الذكاء المتعدد
جاء هذا المفهوم ليُثبت أن كل إنسان لديه ذكاءٌ من نوع خاص. كما أكد قدرة الإنسان على تطوير ذكائه بالتدريب والتعليم. وبات الذكاء يعتمد ليس فقط على المهارات الفكرية بل أيضاً على قدرات الإنسان العاطفية والجسدية. وتعددت تصنيفات الذكاء لتشمل الآتي:
الذكاء اللغوي- الذكاء المنطقي الرياضي- الذكاء الموسيقي أو السمعي- الذكاء المكاني- الذكاء البدني الرياضي- الذكاء الشخصي- الذكاء الاجتماعي- الذكاء الطبيعي- الذكاء العاطفي.
الرسول - صلى الله عليه وسلم - والذكاء المتعدد:
قال الله تعالى: ﴿ وما ينطقُ عن الهوى * إنْ هوَ إلاَّ وحيٌ يوحى ﴾ [النجم: 3-4]. لقد تعامل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع الناس منذ 1400 سنة وفقاً لذكائهم المتعدد؛ حيث قدم أقدم تعريف للذكاء المتعدد: «إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم» رواه الطبراني. كما عمد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى معاملة الناس بأسلوب ذكيّ مخاطباً بذلك ذكاءهم المتعدد.
مجتمعنا والذكاء المتعدد:
من المشكلات التي نواجهها عدم قدرتنا على تحديد نوع ذكائنا. فلا الأم قادرة على تحديد نوع ذكاء طفلها ودعمه، ولا المدرسة مؤهلة لتقوم بذلك، ولا المجتمع قادر على تقديم هذه الخدمة. حتى إننا نجد في بعض الحالات من الأسر من يدمر ذكاء الطفل ويقمعه. فالذكاء بحاجة إلى تعليم وتدريب حتى يتمكّن الشاب فيما بعد من الإبداع.
وفيما يلي آراء لبعض الشابات والشباب حول الموضوع:
• تخبرنا زينب (تلميذة في أحد المعاهد المهنية): «أعتقد أني لا أملك أي نوعٍ من أنواع الذكاء؛ فهذا ما كان دائماً يخبرني به أهلي ومعلماتي. وعندما قابلنا أختها رفيدة (خريجة كلية العلوم)، أخبرتنا بأنها لاحظت قدرة أختها على كتابة الشعر، وكذلك مهارتها في أمور الرياضة الجسدية، وتقول: لا أحد منا حاول تفعيل هاتين الموهبتين عندها، بل على العكس كنا دائماً ننعتها بالغباء بسبب تدني علاماتها الدراسية، ولم نراع يوماً ذكاءها المختلف.
• وعندما سألنا ناديا (علم اجتماع) عمّا إذا كانت تعرف نوعية ذكائها فأجابت بالنفي. كما أنها لم تسمع بمفهوم الذكاء المتعدد، ولكنها تعتقد بأنه موجود!! وكذلك نهلا (هندسة كيميائية) لم تسمع بهذا المفهوم، ولا تعرف ما نوع ذكائها!
• أما طاهر (مدرِّس) فيخبرنا بأنه على اطلاع على هذا المفهوم.
هذا وقد قابلنا المتخصصة الاجتماعية سارة الخطيب التي قالت بأن انعدام وعي الشّاب بذكائه الخاص هو نتيجة حتمية لواقع الوظائف، وللمنهجية التعليمية التي تعتمد التلقين والحفظ؛ وكأن الإنسان آلةٌ للحفظ؛ كما أن جهل الأُسَر وابتعادها عن القراءة أدى بها إلى عدم مراعاة، وأحياناً عدم تقبل، ذكاء أبنائها الخاص. وهذه الآفة تنعكس سلباً على المجتمع الذي سيغدو خالياً من الإبداع والتطور والإنتاجية، وسيسوده الخمول. ومن أجل تصحيح هذا الواقع، علينا تحفيز الجيل الصاعد ومحاولة الالتفاف على المنهجيات القديمة، وذلك بتقليل التلقين، وتنمية قدرة الاكتشاف والإبداع عنده. كما على الإعلام أن يسلط الضوء - من خلال برامجه المختلفة - على هذا الأمر حتى ينتشر بين الناس. وعلى المؤسسات الإسلامية أن تتبع طرق الذكاء المتعدد في التعليم والدعوة حتى تحصد المزيد من الثمار.
لقد اعتمد العالم الغربي مبدأ الذكاء المتعدد في مناهجه الدراسية، فقسّم طلبته منذ نعومة أظافرهم وفقاً لذكائهم الخاص، ونمّى فيهم هذا الذكاء، فرأينا مجتمعاتهم العلمية تتطور ورأيناهم يسيطرون على الكرة الأرضية بعلومهم وسياستهم.
فكيف لأمةٍ لا يعلم شبابُها نوعَ ذكائهم، ولا كيف ينمّونه، ولا حتى كيف اختاروا اختصاصاتهم الجامعية، القدرة على النهوض والنمو؟
تعالَوا معنا الآن حتى يكتشف كل منا نوع ذكائه، ليعمل على تنميته، ويدرك كيف يختار اختصاصه الجامعي، وبالتالي حتى يتمكنَ كلٌّ منا من الإبداع والتطور.
نرجو أن تكونوا قد تعرفتم على نوع ذكائكم الخاص، وأن تعملوا على تعزيزه وبناء الخيارات المستقبلية المناسبة.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة