معاناة جسد الأمة: نقص مناعة وسوء تغذية (1/2)
كتب بواسطة بقلم: هنادي الشيخ نجيب
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1192 مشاهدة
في إطار الحديثِ عن الأمراض، لا بُدّ بادئ ذي بدء من طرح جملة أسئلة تساعدني في تحديد أعراض المرض، حتى أُقاربَ في اقتراح العلاج المؤاتي والناجع بإذن الله تعالى...
وليأخذ كل قارئ وقارئة الموضوع بشكل شخصي، وليُجِبْ مُسْمِعاً نفسه، لأنّ كل واحدٍ منكم معنيٌّ بهذه القضية...
1. من أنتَِ؟ (مواهبك، قناعاتك، دورك، أولوياتك، وِجْهتك)؟
2. متى تشعُر(ين) بالحماسةِ والرغبة بالمبادرة؟ ومتى تستقيظ طاقاتكَِ؟
3. هل أنتَِ مؤثِّر(ة) أم متأثر(ة)؟
4. هل أنتَِ مستعدّ للتضحية في سبيل تحقيق أهدافكَِ؟
لن أفترض – قرّاءنا الكرام – إجاباتٍ وهميةً عن تلك الأسئلة، فلطالما طرحتُها في لقاءاتي مع النساء والشابات والطالبات، فسمعتُ تعليقاتهنّ مرات، وأحسست بحَرَجهنّ من خلال صمتهنّ المخنوق مراتٍ أخرى...
وقرأتُ لعلماءَ ودعاةٍ خَبِروا مَيْدان العمل لدين الله، وخرجوا بتوصيفاتٍ لواقع الأمة اليوم؛ فمنهم من اعتبر أن أمراض السلوك تنخرُ في عظام الأمة، ومنهم من رأى في الجهل والأمية أعظم الأدواء، ومنهم من حذّر من الرّياء والمَلَقِ وحب الشهرةِ واللهثِ لإرضاء أصحاب السلطة، ومنهم من أعلن النفير في وجه الفوضوية التي تكرهُ النظام، والعفوية التي تكره التخطيط، وقِصَرُ النفس الذي يشتعلِ بسرعة وينطفئ بسرعة!!
ولكثرةِ ما سمعنا في عيادةِ (طب الأمة) من أعراض خبيثة تعشعش في خلايا هذا الجسد الطيب المبارك، وشعوراً مني بالمسؤولية في تحديد الوضع الصحي الدقيق لأمتنا الغالية، وسعياً مني لاقتراح أنجح وسائل (الطبابة) لإخراجها من غرفة العناية المشدّدة، علّها تستعيد قوّتها وعافيتها ومركزها في هذا العالم المتأرجح بين الفساد والظلم والاضطهاد والاستعباد؛ أقدّم رؤيتي في هذا المضمار...
إنّ أمتنا الحبيبة اليوم تعاني من (نقصٍ حادٍ في المناعةِ الإيمانية)، فما عادت مبادئُ الإيمان وقِيَمِه ومفاهيمه وأبعاده تثير القلوب، وفََقَدَ الحديثُ عن الإيمان قُدرتَه على إحياء الأفئدة وتحريكها – إلا من رَحِم ربّنا... تلك القلوب المتربّعة على عروش الجوارح، الممسكة بزمام الحركة؛ باتت خاملةً غافلةً عابثة، تحكم بالهوى، وتنحاز للشهوات، وتنصُرُ دواعي الدنيا فيما تضطهد نداءات الآخرة!!
إنها قلوب على حافة الموت، لذلك وجب على الأوفياء من ذوي الحَمِيّة والغَيْرة أن يُمدّوا يد العون لتأمين (لقاح الإخلاص) لحقنِ القلوب المنشغلةِ بالعبادِ عن ربّها ومولاها...
(لقاح الإخلاص) المركب من عنصرين:
· أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره.
· غَيِّب نظر الخلقِ عنك بشهودك نظر الحقِ إليك...
كما لا بُدّ من المسارعةِ في ضخّ (مصل الحماسة) في دماء "المنطفئين"، وإتباعه بدفقةِ أمل يطرد اليأس وينفي خَبَث القنوط...
(مصل الحماسة والأمل) الذي يُمدّه قوله تعالى: (وَعَد اللهُ الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض ِكما استخلف الذين من قبلهم... يعبدونني لا يشركون بي شيئاً).
ثمّ يأتي بعد ذلك دور نظام (الحِمية الفكرية)، لتخلّصنا من لَوْثات الشك بديننا وضَعف اليقين بربّنا، وتطهّرنا من مركّب النقص الذي يتردّى في أوحاله أبناء أمتنا، ألا وهو (الهزيمة النفسية) تجاه الغرب، وما جرّته علينا من عدم الثقة بما لدينا والانبهار بما عندهم، وازدراء كل ما يتصل بشرعنا وأخلاقنا وقيمنا واحترام كل ما له علاقة بحضارتهم ومعيشتهم!! وإذا كان جيل اليوم يعاني من فراغٍ فكري أو انحرافٍ ثقافي، فلا بُدّ من اقتراح (مصافي إسلامية) لتنقية مستَقْبِلات الأفكار؛ ذلك أنّ القاعدة تقول: (إذا صحّ الفكر صحّ السّعي والعُمران).
ذلكم هو مرض نقص المناعة الإيمانية، وتلكم هي مضادّات المرض... وقد رصدتُ مرضاً آخر هو (سوء التغذية التربوية)، واجتهدتُ في إيجا أمصال مضادةٍ له، أتركها لافتتاحية العدد القادم إن شاء الله تعالى... فتابعونا...
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة