تنبيه الغافلين وتحذير الساقطين، في أعياد غير المسلمين!
لا بدّ من القول أنّ الله سبحانه، قد ميّز دينه الذي اختاره لعباده، كما ميّز الحق عن الباطل وكما ميز الطيب من الخبيث، وليس معنى ذلك أن ليس للأديان السماوية أية نفحة خير، وموضع قبول، فهي من عند ربِّ السماء. ولكنَّ التحريف، والتبديل على يد أصحابها، هو الذي جعلها عرضه للتحويل، والتعطيل عن مجاراة ما ينبغي مجاراته من قواعد، وأحكام تناسب التغير في أحوال الزمان.
ولمّا كان لغير الإسلام من الأديان السماوية؛ قصدت اليهودية، والنصرانية قصور على أن تواكب حتى في ما لم يجر تحريف فيها من التعاليم المنزلة، والتي أنزل الله في كتابه الكريم ما يوافقه، مثال قوله تعالى: { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (المائدة، 45).
أقول لما كانت هذه التعاليم ليست شاملة، ولا فيها شمولية الإسلام وسعته ورخصه، واتساع صدره؛ فإنها لم تتجاوز زمانها، ولا مكانها، ولم تكن فيها حيوية هذا الدين الغزير في التفصيل بما يسع الصغير إلى درجه القطمير، والكبير إلى درجه حجم الفيل؛ فذلك يستدعي أن لا يتوجه من هو صاحب الأعلى إلى من هو أدنى منه، سيّما وأن فاقد الشي؛ لا يعطيه، وهو ما قد أشار إلى معناه سيدنا عمر رضي الله عنه، عندما قال لرسول الله عليه الصلاة والسلام: "ألسنا يا رسول الله على حق إن متنا أم حيينا قال بلى قال ففيم الاختفاء؟. وفي موضع آخر قال عمر: "لم نعطي الدنيّة في ديننا".
ومن هنا نقول أن الأمر الذي أردنا الوقوف عليه، يدخل في ضروره التمييز في الدين الحنيف مقارنة بكل ما سواه؛ فهو معناه أنّ كل المناسبات التي يحتفل بها غير المسلمين، هي ليست من اللازم حتى بالحد الأدنى منها المجاراة والمحاباة والمسايرة للقوم في مناسباتهم، قصدت النصارى من قبل المسلمين، ولو أتى من يقول لنا ولكنَّ الوحدة الوطنية، والنسيج السكاني المختلط، أديان أهله يقتضي كل ذلك الذي تنهَون عنه يا دعاة دين الإسلام؛ فلما التشدد إذًا. ولنكن وطنيين فيما لا يضر ديننا، فنقول لمن يقول ذلك أنّ الاتباع الذي نهى الإسلام عنه لغير هداه، كان شاملاً كاملاً غير منقوص إقرؤوا إن أحببتم قوله تعالى، بيانًا للفصل بين ملة الكفر وملة الإيمان، سوره الكافرون، ففيها القول الفصل في كل ذلك.
ولما يقول تعالى في آخر السوره الكريمه: {لكم دينكم ولي دين}، اقتضى ذلك أن ليس هناك في ما يخص مظهر المسلم من الرداء على البدن إلى الحذاء في القدم، التقليد لغير المسلم، وإذا ما قدر لك أن تختار لك ثوبًا مستوردًا فليكن بعيدًا عن الرسوم، والصور المعبرة عن التقليد الأعمى المخالف لآداب وأخلاق المسلم في دينه، وهو ما يقودنا بالضروره إلى الحديث عن الأعياد القادمه قريبًا، قصدت بها عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية.
حيث يُكنّ أكثر العوام من المسلمين، ودعاة الانفتاح منهم على غير المسلمين بدرجات متفاوتة قذ تصل إلى التقليد الأعمى، وقد تأخذ البعض من عادات القوم، ومنها الأعياد والمناسبات الخاصه كما أسلفنا سابقًا، ويكُن فيها أهل التقليد ملكيِّين أكثر من الملك، وليتَهم يصلون بتقليد غيرهم إلى حاشية الملك، وتراهم ينصبون في بيوتهم وعند أبواب محلاتهم أشجار ما يسمى بميلاد السيد المسيح عليه السلام، ولو قلنا جدلًا أن هذه الأيام هي أيام ميلاد عيسى عليه، وعلى نبينا محمد أتم التسليم؛ فإن من الواجب هنا تنبيه الغافلين من المسلمين، أو المتّبعين للنصاري المجاورين لهم في الوطن، والسكن عمدًا وقصدًا.
أقول التنبيه لهم هنا هو بدافع الغيرة في الدين والحرص على اللون، والصبغة الحنيفيّة ملة إبراهيم عليه السلام؛ حيث أن رسول الله قال وفي حديث من جوامع الكلم: "من تشبّه بقوم فهو منهم"، وفي حديث ثان: "من تشبه بقوم حُشر معهم"، وقد أخبر الصادق المصدوق فيما هو من علامات الساعة: "لتتبعنَّ سنن من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جُحر لضب لدخلتموه قالوا اليهود والنصارى قال فمن؟"، والشاهد هنا في كلمة (فمن)، يراد بها فمن إذًا غيرهم، والواقع يشهد بما هو يقين تحققه من التحذير النبوي إذ أن ما نراه على أرض الواقع يشهد أن هناك تقليد أعمى ومحاذاة للقوم في كل شي؛ ومنها الأعياد الحاضره لهم، ونقول هنا نحن نومن بنبوة عيس عليه السلام، وهو واجب علينا، وركن من أركان ديننا، ولكن لا علاقه لهذا الإيمان بتقليد الذين حرّفوا دين عيسى عليه السلام، ونسبُوا إليه الربوبية والبنوة لله، والعياذ بالله.
فما يفعلونه ليس أصلًا متوافق مع منهج عيسى ولا شريعته؛ بل هو من العادات المستحدثة والتي بالنسبة لهم مجرد طقوس ورموز لا قيمة لها ولا وزن في النهج الروحي السليم، فهم قد اختصروا ميلاد عيسى المسيح عليه السلام، بشجره تشعّ منها الأضواء، وعليها أصنام حجرية، أو أحجار ملونة، لا تعني ما بُعث لأجله المسيح عليه السلام، من قريب ولا بعيد.
ويمتد تقليد القوم إلى رأس السنة، حيث أن فصل الدين عن الحياة عند الغرب، قد وصل أثره إلى بلادنا، فنتج عنه تحوّل رأس السنة التي يزعم ولادة عيسى عليه السلام، فقد تحوّلت تلك الليلة إلى سهره تدار فيها الخمور، وتطيش فيها العقول، وترتكب فيها الكثير من المعاصي وأفعال الفجور، وبعد ذلك من يقول لك سنة سعيدة وحياة مديدة.
ونقول أنّ الله لا يرضى لنا ذلك كله، وهو قد أنعم علينا سبحانه بنعمه الإسلام كفى بها من نعمه لتكون حياتنا وفق منهج شريعه السماء بلا عوج ولازيغ، والله يريد من عباده أن يستفتحوا أيام سني حياتهم بما يرضي الله لا بما يغضبه. فهل يصح أن نضيّع أيامنا ورأس العام فيها بما يسخط علينا خالقنا، فضلًا عن مخالفتنا نهج التميز والمباعدة عن سوانا.
جعل الله لنا ولكم فرقانًا من أمرنا، والحمد لله رب العالمين
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن