مذكرات مدير
كتب بواسطة د. ناديا خربط
التاريخ:
فى : قصص
2025 مشاهدة
في كافتيريا المدرسة، لفت انتباهي طفل لم يتجاوز السابعة من عمره يمسك بصندوق طعامه المفتوح ويتنقل بين الطلبة، ومعلمته تنظر اليه والى رفاقه بهدوء أغاظني.. اقتربت منه بهدوء المستكشف لعلّي اكتشف سر صندوقه،
انا: صباح الخير.. شو اسمك؟
هو: (بتحفّظ) كريم
انا: معك سندويشة يا كريم؟ (ظننته سيتاجر بمحتويات صندوقه من حلوى مقابل سندويشة مثلا)
هز رأسه على استحياء وأراني صندوقه المفتوح... ثلاث شطائر صغيرة ملفوفة بعناية وأكاد المح فيها لمسة أم بنكهة حنان..
انا: بطل كريم.. بتقدر تاكل 3 سندويشات؟! رمقني بنظرة قلق وهز رأسه نافيا، فبادرتني معلمته بابتسامة قبل ان استرسل في تساؤلاتي: مس نادية، انه يبحث عن شريك!
انا: لم افهم!
تابعت المعلمة: كل يوم تجهّز ام كريم له ثلاثة شطائر، واحدة له.. (قاطعها كريم: والتانية لصاحبي) ..ابتسمت المعلمة: والثالثة لمن يرغب من طلاب صفه!
لم استطع اخفاء دهشتي من الموقف، فانا بالكاد اجهز لاولادي طعامهم صباحا!! بعد ايام قابلت ام كريم في اجتماع اولياء الامور (والشطائر الثلاث لا تزال عالقة في ذهني)، فبادرتني بالسلام
ام كريم: اسفة كتير ما كنت بعرف انه تعليمات المدرسة بتمنع مشاركة الطلاب وجبة الفطور! لكنه خير ادّخرته لإبني...
انا: (باستغراب) ما فهمت!
ام كريم: في بداية زواجي اضطررنا للغربة... كنت اعمل وابو كريم ليل نهار لتأمين حياة جيدة لنا و لابننا البكر (كريم) الذي اضعه صباحا عند جارتي (الله يسعدها وين ما راحت) واعود اليه بلهفتي بعد الظهر لنذهب معا الى بيتنا في العمارة المجاورة لنبدأ يومنا الأسري الجميل.. (وتابعت وكأنها تستذكر الماضي) في يوم وانا عائدة من الدوام وقد أنهكني التعب والجوع دخلت بالخطأ الى عمارة اخرى وقد امتلأت بروائح الطعام اللذيذ في موعد الغداء..روائح اخترقت ذاكرتي وايقظت الشوق في داخلي..اشتقت ل أمي.. ل طعام امي.. وحنان امي... ووجدت نفسي اغرق في دموعي...لو انها هنا ما كان كل هذا التعب... لو انها معي لكانت الحياة اسهل..اجمل..
أدركت أنني أخطات العمارة.. عدت الى جارتي... ناولتني (كريم) نائما... هممت بالخروج واذ بها تحضر لي طبقا من (الورق دوالي) الذي لم اذقه منذ اخر زيارة لي لأهلي في عمان لصعوبة تحضيره!!
جارتي: كريم انبسط عالاكلة ونام قبل ما يتغدى منها مزبوط، حسبت حسابكم بهالصحن..
لن اصف لك يا مس نادية سعادتي وانا التقط الصحن وقد جبر الله خاطري بشيء بسيط لكنه في حينها كان السعادة بحد ذاتها...
اتصلت بأمي لاشاركها سعادتي عدة مرات قبل ان ترد علي اخيرا: وينك يا امي ما بتردي؟؟ قلقتيني..
امي: صحيت مشغول بالي عليك من الصبح، استعذت بالله من الشيطان وطبخت طبخة لجارتنا ام محمد لانها مريضة.. بعتلها اياها وقلت: يارب ادخرتها لبنتي في غربتها...
(صمت)...بعدها، قررت ان ادخر لابني ما يجبر خاطره في كل حين... فلربما تكون في يده شطيره اشتهاها طفل لم يتسنى لوالدته تجهيز فطوره لسبب ما، فيسعد بها سعادتي بطبق ساخن في يوم غريب مرهق!
وغادرتني ام كريم وانا ادعو الله ان يزيدها كرما.. واقول في نفسي" ادخروا لانفسكم ولاحبتكم..فالخير في سعادة تُمنح وعطاء بنكهة الحب
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة