شباب صُلب
في زمان كزماننا كثيراً ما تكون المعطيات والمطالب متناقضة، مما يجعل كثيراً من الناس يشعرون بالارتباك، ويحارون في اتخاذ الموقف الصحيح: زماننا زمان الرفاهية والخيارات المتعددة في كل مجال، وهو أيضاً زمان التعب والانضباط الذاتي، وفي خضم كل هذا نجد من يحقق العديد من المنجزات مع قلة إمكاناته، كما أننا نجد من يملك الكثير من الفرص لكنه في وضعيته العامة أقل من إنسان عادي، وهذا في نظري يعود إلى شيء جوهري هو أن الذي يرقى بالناس في معارج الكمال، ويجعل من بعضهم أشخاصاً استثنائيين ليس القدرات والإمكانات والظروف المواتية وإنما صلابة الإرادة وقوة العزيمة والتصميم، وما الذي يستفيده المرء من توفر الإمكانية لعمل شيء ممتاز، لكن الرغبة في ذلك معدومة؟
نحن اليوم في حاجة إلى (شباب صلب) بسبب النفقات الباهظة التي يتطلبها العيش الكريم وبسبب المغريات الهائلة التي تضغط على الشباب كي يمضوا في طريق الرذيلة.
لعل مما يساعد على الصلابة النفسية والروحية الأمور الآتية:
1- الثقة بالنفس والتي تعني اعتقاد المرء بأنه قادر على أن ينجز مثل ما ينجزه أقرانه وزملاؤه، والاعتقاد بالقدرة على الاستمرار في العمل مدة طويلة.
2- على المرء أن يرفق بنفسه، ويتخلص من جلد الذات، فالواحد منا ليس مسؤولاً عن خراب العالم ولا عن إصلاح الكون، حتى الأخطاء التي يقع فيها قد يكون معذوراً في بعضها بسبب الجهل أو الغفلة أو سوء التقدير....
3- على المرء أن يقنع نفسه بأن حالته ليست خطيرة، وأنه ليس في أسوأ وضع، لأن الاعتقاد بغير ذلك يؤدي إلى اليأس ويوهن العزيمة، وإن كثيراً من الشباب الجامعي في كثير من البلدان يجدون أنفسهم باطلين عن العمل، مما يجعلهم يعتقدون بأن وضعهم هو الأسوأ. دائماً هناك شيء يستحق الحمد والشكر، ودائماً هناك منجَز ما يستحق الاحتفال.
4- التخلص من العادات السيئة على سبيل التدرج شرط مهم للشعور بالتقدم وتحسّن المزاج، وهكذا فإن في إمكان كل واحد منا أن يجاهد نفسه كي يتخلص من عادة أو عادتين سيئتين كل عام، وذلك مثل التدخين والمماطلة في أداء الواجبات والمبالغة في الكلام وإهمال النظافة الشخصية...
5- لسنا في دار مثالية، ولن نحصل دائماً على ظروف مثالية، ولهذا فإن على الواحد منا أن يكون قادراً على التكيف مع الظروف الجديدة. التكيف عامة علاقة على الذكاء وقوة الشخصية، ونحن حين نتكيف مع الظرف طارئ نفعّل طاقاتنا الكامنة، ونستفيد من الظرف الصعب، بل إننا نؤثر فيه فيصبح التعامل معه شيئاً أسهل.
6- نحن في حاجة إلى التخلص من (كابوس الحرمان) ومشاعر سوء الحظ وتآمر العالم.. كل واحد منا سيجد من يقف في طريقه ومن يحسده، ومن يخطئ معه، لكن يظل المهم ما نفعله نحن، وليس ما يفعله الآخرون.
7- الاهتمام بالمظهر والتأنق المعتدل يولد مشاعر جميلة لدى الإنسان ويقيه من شرور سيطرة الإهمال عليه والذي يوحي دائماً بالعجز والانسحاب والإخفاق.
والله مولانا.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن