وضعت جنبي
باسمك اللهم وضعت جنبي، وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحـ...... الصالحين!
أنا؟ هل أنا صالح؟ صالح بعد الذي اقترفتُ وأذنبتُ؟ ثم وبكل جرأة أطلب من الله أن يرحمني أو يحفظني! كيف؟ وقد فعلتُ ما فعلت؟ كيف وقد كنت قبل قليل أتابع ذلك المقطع البذيء في فضول ومتعة ونَهَم؟ كيف وأنا أعلم يقيناً أنّ العين تزني وزناها النظر!؟ وقد رأيت بعينيّ وأشبعتهما بما يُغضب الله ورسوله! كيف وأعلم تماماً أن الأذُن تزني وزناها أن تسمع ما لا يحبه الله ورسوله، وقد فعلتُ وسمعتُ ما يشرح صدر الشياطين والأبالسة؟
فأين أنا من زمرة العباد الصالحين؟ الصالحون فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وخالد وعمرو وسعد ومعاذ وأبو عبيدة...
فهل يُعقل أنّ مَن يشاهد الحرام ويملأ عينيه من الحرام أن يكون مع هؤلاء الأنقياء الأتقياء؟
لقد جعل الله لي السمع والبصر والفؤاد لأؤدي حق الشكر له انتفاعاً ونفعاً وإحساناً.. ويْلي من الله.. ماذا فعلت؟
ثمّ غداً.. إنْ طلع عليّ الصباح، سأقابل والديّ والأصدقاء والناس وسيسلمون عليّ وهم يظنون أني الشاب المحترم المهذب! وأنا والله لستُ كذلك! أنا الضعيف، أنا الجبان الذي يُذنب في بُعده عن الناس ظناً منه أنْ لا أحد يراه، أنا مَن انتهك حُرُمات الله في خَلوته، أنا مَن نسي أن اللهَ يراه، أنا مَن غفل عن ملائكةٍ أحصت وعدّت وكتبت..
سامِحني إلهي واغفر لي.. سامحني وتُب عليّ.. أخاف منك وأخشى عقابك.. أحبك وأطمع في رحمتك.. أحبك وأستغفرك.. سأجتهد أن أُطيعك وأتجنب ما يُغضبك كأني أراك.. لن أرى حراماً أو أسمعه في خلوتي.. لا أريد أن أكون ممن قال فيهم رسولك ورسولنا صلى الله عليه وسلّم: «يصلّون كما تصلّون ويصومون كما تصومون ويأخذون من الليل كما تأخذون، غير أنهم إذا خلَوْا بمحارم الله انتهكوها»!..
«باسمك اللهم وضعتُ جنبي، وبكَ أرفعه».. أدعوك اقتداء برسول الله، أدعوك طمعاً في عفوك ورحمتك «فإن أمسكت نفسي».. إلهي لا تُمتني وأنتَ غير راضٍ عني.. «فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» إلهي أحب أن أكون من الصالحين فاجعلني منهم.. «الله لا إله إلا هو الحي...».
ما أجمل ابتسامتك والدي! ما أروعك وأنت راضٍ عني كما فعلت اليوم! لقد اكتشفتُ بعد طول غباء مني أنّ إرضاءك سهل: تقبيل رأسك المثقَلة بهمومنا ويدك المتفضِّلة علينا، والخضوع لرأيك حتى لو لم يناسبني، وكَفّ المراء واستبدال كلمة صغيرة جميلة به: حاضر أبي، وسأرْفع سروالي لأعلى قليلاً!
سأداوم على ما كان مني اليوم في رضاك حباً في الله وبِراًّ بك... {قل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق...}
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن