التشهير بالمجرمين
السؤال:
حينما يرتكب بعض الأشخاص جرائم مفزعة كالخطف والاغتصاب وغير ذلك؛ فهل يجوز أن يُشهَّر بهم ونشر صورهم في وسائل الإعلام من أجل أن يتعظ بهم غيرهم؟
الجواب:
التشهير والإعلان عن جريمة معيّنة وإظهار مرتكبها في وسائل الإعلام جائز من حيث الأصل إذا كانت الجريمة من الجرائم الاجتماعية التي تُقلق راحة الناس، ويضطرب الأمن بوجودها، فإذا ثبتت الجريمة على شخص بعينه أو أُخِذ متلبساً؛ فيجوز التشهير والإعلان عنه وعن جريمته بقصد الردع للغير، وتطمين الناس بالقبض على المجرمين، وهذا في حدِّ ذاته يعتبر عقوبة في الفقه الإسلامي، قد يكون عقوبة تبعية، أو عقوبة أصلية، وهذا الإعلان والتشهير أصل في العقوبات الثابتة خاصة في الحدود كالقتل والزنا والسرقة وما إلى ذلك؛ ففي جريمة الزنا إذا ثبتت يقول الله تبارك وتعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، والقصد من حضور جماعة من الناس يعاينون تنفيذ العقوبة هو الاتعاظ لمن حضر من العامة ولكي ينقل من حضره لغيره فينزجر الجميع ويُقلع مَنْ تحدِّثه نفسه باقتراف هذه الجريمة. وقد سُئل الإمام مالك رحمه الله عن المجلود في الخمر والفرية: «أترى أن يطاف بهم وبِشُرّاب الخمر بَرٌّ؟ قال: (إذا كان فاسقاً مدمناً فأرى أن يُطاف بهم ويُعلن أمرهم ويُفضحون) (التبصرة 2/177). وجريمة الخطف والاغتصاب من أفظع الجرائم، وهي من جرائم الإفساد في الأرض ويستحق فاعلها أقسى العقوبات مشمولاً بقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (المائدة: 33)، ولو أننا نفّذنا العقوبات المذكورة في الآية الكريمة لأَخَذَ المجرم عقوبته وارتدع غيره وأَمِنَ المجتمع من شرور المجرمين. وأودّ أن أُضيف هنا أن العقوبة ينبغي أن توقع بكل من ارتكب مثل هذه الأفعال ما دام بالغاً، لأن البالغ العاقل مسؤول عن فعله في الدنيا والآخرة؛ فإعفاء من لم يبلغ الحادية والعشرين من تشديد العقوبة واعتباره حَدَثاً يأخذ عقوبة مخفّفة يعتبر مدعاة وتشجيعاً لارتكاب جرائمهم، فأرى أن تتقرَّر العقوبة على كل عاقل بالغ رشيد يثبت عليه ارتكاب جريمة ما.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن