إجازة في الإعلام من جامعة بيروت العربية...دبلوم في الإدارة... مديرة تحرير مجلة منبر الداعيات... مشرفة على قسم الطالبات في جمعية المنتدى الطلابي المنبثقة عن جمعية الاتحاد الإسلامي... عضو إدارة القسم النسائي في جمعية الاتحاد الإسلامي... المسؤولة الإعلامية لتجمع اللجان والجمعيات النسائية اللبنانية للدفاع عن الأسرة ممثلة جمعية الاتحاد الإسلامي.
بازار الزواج عند العلمانيين
مجدداً... يُسفر العلمانيون عن وجوههم القبيحة... فإنّ لهم في كل ميدان معركةً مع الإسلام خاصة: "الحكم الإسلامي" إرهاب ورجعية، والأسرة "المسلمة" نمطية آن أوان تغيير شكلها، و"الزواج الديني" قيودٌ علينا تحطيمها...
إنما هي محاولات شتى لضرب كيان الأسرة - بعد الفشل في استئصال الإسلام - تتخذ صوراً وأشكالاً متعددة، وهرطقات يفتعلونها لسببين: هدم الدين بطرق أكثر التواءً، وإشغال الناس عن قضاياهم الأهم؛ فمن صَوْلات وجَوْلات الدفع باتجاه رفع التحفظات عن اتفاقية السيداو، إلى الاستماتة لفرض ما سُمي بقانون حماية المرأة من العنف الأُسْري، إلى إعادة إحياء قانون الزواج "اللاديني" بعد إخراجه من ثلاّجة الدولة... وفي كل مرة تُطل العلمانية برأسها كالأفعى تنفث سمومها في كل اتجاه!
مشكلة العلمانية مع الدين لم يختلف مضمونها منذ نشأتها على خلفية التخلص من تسلّط الكنيسة بقوانينها المتعارضة مع فطرة الإنسان... غير المسلمين تنكّروا لدينهم وحُقّ لهم... في ابتداء أمرهم... ولكنّ غياب أو تغييب البديل عنهم قد ساقهم تالياً إلى المبالغة إلى حدّ الغرق في أوحال المادية... هذه مشكلتهم... فما بال بعضنا - وقد كفانا الله معاناة التخبّط لاختراع قوانين تنظّم حياتنا - يشرّق ويغرّب ويضِلّ الطريق؟!! وهل هناك أحسن وأجوَد من نظام يعلم مشرّعه عنه تفاصيل التفاصل والأسرار والمَداخل والمَخارج والمشكلات والحلول و...؟ {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير} إنها والله لَتجارة خاسرة مغبونٌ مَن يتاجر بها!
قانون الزواج المدني (اللاديني) لو يتأمل المتأملون (وهذا خطاب للمسلمين) ساقطٌ جملةً وتفصيلاً بآيات من العليم الحكيم الخبير، منها: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا}، {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}، {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، {قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ...}... وغيرها الكثير مما يرسم للمسلم الإطار الصحيح لقوانين الحياة.
اقرؤوا واعتبروا أيها المؤيدون أو المرتابون أو التائهون بينَ بين... إذا كنتم أصحاب بصائر، ثم أريحونا من عناء الغَرَق في التفاصيل وتضييع الأوقات والجهود والأموال في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه لبذل كل ذلك في نُصرة قضايا المسلمين، وفي رفع المعاناة عن المنكوبين، ثم في النهوض بواقع الأمة، والقائمة تطول...
ولو أردنا الوقوف عند بنود ذلك القانون وما وراءها فسنجد الطامّات مما لا يَقبله عقل فضلاً عن دين...
فقضايا الزواج والإنفاق والطلاق والعِدّة والحضانة والإرث والتعدّد والتبني... كلها في القانون اللاديني تخالف شرع الله جملة وتفصيلاً، ثم تخالف مصلحة كل فرد في الأسرة... فالزواج له سنّ محددة للشاب والشابة، والمسلمة لها أن تتزوج غير المسلم والمسلم له أن يتزوج بوذية أو ملحدة... والزوجة مطالبة بالإنفاق إن كانت ذات مال، والطلاق لا يتم إلا أمام القاضي، وعدة الطلاق 300 يوم، وفي الميراث اختلاف الدين لا يَحول دون التوارث بين الزوجين، والولد من الزوجة الثانية في الزواج المدني يُعتبر ولداً غيرَ شرعيّ؛ لأن التعدد مجَرّم بالقانون وغير معترف به ولا بما ينتج عنه، والتبنّي مشروع... والحضانة أمرُها يعود لقرار المحكمة... وغيرها مما يحرم على المسلم المطالبة به فضلاً عن مباشرته وارتضائه حُكماً يُضادّ حكم الله تعالى... وقد صدق الحق عندما قال: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}... وأيّ اختلاف؟! وأيّ تناقض؟! وأيّ مهزلة تلك التي حوَتها بنود القانون!
وكل هذه الخَلْطة الغريبة العجيبة في حزمة القوانين تلك أبرز هدف لها: تسهيل زواج المسلمة من غير المسلم... وعليه فإن المسلمين هم أكثر المتضررين من قانون كهذا، خاصة إذا ما علمنا أن قضايا مثل الطلاق والتبنّي والتعدُّد، وغيرها... في الزواج اللاديني نابعة من روحية التشريع عند النصارى، ولعل هذا ما قد يفسّر كيف أن رفضهم لهذا القانون غير جازم فضلاً عن تخبُّطه...
في معرض تعليقه على الزواج المدني يقول المطران بولس مطر: "إنّ من حقِّ الكنيسة أن تدافع عن إيمانها وإيمان أبنائها، دون أن تُلزم به أحدًا. والدَّلالة على احترام الكنيسة للحرية الإنسانية هو قَبولها الزواج المدنيّ ولو مُكرهة في الدول الَتي اعتنقت هذا القانون. الغرب المسيحيّ قرر الزواج المدنيّ بأكثرية دُوَله، فأذعَنَت الكنيسة، على أنَّها لا ترى في الزواج المدني زواجًا كافيًا، وبقيت تقول لأبنائها: "بعد زواجكم في الدولة - وأنتم ملزمون به بحكم القانون - تعالوا إلى رعيتكم لعقد زواجكم الكنسيّ؛ فهو الزواج الحقيقيّ للمؤمنين" (جاء تصريحه في ندوة في المركز الكاثوليكي للإعلام حول الزواج المدني – عن موقع المركز، بتاريخ 7 شباط 2013).
هذا في الوقت الذي أورد موقع الجزيرة نت بتاريخ 24 نيسان 2011 مضمون برقية دبلوماسية صادرة من السفارة الأميركية في الفاتيكان عام 2007 وسرّبها موقع ويكيليكس: إن الفاتيكان ضغط على الحكومة اللبنانية لتشريع الزواج المدني في لبنان رغم معارضة الأساقفة لذلك التوجه. الاعتراف الفاتيكاني جاء على لسان المطران أنتونيو فيغيليو وزير العبادات في الكنائس الشرقية في حكومة الفاتيكان الذي تحدث للدبلوماسيين الأميركيين عن الفترة التي قضاها سفيراً للكرسي البابوي في بيروت. وقد شرح الوزير البابوي وجهة نظره في تشجيع الزواج المدني في لبنان قائلاً: إن الشعوب في الشرق الأوسط يجب أن يكون لها الخيار "الحديث" في أن تكون علمانية!!
***
وبعد، فليعلم الناس أجمعين بأن التشريع الإسلامي بحذافيره مَفخرة وعزّ لنا، بما يتميز به من كونه إلهيَّ المصدر، شموليَّ النظام، يراعي فطرة الإنسان، ويؤسس لحياة صالحة على أفضل ما يكون التأسيس والتنظيم، ليستقيم أمر معاشه على الأرض، ويَصلح شأن آخرته... تشريع متوازن: يوازن بين أبعاد الإنسان كافة الروحية والفكرية والجسدية، تشريع منصفٌ عادل ليس فيه شَطَط ولا محاباة، تشريع يتّسم بالواقعية والمرونة (بمعناهما الإيجابي الدقيق) حيث إنه يستوعب كل أحوال الإنسان على اختلاف زمانه ومكانه ومستجدّات عصره...
فهل يملك المسلم إلا أن يتمسّك بالتشريع الإلهي ويعضّ عليه بالنواجذ ويقطع الطريق على كل من يحاول تشويهه أو ترقيعه أو تنحيته من واقع الحياة؟
وهل يملك المسلم - حتى يكون مسلماً حقاً - إلا أن يأخذ هذا الدين كلّه فلا يكون انتقائياً فيأخذ أو يدع بما يناسب هواه؟ يقول عليه الصلاة والسلام: "إن دينَ الله لن ينصره إلا مَن أحاطه من جميع جوانبه" رواه أبو نُعيم والبيهقي وحسّنه الحافظ ابن حجر.
فبهذا التشريع سُدنا وبه سنعود بإذن الله تعالى... فلله الحمد إذ أعزّنا بالإسلام، ورَحِمنا بتشريعاته، وعلّمنا كيف نحقق هدف الحياة على الوجه الذي يُرضيه سبحانه.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة