نبضُهم.. لنا حياة!
قلت: "هناك أُناس.. لو أمضينا ما تبقى من عمرنا نُثني على الله جل وعلا ونشكره على أن رزقنا إياهم في حياتنا.. نبقى مقصِّرين!"..
فتتالت الردود.. البعض يهنؤني إذ تزيّنت حياتي بأشخاص كهؤلاء.. والبعض يتساءل: هل لمثلهم فعلياً وجود؟!
نعم.. هم هنا.. يضعون بصمَتَهُم في القلب قبل الصحائف.. وهم كُثُر بفضل الله جل وعلا.. لستُ أصوغ مشاعري حروفاً وأنسجها حنيناً لأوهام أعيش.. وإنما لواقعٍ حباني ربي جل وعلا به معهم.. فحمداً إلهي وشكرا !
كم يُحرقني أن أجِدَ بعضاً ممّن يتنفس.. متألّماً لحِرمانِه من لَمَساتِ الصدقِ والاهتمام في حياته.. فاقداً لقلبٍ حيّ يُطرّزُ أيامَهُ بالحب.. يعطي دون حدود.. من نَفسه ووقته وماله.. بكرمٍ وَجُود.. لا يبخل ولا يَمُنّ.. وإنما يساند ويحِنّ.. ويهَبُك الحياة بعد أن نفخ الله جل وعلا فيك الروح.. فالحياةُ تُعاشُ بِنَبضِهِم.. لا بأيامٍ تُحتَسبُ دون أُنسٍ أو نَفَس!
لا أستطيع التخيّل أن هذه المساحةَ عند البعضِ لا يَشغَلُها أحد..
أمٌّ.. أو أختٌ.. أو أخٌ.. أو زوجٌ.. أو ابنةٌ.. أو أحدٌ من الأقارب أو المحارم أو الجيران.. أو من تربِطُنا بهم أسمى رابطةٍ قدسيّة عَشِقتُ الإسلامَ أكثرَ حين عِشتُه في ظلالِها!.. الأخوّةَ في الله جل في علاه أعني..
قلتُ لها: "سبحان من ألَّف بين القلوبِ على غير أرحامٍ بينها".. فتنشّقَت نَفَساً للأخوّة عظيماً مباركا.. وقالت: "ألم أقل لكِ أنني سأتعلّم منكِ الكثير؟".. هي هذه المشاعر التي نسكِبُها في قلوبِ أخواتنا في الله جل وعلا من بداية تعارفنا وحتى تتمكّن العلاقةُ في حياتنا.. فتتربعَ هؤلاء الأخوات في ركنٍ ركين من القلب لا عِوَج فيه ولا حسد!
سألتُ حبيبةً قريبةَ الدعاء.. وهذا ديدني كلما رأيت من أحببت فيه جل وعلا.. ليقيني أن دعاءَ الأخ لأخيه في ظهر الغيب لا يُرَدّ كما أخبرنا الحبيب عليه الصلاة والسلام! فكان ردّها ماءا بارداً سلسبيلا.. "أدعو لك في كل وتر ولا أنساك أبداً.. أدعو لك من يوم أن تعرّفت عليك.. يوم مناقشة كتاب "لا تكن شبحاً".. هل تذكرين؟ دخلتِ يومها قلبي.. ومن يدخل هذا القلب لا يخرج منه أبداً.. بل يتَّسع مكانه ويتجذّر مع الأيام.. أحبّكِ في الله!"
وتطّلعُ عليّ أُخرى تقول: "كيف أعرف إن كنتُ مميّزةً عندكِ والكل عندكِ (حبيبة)؟!".. فقلتُ: "اطمئني.. فالحبيبات في الله جل وعلا على مراتب.. وأنتِ من الدرجة الأولى!".. يا الله ما أروعها من مشاعر قد لا أكون قابلتُ صاحبتها على الأرض.. أو ربما رأيتها مراتٍ قلائل.. إلا أن حلقات الوصل بها استحكمت.. فقد جمعنا الله جل وعلا في مواطن يحبها.. فإن أردت أن ترقى بعلاقاتك.. وتبتغي الصدق والتقدير والحب الخالص.. فلا أقل من أن تفتش عن كل ذلك في علاقات تصوغها مع الذين لا يرجون الحياة الدنيا ولا يتطلّعون إلا إلى منابر من نور ولا يرضون بما هو دونها! واحرص على أن تجتمع مع إخوان لك في عملٍ دعويّ لتكتسب هذه المعاني وتعيشها حقاً وصدقا.. وبشكلٍ أخص: اعمل لفلسطين والقدس لترى أثر بركة قضيتنا الأولى على نفسك وقلبك وإخوانك!
ولفتني رد أحدهم حين قرأ عبارتي "نبضهم لنا حياة" إذ يقول: "أتعنين قادتنا وشهداءنا؟!" وكيف لا يكون نبض القادة والشهداء والعلماء المخلصين لنا حياة.. فهم من ضحَّوا وتجرّدوا وتربَّوا في مدرسة العبادة والجهاد.. فخطّوا حكايات تُتلى على مذابح الطاعة الخالِصة لله جل في علاه..
تعوّدتُ.. حين تخنقني الخطوب أن ألتجئ إلى قلب صادق صدوق.. أبث له همّي.. وأعلم أنه سيتلقف كلامي ويغرسه في عمق القلب.. ليُنبِت نُصحاً وحُباً.. حتى وإن كان يُخجِل..! أشعر حينها أنني ألقيتُ بعضاً مما استوطن كاهلي من حِملٍ ثقيل.. لأعود إلى مقارعة الحياة ومعي من الزاد كفايتي.. نصحٌ.. وحبٌ.. ودعاء..!
وبعد كل هذا.. كيف لا نعيش بنبضهم؟! فنبضهم لنا حياة.. دماؤهم تسري في عروقنا.. وأرواحهم جنّة لنا.. وبسمتهم لنا.. أمل!..
ولِمن فَقَد الأنيس والصديق.. أنظُر حولك.. فهو هناك ينتظر.. ثم بادِر.. واقترِب! لا تسوِّف.. فالعمر يمضي ولم يعد فيه متّسع.. ولا تفوِّت لحظة من الزمن القادِم دون أن تذوق لذة الحب.. في الله.. جل وعلا..
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
هل تظنُّون؟!
السنوار... رسالة الرمق الأخير
فلْتَكُنِ العربيّة مادّة وازنة!
من شموس المشرقين.. في تاريخ هذا الدين!
فكُن إيجابيًّا