شخصية ماكرة مُخادِعة - معالم الشخصية اليهودية (7)
كتب بواسطة بقلم: محمد علي دولة
التاريخ:
فى : المقالات العامة
902 مشاهدة
عُرفت الشخصية اليهودية منذ زمن بعيد بالخِداع والمكر، وترتّب على ذلك أنَّها لا تفي بوعدٍ ولا تلتزم بميثاق، ولا بعقد، وتمكر بالناس!!
وقد زعموا أنّ هذا الخُلُق الذميم والمَسْلك القبيح أورثهم إيَّاه أبوهم يعقوب عليه السلام - وحاشاه-، فهو واحد من سِلْسلة هم أكرم الناس على الله ممن درجوا على ظَهْر هذه الأرض، إنّه نبيٌّ كريم، نَسَل من آباءٍ كرام، فهو يعقوب بن إسحاق، بن إبراهيم، عليهم الصلاة والسلام أجمعين. إنهم يزعمون في أسفارهم أنّه قد خدع أباه إسحاق لمَّا شاخ، وأنّ أمه «رِفْقة» كانت شريكته في هذا الخداع، في قصة مكذوبة مزعومة لا يستسيغها مؤمن أن تقع من نبيٍّ كريم، وحريٌّ بها أن تكون من وَضْع أحبار اليهود ممَّن يفترون على الله الكذب!!
عاش اليهود تاريخهم الطويل ينكثون بالمواثيق ويتهربون من العقود التي تُلزمهم بأداء الحقوق وبالسلوك المستقيم.
لقد نكثوا مواثيقهم مع الله عز وجل، وتحلّلوا من كلِّ ما أمرهم به من أداء الأفعال المجيدة والتخلُّق بالأخلاق الحميدة؛ فقد ذكر القرآن الكريم مجموعة من المواثيق أخذها الله على اليهود، لكنهم تبرموا من فعلها، وتهربوا من أدائها، وإلى القارىء الكريم بعض هذه المواثيق:
(وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حُسْناً وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلاً منكم وأنتم معرضون) (البقرة: 83).
(إذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تُخرجون أنفسَكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم...)(لبقرة: 84-85).
(إذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأُشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم)(البقرة: 93).
أخذ الله عز وجل عليهم الميثاق بطاعة الأنبياء، ونُصرتهم، وتبجيلهم، واتِّباع هَدْيهم، لكنّهم أساؤوا إلى هذا النَّفَر الكريم أيّما إساءة، فكذبوهم وقتلوهم، ولم يَسْلم من أذاهم نبيٌّ من الأنبياء، من موسى إلى عيسى عليهما السلام، وبينهما حوالي ألف وثلاثمائة سنة: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلاً كلما جاءهم رسولٌ بما لا تهوى أنفسهم فريقاً كذَّبوا وفريقاً يقتلون) (المائدة:70).
***
لم يسلَم من أذاهم وتكذيبهم خاتمُ النبيين محمد صلى الله عليه وسلّم!! فعلى الرغم من ذِكْر أوصافه الكريمة في التوراة، وتبشير موسى عليه السلام به، وذِكْر عيسى لاسمه الشريف، وعلى الرغم من توصية الأنبياء جميعاً بالإيمان به صلى الله عليه وسلّم، مما حَدَا بعددٍ من قبائلهم إلى ترك بلاد الشام والهجرة إلى بلاد الحجاز انتظاراً لبعثته، إلا أنه لمّا بُعث صلى الله عليه وسلّم، لم يؤمنوا به، بل أكثروا من جداله وصدُّوا الناس عن دَعوته، ونكثوا بما عاهدوه عليه، فانضموا لأعدائه، وحاولوا قتله، وكانوا له أعداءً، لكنّ الله خذلهم ونصره عليهم.
عاهدتْه قبائلهم الثلاثة التي أقامت بالمدينة قروناً تنتظر بعثته، وهم: بنو قَيْنقاع وبنو النَّضير وبنو قُرَيْظة: لكنهم جميعاً نقضوا عهدهم معه خلال السنوات الخمس الأولى لهجرته.
فانظر - أيها القارىء الكريم - وتدبّر: إذا كان موقف اليهود هكذا من مواثيقهم وعهودهم مع الله ورُسُله الكرام، فكيف إذاً موقفهم من الناس من أمثالهم؟!
لقد مضى على توقيع اتفاقية أوسلو مع الفلسطينيين خمسَ عَشْرةَ سنة، وها هم أولاء لا يزالون يتحايلون على تطبيق بنودها!
وأُقدِّم الآن شهادة على خداعهم ومكرهم وفُجورهم من رجل من المفروض أن يكون صديقاً لهم، مُحباً لمصالحهم، إنّه الضابط الكبير الجنرال (كارل فون هورن) رئيس هيئة المراقبين الدوليين أيام أقيمت «دولة إسرائيل»، لقد انتقد هذا الجنرال التغطية الإسرائيلية للأحداث في تلك الفترة بكثير من الشدة، فقال: «اجتمعتْ في وكالة الإعلان الإسرائيلية، شديدة البراعة، والصحافة بكاملها، لتلفّقا صيغة محرَّفة ومشوَّهة، نُشرت بكثير من الخِبرة والاحتراف، عبر كل ما توفر من قنوات لتصل إلى شعبهم والمتعاطفين معهم في أمريكا وباقي العالم. في حياتي كلِّها لم أظن أنّ الحقيقة يمكن التلاعب بها بهذه السخرية وهذه الحذاقة».
ويضيف: إنّ مبرر وجودنا، نحن المولجين بحفظ السلام، هو الموضوعية والتجرّد. غير أنّ هاتين المَزيّتين هما اللتان أدّتا إلى العداء. وقد تفهّمنا هذا مرّة تلو الأخرى في سياق أحاديث صريحة مع الضباط والرسميين الإسرائيليين، سمعتهم يرفضون فكرة الموضوعية علناً. فكانوا يقولون بصراحة «لا يمكنكم أن تكونوا إلاً معنا أو علينا». غير أنّ الأبغض من هذا كله هو النزعة الإسرائيلية إلى وَصْم الموضوعية باللاّسامية، وهي تهمة مؤاتية يمكن بها تلطيخ سمعة أي جندي في الأمم «المتحدة»، إذا لم ترجح كفة تقريره «المتجرّد» لصالح الإسرائيليين.
من وقت إلى آخر كنّا نجلب على أنفسنا مقداراً من العداء في تعاطينا مع العرب، غير أنّ هذا لم يكن على هذا النحو الحقود والمسعور. قد يكون العربيّ صعباً، قليل الاحتمال، لا بل غالباً ما يكون مستحيلاً؛ إلاّ أنّ تَصَرُّفه يكون دائماً على مستوى أعلى بكثير وأكثر تحضُّراً. أعتقد أنّنا جميعاً وصلنا إلى هذا الاستنتاج في منظمة مراقبة الهدنة (untso)، وهو أمر يدعو إلى الاستغراب؛ ذلك أنّ أحداً منّا لم يصل في البداية إلى الأرض المقدّسة، وهو في موقف غير إيجابيّ أو غير متعاطفٍ إزاء الإسرائيليين وما يطمحون إليه بالنسبة لبلدهم.
كنتُ دائماً أتحدث إلى موظفينا عند مغادرتهم الخدمة، وكنت أسمع منهم القصّة نفسها من دون تغيير. كلّهم تقريباً جاؤوا بقصدٍ نزيه وهو مساعدة الفريقَيْن على تنفيذ اتفاق الهدنة، وكان عند جميعهم تعاطف واعٍ مع شعب إسرائيل «الصغيرة المسكينة». ولكن، بعد سنتين أو ثلاث من التواصل اليوميّ مع الرسميين، والجنود، والأفراد من الجانبَيْن، تغيّر موقفهم بشكل جذريّ. حين كنت أسألهم عن الخبرات الأكثر سلبية في خدمتهم في منظّمة مراقبة الهدنة، كنت ألقى جواباً واحداً لا يتغير: (غِشّ الإسرائيليين ومخادعتهم المستمران). كان هذا محزناً بالنسبة لي، ولكنّه في غاية الأهمية».
إنّ الخداع الذي مارسه اليهود مع الناس طيلة ثلاثة آلاف سنة، ابتداء من خداعهم لأبيهم يعقوب عليه السلام، حين جاؤوه بدمٍ كذب، زاعمين - وهم يبكون - أنه دَمُ أخيهم الصغير يوسف الذي أكله الذئب!! وانتهاءً بمخادعتهم المستمرة لأفراد منظمة مراقبة الهدنة التابع للأمم المتحدة الذي يتكلم عنه الجنرال (هورن).. إنّ هذا الخداع لن يَدَعوه أبداً، فهو سِمَة أصيلة من سمات شخصيتهم العجيبة، وبناء على ذلك فإنهم سوف يستمرون في نبذ العهود، ونقض المواثيق والعقود، وخيانة الآخرين!!.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن