باحث في مؤسسة القدس الدولية، متخصص في التاريخ الإسلامي، كاتب في عدد من المجلات والمواقع الالكترونية، عضو رابطة أدباء الشام، ومسؤول لجنة الأقصى وفلسطين في جمعية الاتحاد الإسلامي.
فلسطين نبض الحنين...
مع مرور كل يوم في المئوية الأخيرة من حياة أمتنا، تزداد جراحاتها ويزيد النزف الحاصل فيها ولم تكن فلسطين إلا حلقة سبقتها حلقات كثيرة وتبعها أكثر، ولكنها ومنذ أن شعرنا بأنها قد سلبت من بين أيدينا نشعر بالذهول ذاته واستفزاز المشاعر في رحاب الواقع المأزوم بالخيانة والتشويه، ولا نستطيع الإجابة على السؤال البديهي وسط الحيرة والتشويش، كيف ضاعت فلسطين؟...
لن أتكلم عن النكبة وأهوالها، عن شعب قُسّم غيلة واستيقظ نصفه في صباح سلبت فيه الشمس وهو مشتتٌ في بقاع الأرض هائم على وجهه يسكن الخيام وبيوت الصفيح، سُلب أبسط مقومات الحياة بل الحياة كلها بلا فلسطين..
لن أتكلم عن مجازر دير ياسين وكفر قاسم والعشرات غيرها، عن أنّات الجرحى وآهات الثكلى، عن آلاف قتلوا بدمٍ بارد وصفوا بصورةٍ مقيتة عبر وجوه لم تعرف الإنسانية بل هي كالحة مظلمة كأفاعٍ آدمية تقتات على جثث الآمنين العزل...
لن أتكلم عن ستٍ وستين حزناً وطفل كبر في أحد مخيمات لبنان أو في أزقة الأردن وهو يحتفظ بمفتاح منزل جده على أمل عودة قريبة ولكن الانتظار كان أحياناً أكبر من الصبر وأوسع من المستحيل...
لكني هنا سأتكلم عن فلسطين التي أحب وأهوى وهي لكل حرّ من أحرار هذا العالم الدنيا كلها وحلمنا الأجلّ، هي موطن الأجداد ومراتع الأمجاد، هي سماحة عمر الفاروق لقد كانوا اثنين ودابة ضعيفة وثوب مرقع فتحت أمامه أسوار القدس وانحنت له جلالاً وهيبة.. هي خيلاء معاوية رأس العرب ودرة الملك حديثه سيل من جيوش الفتح وعبر التنزيل...
فلسطين عمارة الوليد وإبداع معمار مسلم سكب في مسجدها الأجل نطفاً من روحه لتكون منارة الجمال والكمال.. أرضنا المقدسة التي واكبت أحلام جيلَيْن لتلد الأمة من رحم مأساتها جيشاً من الصلاح ليغسل القدس بنفائس العطور مع دمع المقل...
فلسطين الأثيرة على القلوب صبغت كل الشام بقدسية فاتنة فهي "شام شريف" بني عثمان وعمال القانوني يكسون قبة الصخرة بزرقة البحر ليقف على البوسفور ويشاهد سبائك النحاس تعكس صفحة شمس حضارتنا، صرة الحجيج تترنح بين قوافلها لتنفق على أهل الحرمين الشريفين، هي مقولة ذلك السلطان المظلوم "أرض سقاها الأجداد بدمائهم فكيف أعطيها لشذاذ الآفاق"...
فلسطين أندلس القرن العشرين مأساة نعيش تفاصيلها ونُسقى آلامها حتى اليوم تجرعنا مرارة الثانية والأولى بارزة حية في الوجدان والتاريخ.
هي عنوان الحنين وقلب أمتنا النابض، ورائدها لن يكذب الأمة أبدا وسيظل رابضاً في مواجهة أطماع المحتل وصوت خطيب أقصاها يلهب الملايين بأن سراج الزيت لن ينطفئ... لن ينطفئ....
هي حصاد ربيع الشآم والكنانة ولن يزهر ربيع أمتنا بغير ثمار الزيتون في ربوع الأقصى...
إليها ستتوجه القلوب والسواعد المتوضئة لتزيل ليل الحاقدين خرجت أمواجه الهادرة في منتصف القرن ثم في ثمانيناته وذلك الشيخ المقعد أرعب بشيبته وإرادته أساطيل الغدر والخيانة...
فلسطين حكايا جدتي وجلسات البيادر، هي محراب الخشوع، لها طربت قلوبنا بثورات الأحرار في العالم فاليوم هناك نهتف ونثور... نزيل الطغيان ونرجم البغاة وغدا - بإذن الله- ستكون القدس موعدنا...
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة