باحثة متخصصة في القضية الفلسطينية ورئيسة (ائتلاف المرأة العالمي لنصرة القدس وفلسطين).
لن ننسى الأقصى
فلسطين كانت بالأمس هي الوجع الذي يجمع الأمة، والتحدي الذي يثير الحماسة في قلوب الشباب والشيبة، والأمل الذي تعيش عليه الملايين، والقضية التي لا خلاف عليها، لا بل ويجتمع عليها كل الفرقاء مهما كانت الخصومة والتباعد بينهم.. هذا ما عاشت عليه أمتنا، لسنوات طويلة.
فماذا تعني فلسطين بالنسبة لنا اليوم؟
حقيقة لم يعد هناك مكان لفلسطين تحديداً، وإنما الأقرب إلى الواقع أن القضية صارت هي الفلسطيني، الذي تصاحبه الأزمات حيثما حلّ؛ ففلسطين عند اللبناني هي مشكلة المخيمات، وظلال سوداء لأحداث قديمة مريرة في تل الزعتر، وربما نهر البارد في الحديث. وفي مصر، يتداول شياطين الإنس خرافة اختراق الفلسطينيين للبلاد، ورغبتهم في تخريب البلد، فضلاً عن سعيهم للاستيلاء على سيناء.. وهكذا.
لا بد أن نعترف أننا قد ورثنا من الأجيال التي سبقتنا مكانة فلسطين وقيمتها، لكننا على ما يبدو فشلنا في أن نورّث الأجيال التي أتت من بعدنا: ما هي فلسطين؟!
عندما يشير الأستاذ الجامعي لطلبته إلى ليبيا في الخريطة ثم يسألهم: «ما هذه؟» فتجيب طالبة تجلس أمامه بثقة: «إنها تجاور مصر، إذن هي فلسطين!» فعندها ندرك عظم الجرم الذي أجرمناه في حق هذه الأجيال الصاعدة.
سألتني خريجة جامعية، تعلم بأن لي علاقةً ما بالقضية الفلسطينية، سؤالاً وجيهاً: «هل صحيح أن اليهود يحتلون المسجد الأقصى؟»، صدمتني بالسؤال... حاولت أن أخفي دهشتي وأجبتها بأنه صحيح، فقالت بحزن: «لا حول ولا قوة إلا بالله!»، لم أجد رداً عليها سوى أن أردد معها: بالفعل، لا حول ولا قوة إلا بالله!
هلاّ أجبنا على السؤال بصراحة: ماذا تعني فلسطين لنا؟ وماذا يمثل لديك المسجد الأقصى؟
لدينا مشاكل كثيرة في كل بلداننا العربية، وربما كلمة «مشاكل»، لا تفي بالغرض، والأقرب إلى الحقيقة أن نقول «كوارث»، ويروج البعض لفكرة أن يحل كل قطر مشاكله وكوارثه، ثم يبحث بعدها عن مشاكل غيره، باعتبار قضية فلسطين تندرج تحت بند «الغير» هذا.
لكننا نتساءل: ماذا سنفعل بمطلع سورة الإسراء؟ أيمكن أن نؤجل الكلام عن مسرى نبينا صلى الله عليه وسلّم حتى نفرغ من حل كوارثنا؟ مهما عظم حجمها؟ وما الذي يضمن لنا أننا سنجد الأقصى بانتظارنا حين نفرغ من حل أمورنا الداخلية؟!
إن الصهاينة يحثون الخطى قدماً لإنهاء كل ما يرغبون في إنهائه قبل أن تفيق الأمة مما هي فيه، مستغلين انشغالنا عنهم، فهل نحقق لهم مرادهم بهذه البساطة؟!
في العام الماضي كان زفاف نائبة وزير المواصلات الصهيونية، تسيفي حطوبولي، وقبل زفافها بيوم قامت باقتحام المسجد الأقصى، وسط حراسة مشددة، تصاحبها وسائل الإعلام الصهيونية، وأعلنت أمامهم أنها أتت قبل يوم واحد من حفل زفافها، وتعمدت أن تكون في هذا المكان الهام، في هذا اليوم الهام كذلك، لأن هذا المكان مقدس، ومهم جداً بالنسبة لليهود، ومن الضروري أن يكون وصول كل اليهود إليه ميسراً، ودون أية قيود!!
تُرى لو قلنا لعروس في بلادنا قبل يوم من زفافها: تعالي لتشاركي في وقفة لنصرة الأقصى، ولتكن الوقفة في الشارع المقابل لبيتك، ماذا سيكون ردها؟
أيكون أهل الباطل أكثر حرصاً على التضحية من أجل باطلهم منّا نحن، أهل الحق؟!
على الأمة أن تُبقي جذوة هذه القضية مشتعلة في نفوس أبنائها حتى يوم النصر والتحرير، الذي لا نشك في أنه آتٍ مهما مر الزمن.
علينا أن نرضع أطفالنا ونعلّم صغارنا أن لهم أرضاً سليبة، تضم قبلتنا الأولى، وهي شرف هذه الأمة المغتصب، اسمها فلسطين.
لا بد أن ندرك أن أمتنا لن ترفع رأسها ولن يكون لها عز أبداً ما دامت مقدساتها منتهكة، وحرماتها مستباحة.
إن نصر هذه الأمة هو موعود الله لها، وهو آتٍ لا محالة، فمهما علا الباطل وانتفش فهو إلى زوال: (وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ، إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) (الإسراء: 81).
لا بد أن نقولها، بعلو الصوت، للدنيا كلها:
مهما كانت مشاغلنا فلن ننسى الأقصى. لن تنسى أمتنا مسرى المصطفى صلى الله عليه وسلّم.
جمعنا الله تعالى في ساحة الأقصى فاتحين منتصرين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة