بنتي صادقت شابًّا، وأنا في حيرة؟
كتبت لي:
اكتشفْتُ أن بنتي الجامعية على علاقة مع شاب على الفيس بوك والوتس، فماذا أفعل؟
فهل الخطأ مني؟ وكيف أُخَلِّصها من التعلق بهذا الشاب؟
والحل:
ليس الخطأ منكِ، إنه وضع المجتمع؛ فلا تحزني ولا تقلقي، ولسْتِ بِدْعًا، وهذه الأشياء أصبحَتْ شائعة جدًّا، وتأتيني رسائل واستشارات بخصوصها، ولها أسباب:
1- تأخير الزواج.
2- سهولة التواصل بين الجنسين، والتي تخرج عن حدود المكان والزمان، فلا يستطيع أحد مراقبتها، أو الحد منها.
وإن هذه المشكلات تفاقمت كثيرًا؛ لأن الميل للجنس الآخر حاجة طبيعية مركوزة في نفوسنا، وحاجتنا لها كحاجتنا للطعام والشراب، ونحن نكبتها، ونَحُد منها.
وإذا أردتِ رأيي، فإنها نزوة وسوف تمضي، ولكن الموضوع يحتاج لِرَوِيَّة وصبر رَيْثَمَا يحدث ذلك، والزمان كفيل به.
وإذا كانت بنتك تعلم أنك تعلمين بأمرها، فالأفضل ألا تغضبي ولا تصرخي؛ وإنما اجلسي معها، واطَّلِعي على محادثاتها مع الشاب، وتفهَّمِي المُلابسات، ولعلها تعاني من الوَحْدة؛ فلجأَتْ إلى هذا الطريق، وأنها في سن الزواج، فزَوِّجيها؛ فهذا أفضل لها، وأهدأ لبالها، إن الحاجة للجنس الآخر تزداد في هذا العمر، والحل الحاسم في الزواج، فإن لم يكن، ففي شَغْل الفتاة بأشياء مفيدة، والاهتمام بها وبحاجاتها النفسية؛ لكي تتصبَّر على هذا الحرمان.
وإن رغبة البنت في الزواج سببها الأساسي الحاجة لرفيق (بعكس الشاب الذي يبحث عن إشباع للغريزة)، فيكون شأن البنت أخف وأهون فيما لو تأخر زواجها، وتكون أكثر قدرة على ضبط نفسها، والتصبُّر على الحرمان العاطفي، فاطمَئِنِّي.
وأما إذا كانت بنتك لا تعلم أنك تعرفين، فاستمرِّي في التظاهر بعدم معرفتك، وتحدَّثي أمامها عن الشباب الذين يضحكون على البنات، وكيف تكون النهاية، والقصص كثيرة في هذه الموضوعات، ولِجَدِّي "علي الطنطاوي" كتاب اسمه "قصص من الحياة"، وله كُتَيب صغير اسمه "يا بنتي".
وأنا لم أقتنع من كلام جدي أن الرجل ذئب، ويرى المرأة نعجة، ولكني مقتنعة باختلاف طبيعة الرجل عن المرأة، ويجب أن تعرف كل فتاة اختلاف طبيعة الذكر عن طبيعة الأنثى، فالبنت تُصَدق أسطورة الحب، والرومانسية، والكلام المعسول، والشاب لا يفهم إلا الغريزة، ولكنه يتجمل للفتاة في البداية، فتُصَدِّق كلامه، وهنا مكمن الخطر.
وأكثر القصص التي اطَّلَعْتُ عليها بدأت هكذا، وانتهت هكذا: تتعلق البنت بالشاب، وتظنها خِطبة، ومقدِّمة للزواج، وتحبه وتَبُثُّه أسرارها، ومكنونات نفسها، وتظنه مُخلِّصَها، فيتركها فجأة وينصرف، وهذا ما عليك توضيحه لها:
من السهل أن تتعلق به، وهو من السهل عليه تركُها، ولن يبالي، فيما ستبكي هي على الأطلال.
نسيانه صعب جدًّا عليها، وعودته مستحيلة.
وصحيحٌ أني لا أوافق جدي أن الرجل ذئب، ولكني أرى أكثر الرجال بلا عواطف! وأقصد: من السهل عليهم ترك الفتاة، والانصراف لغيرها، بينما تهتم النساء بالوفاء لرجل واحد، وترى الانصراف عنه خيانة، ومن الكبائر، فالمرأة تُقَدِّس العلاقة الزوجية.
وإني أنصحها بقراءة كتاب "الرجال من المريخ" - وإن كانت فيه مبالغة - فربما يساعدها على فهم الاختلافات بين الرجال والنساء، ولو فهِمَت كلُّ فتاة طبيعة الرجال الحقيقية، لانصرفت عن كلامهم، وحَذِرَت منهم، فأكثر الشباب الذين يتواصلون مع الفتيات نيتهم غير سليمة، فيجب أن تبتعد الفتاة عنهم، ولا تقبل التواصل معهم مهما حاولوا، وإن أقل ما يسبِّبونه لها هو الأذى النفسي، وذلك حين تتعلق بهم، وتُصَدق كلامهم، ثم ينصرفون عنها فجأة.
ورغم ذلك أقول لكِ: بعض الشباب يكون قصدهم شريفًا، فيلجؤون لهذه الطريقة بسبب صعوبة الزواج، أو فَقْد الأهل، فيحاول الشاب الحصول على زوجة بنفسه، فادرسي الوضع تمامًا، وتأكَّدي من جميع الملابسات.
والخلاصة:
1- افهمي من هو هذا الشاب الذي تُكَلِّمه بنتك؟ واعرفي لماذا أعجبها؟ وكلِّمِيه أنتِ بنفسك، لو استدعى الأمر، وانظري جِدِّيًّا في أمره؛ فلعله يريد الحلال، أو أعطيه النصيحة لِيَكُف عن البنات.
2- افتحي باب الزواج، واستقبلي الخُطَّاب؛ فتطمئِنَّ هي، ولعل الله يُيَسر لها أمرًا.
3- وفِّرِي لها صحبة طيبة مباركة.
4- حاولي أنتِ بنفسك التقرب منها ومصادقتها.
5- استمِرِّي في الدعاء لها.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن