الصعوبات التعلّمية (1/2)
بقلم: د. لمى بنداق*
لبنان
نظراً لتعدّد واختلاف المشكلات التي يظهرها الأطفال ذوو صعوبات التّعلّم باعتبارها مجموعة غير متجانسة، حاول البعض تصنيف صعوبات التعلّم بهدف تسهيل عمليّة دراسة هذه الظّاهرة، واقتراح أساليب التّشخيص والعلاج الملائمة لكل مجموعة؛ حيث أن الأسلوب الذي يصلح لعلاج إحدى الحالات التي تعاني من صعوبة خاصة في التّعلّم قد لا يصلح لعلاج حالة أخرى. وإن أكثر التّصنيفات شيوعاً وقبولاً هو التّصنيف الذي أورده كيرك وكالفنت Kirk and Kalvent، الذي يميز بين مجموعتين من صعوبات التّعلّم، ويوضح الشكل التّالي هذين النوعين:
يُقصد بصعوبات التعلّم الأكاديميّة المشكلات التي تظهر أصلاً من قبل تلامذة المدارس، وهي خاصة بالقراءة والكتابة والحساب والتهجئة والتعبير الكتابي. أمّا صعوبات التعلّم النمائيّة فهي الاضطراب في الوظائف والمهارات الأوليّة التي يحتاجها التلميذ لتحصيل الموضوعات الأكاديميّة، وتعتبر هذه المهارات أساسيّة لتعلم الكتابة والقراءة والتهجئة وإجراء العمليات الحسابيّة. وما الاضطراب الكبير في تلك المهارات إلاّ دليل واضح على أنّ التلميذ يعاني من صعوبات تعلّم نمائيّة؛ وهي تشمل الإدراك، والانتباه، والذاكرة، والتفكير، واللغة الشفهيّة.
• المظاهر العامة لذوي الصعوبات التعلمية:
يتميز ذوو الصعوبات التعلميّة عادة بمجموعة من السلوكيات التي تتكرر في العديد من المواقف التعلّمية والاجتماعية، والتي يمكن للمعلم والأهل ملاحظتها بدقة عند مراقبتهم في المواقف المتنوعة والمتكررة. هذه الصفات لا تجتمع كلّها بالضرورة عند نفس الطفل، بل تشكل أهم المميزات للاضطرابات غير المتجانسة. ومن أهم الصفات التي تميّز ذوي الصعوبات التعلمية:
1. اضطرابات في الإصغاء:
تعتبر ظاهرة شرود الذهن، والعجز عن الانتباه، والميل للتشتت نحو المثيرات الخارجية من أبرز الصفات لهؤلاء التلامذة.
2. الحركة الزائدة:
تميَّز -بشكل عام - التلامذة الذين يعانون من صعوبات مركبة من ضعف الإصغاء والتركيز، وكثرة النشاط، والاندفاعية؛ ويطلق على هذه الظاهرة: «اضطرابات قلة التركيز والحركة».
3. الاندفاعية والتهور:
قسم من هؤلاء التلامذة يتميزون بالتسرع في إجاباتهم، وردود فعلهم، وسلوكياتهم العامة. مثلاً، قد يميل الطفل إلى اللعب بالنار دون التفكير في العواقب المترتبة على ذلك.
4. صعوبات لغوية مختلفة:
لدى البعض منهم صعوبات في النطق، أو في الصوت ومخارج الحروف، أو في فهم اللغة المحكية؛ وتُعتبر الديسلكسيا (صعوبة القراءة) والديسغرافيا (صعوبة الكتابة) من مؤشرات الإعاقات اللغوية، كما ويُعدّ التأخر اللغوي عند الأطفال من ظواهر الصعوبات اللغوية، علماً بأن العمر الطبيعي لبداية الكلام هو عمر السنة.
5. صعوبات في التعبير اللفظي (الشفوي):
يتحدث الطفل بجمل غير مفهومة، أو مبنية بطريقة غير سليمة من ناحية التركيب القواعدي. هؤلاء الأطفال يجدون صعوبة كبيرة في التعبير اللغوي الشفوي، والعديد منهم يعانون من ظاهرة يُطلق عليها: «عجز التسمية» (Dysnomia)، أي صعوبة في استخراج الكلمات أو إعطاء الأسماء أو المصطلحات الصحيحة للمعاني المطلوبة.
6. صعوبات في الذاكرة:
يوجد لدى كل فرد ثلاثة أقسام رئيسة للذاكرة، وهي: الذاكرة القصيرة، والذاكرة العاملة، والذاكرة البعيدة. وتتفاعل هذه الأقسام مع بعضها البعض لتخزين المعلومات والمثيرات الخارجية واستخراجها عند الحاجة إليها. والأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلميّة، عادة، يفقدون القدرة على توظيف تلك الأقسام أو بعضها بالشكل المطلوب، وبالتالي يفقدون الكثير من المعلومات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* متخصصة في التقييم النفسي التربوي.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن