الخلاص في الرجعية
مشهدٌ فجّر في الرأس بركاناً وأشعل في القلب نيراناً، وودت لو أنني لم أولَد في هذا الزمان...!! ولو أني عشت في الزمن المسمى "الرجعية... "!!
ذلك الزمن الذي كانت الأم توصي ابنتها بحُسْن الخلق والأدب، وتسعى دائبة لحمايتها وتزيينها بثوب الطهر والعفاف، أما ما رأيته ذلك اليوم ووقع عليّ كالصاعقة، فهو مشهد تلك الوالدة وهي تحتضن ابنتها ذات الأعوام الثلاثة، وبمداعبة رقيقة قالت لها: "لأجعلنّ منك ساحرة أيتها الفاتنة... ولتكوني في كل مكان تَرْتَدينه ناراً تُضرَم في قلوب الشباب..."!!!
هل كان ذلك حلماً أم حقيقة ماثلة أمامي ... إنهما هنا وأنا معهما ولا مجال للشك في أنني رأيت وسمعت... وطال الحديث بيننا...
هل يعقل أن نصل نحن المسلمين إلى مثل هذا؟!
قلتُ في نفسي: لا عَجَب بعدُ مما نراه في المدارس والجامعات، وليس هجينًا أن تتأبط الفتاة ذراع الشاب، أو يحادثها لساعات طِوال سواء عبر الهاتف أو من خلال الشبكات العنكبوتية... فلا رقيب ولا حسيب ولا مانع ولا رادع!
وإذا رأيتِ شابًا وفتاة كادا أن يتلاصقا فلا تُبْدي استغراباً أو استنكاراً، فالعِلّة من الإباحة - على رأي المبيحين للفساد - "لا حياء في العلم"، فهما يتناقشان في مسألة كيميائية حادة، وربما احتاج الأمر لإيضاح المسائل الفيزيائية، وضرب أمثلة واقعية...
لقد ترنّح الشيطان جانبًا وأخذ يراقب من بعيد، فقد أَوْكل مهامَّه إلى خبير في الفساد والإفساد والضلال والإضلال... أَوْكله إلى مَنْ قال الله تعالى فيهم: ﴿ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيما ﴾، ليتمكّنوا من السيطرة على حياتنا، فهل إلى خلاصٍ من سبيل؟
إنّ مسؤولية الآباء والأمهات عظيمة، ومسؤولية المؤسسات التربوية أعظم، فشبابنا وفتياتنا بحاجة إلى تحصين من الفتن المحيطة بهم، بحاجة لتعاليم إسلامنا العظيم الذي يَقيهم شرّ الهوى وشر أنفسهم، فالشباب قوّة دافقة في الحياة لها حدّان، فإنْ لم يملأ وقته بالطاعة شغلته نفسُه بالمعصية.
ويوم تمرّغ الأنوف بالشهوات تضيع القيم وتذوب في أشربة السُّمِّ الذي تدسّه وسائل الإعلام الهابطة وتروّج له بعض المؤسسات وتُسهم في نشره شياطين الإنس... فكبّر عليه أربعًا...
وكم أَوْلى النبي صلى الله عليه وسلم الشباب اهتمامه، فذاك أسامة لم يجاوز السابعة عَشْرة من سِنِيْ عمره يتقلّد قيادة جيش كامل! فسبحان الله، كم من فتياتنا وفتياننا اليوم قادرون على قيادة أنفسهم في الطريق القويم؟!
فلنعد لنقطة الانطلاق، لنَعد إلى عهد الرجعية الحصينة التي من خلالها استطاع المسلمون أن يحكموا العالم بأخلاقهم وبأدبهم.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن