أنا ما زلت بالثانوية ومعاناتي من إخوتي الأصغر سنًّا مني
المشكلة: لدي أخ أصغر مني بـ 6 سنين؛ أي إن عمره 10 سنوات، ويدرس في الصف الخامس، وأخت تكبَرُه بثلاثة أعوام، وهي في الصف التاسع.
أريد منكِ لو تكرَّمتِ أن تذكري لنا دورَ الأخت الكبرى مع إخوتها، خصوصًا في حال تغيُّب دور الأم اللازم، سواء لسبب مرضيٍّ، أو لتقصير، أو لعمل.
والمشكلة أن أختي ليست متفوِّقة في دراستها، وأبي يغضب ويصرخ ويعاتبها، فخافت منه واهتمت بدراستها، ولكنها أصبحت عصبيَّة، وصارت تصدر منها بعض ألفاظ السباب والتذمُّر.
وأخي لم يهتمَّ بضيق أبي من كسله وما زال مهملاً، ولكني لاحظت أن ثقته بنفسه بدأت تضعف، خاصة وأن والدي يقول له: "لن تُفلِح أبدًا"، و"أنت غبي"، ويكررها.
فكيف لي أن أقوم بشيء يساهم في مساعدة والديَّ بالتوجيه، وترغيب إخوتي في الانصياع، وحمايتهم من العُقَد، وإبعادهم عن السب والشتم؟
والجواب:
أعجبَني حرصُك - بنتي الغالية - على إخوتك، واهتمامُك بتوجيههما، وأنت ما تزالين صغيرة، ولا أُخفِيك أن الأخت الكبيرة لها دور كبير في التربية، شاءت أم أبَت، بل لها دوران:
1- دور صامت: بالقدوة، فالصغار يقلدون الكبار بالفطرة.
2- دور فعلي: بالتوجيه والكلام.
فانتبهي لسلوكِك وتصرُّفاتك، وحاولي أن تتجنَّبي الأخطاء الكبيرة، وإذا رأيتِ سلوكًا غير جيد في إخوتك، راجعي نفسك، فلعلهما قد اقتبسا شيئًا منه منك أنت.
أختك سوف تصبح صديقتَك بعد بضع سنوات، وما أجمل الأختَ، وما أحلى دورَها في الحياة!
وهل قرأتِ قصة الأعرابية التي خيَّرها الحجاج بين زوجها وابنها وأخيها؟
فصمتَت المرأة هُنَيْهة، ثم قالت: أختار أخي!
وفوجئ الحجاج من جوابها، سألها عن سر اختيارها، فأجابت: أما الزوج، فهو موجود (أي: يمكن أن تتزوج برجل غيره)، وأما الولد، فهو مولود (أي تستطيع بعد الزواج إنجاب غيره)، وأما الأخ، فهو مفقود (لتعذر وجود الأب والأم)، فأُعجب الحجاج بحكمتها وفطنتها، فقرَّر العفوَ عنهم جميعًا، وذهب قولها مثلاً.
والشاهد هنا: كيف اختارت أخاها؟
هذه القصة أثارت عجبي من قديم، فكيف تترك ابنها وزوجها؟! وهل الأخ أقرب منهما؟! فلما كبِرْتُ وجدتُ مكانة الأخت كبيرةً، ولا شيء يسدُّ مسدَّها، الأخت تعيش معك، وتواكب سجلَ حياتك، وتعاني ما تعانين منه أنت، وتفهم شخصيتك، وهي الأقدر على التعامل معك ومساعدتك؛ لِمَا يربِطُكما من رحم ومودة وعاطفة جميلة، وأنت الآن قد لا تشعرين بهذا، ولكنك سوف تشعرين به في وقت قريب.
ونصيحتي أن تصادقي أختك، إن لم يكن من أجلها، فمن أجلك أنت، فصداقتها سوف تسعدك، وتخفف عنك هموم الحياة ومتاعبها، وسوف تبعد عنك الاكتئاب والحزن، وتسلِّيك في ساعات الضيق.
فتقرَّبي منها وكوني رفيقتَها، واحكي لها، واسمعي منها، واضحكي معها، وافعلي الشيء نفسه مع أخيك، واقتربي منه وتحبَّبِي إليه.
فإذا فعلت، تمكَّنت من المساهمة في توجيههما نحو الأفضل، وإصلاحهما وتشكيل شخصياتهما، ودعمهما نفسيًّا وعمليًّا.
وأما التفوق والدراسة، فدعِيها جانبًا الآن، وركِّزي على الدعم النفسي، والاهتمام بهما وبآمالهما وآلامهما.
واهتمِّي بالأخلاق، وربِّي عندهما الفضائل، واضربي لهم الأمثلة مما درستِه بالمدرسة، واحكي لهما القصص الطريفة التي تسمعينَها من رفيقاتك، بقصد التربية والتوجيه، فإن فعلتِ ربَّيت نفسك أيضًا وشجعتِها على الخلق والفضائل.
بارك الله فيك، وقدرك على هذا العمل الكبير
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة