بصماتها التي لا تنسى في نفوس كل من عرفها وأحبها..
أم العلاء.. رحلت ولكنها تركت عملها ليزيد في رصيد حسناتها إلى يوم الدين..
أم العلاء... تركت في نفسي وروحي وعقلي ما لا أستطيع نسيانه ما حييت..
أم علاء فخورة جداً بمعرفتك..
غنية جداً بمحبتك
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن