المسلمون في اليابان - حوار مع مدير المركز الإسلامي في اليابان
كتب بواسطة حوار: منال المغربي
التاريخ:
فى : آراء وقضايا
1387 مشاهدة
بعد أن بزغت شمس الإسلام في سماء اليابان بدأ المسلمون هناك يشعرون بالحاجة إلى نشر الإسلام بصورة أوسع بهدف إحداث تغيير في تلك المجتمعات التي يدين أكثرها بالوثنية، ومن ثمار هذه المحاولات.. المركز الإسلامي في طوكيو.
أسئلة كثيرة تَوجهنا بها إلى الدكتور صالح السامرائي مدير المركز الإسلامي في طوكيو دارت حول الإسلام في اليابان.
فإلى الحوار:
1. «منبر الداعيات»: متى تأسس المركز الإسلامي في اليابان؟ وما هي أهمّ أهدافه؟ وإنجازاته؟
· المركز الإسلامي كان ولا يزال أحد ركائز الدعوة الإسلامية في اليابان. وبفضل الله أصبح الوجود الإسلامي ملحوظاً في جميع أنحاء اليابان من الشمال إلى الجنوب. وقد قام المسلمون بحمد الله بتأسيس المساجد العديدة بتعاون وجهود وتبرع المسلمين داخل اليابان، والمصلَّيات أصبحت منتشرة في أغلب مناطق اليابان.
في البداية قام المركز الإسلامي بتقديم الدعم المادي والمعنوي من أجل إقامة المساجد والمصليات والجمعيات الإسلامية في جميع أنحاء اليابان. وقد لعب المركز دوراً كبيراً في توسيع الوجود الإسلامي في اليابان، واستطاع أن يدعم الطلبة المسلمين القادمين من البلدان الإسلامية ويزوّدهم بمختلف المنشورات باللغة اليابانية لتوزيعها بين الطلبة والأساتذة اليابانيين. كما قام المركز بتنظيم العديد من المخيمات الخاصة بالطلاب والشباب في اليابان.
وبفضل الله فقد أشهر الكثير من اليابانيين واليابانيات إسلامهم في المركز خلال هذه السنة، كما تم تسجيل شهادات الزواج للعديد من المسلمين في اليابان.
2. «منبر الداعيات»: لو تحدثوننا عن تاريخ دخول الإسلام إلى اليابان.
· يرجع تاريخ الإسلام في اليابان إلى سنة 1891، عندما اعتنق عدد من اليابانيين الإسلام. وما بين عامَيْ 1923 إلى 1952، هاجرت مجموعات من المسلمين التتار من آسيا الوسطى إلى اليابان واستقرت في مناطق طوكيو وكوبي وناقويا، كما أقام عدد من المسلمين الهنود في مدينة كوبي. وفي عام 1956 قدم إلى اليابان أفراد من جماعة التبليغ في باكستان وكانت لهم جهود كبيرة في نشر الإسلام في اليابان. وفي تلك الأثناء عاد إلى اليابان عدد من اليابانيين الذين أسلموا في مناطق جنوب شرق آسيا والصين، في حين استمر توافد جماعة التبليغ إلى اليابان بشكل دوري، ومن بينهم أشخاص أسهموا بشكل فعّال في تنشيط عجلة الدعوة في اليابان منهم عبد الرشيد أرشد وسيِّد محمد جميل.
في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي بدأ توافد الطلبة المسلمين من مختلف البلدان الإسلامية للدراسة في الجامعات اليابانية، وقام عدد منهم في عام 1960 بتأسيس «جمعية الطلبة المسلمين» وكنتُ من بين المؤسسين مع عبد الرحمن صدّيقي، وأحمد سوزوكي، ومظفر أوزي. وفي عام 1974 قمتُ بالتعاون مع بعض المسلمين في اليابان بتأسيس المركز الإسلامي.
تركزت نشاطات المركز في بداياته حول مسجد طوكيو بالتعاون مع المسجد وعامة المسلمين الموجودين في اليابان.
ونتيجة للصدمة البترولية في عام 1974، بدأ اليابانيون بالاستفسار عن الإسلام ومحاولة التعرف عليه وذلك من خلال الاتصال بالمركز الإسلامي. وفي هذه الأثناء أرسل الملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية بعض الدعاة إلى اليابان وذلك في عامي 1973-1974، مما أعطى دفعة كبيرة للدعوة الإسلامية فيها. وخلال تلك الفترة قام المركز الإسلامي بترجمة ونشر حوالي 50 كتاباً وكتيباً باللغة اليابانية وتوزيعها مجاناً لمن يطلبها، كما قام بتنظيم العديد من الاجتماعات والندوات الدعوية داخل اليابان. وأصدر أيضاً مجلة فصلية باللغة اليابانية بعنوان: «السلام»، فحظيَتْ بالقَبول من قِبَل مختلف الشرائح اليابانية.
3. «منبر الداعيات»: ذكرتم في إحدى الوسائل الإعلامية بأن «اليابان ربما يكون أحسن مكان لنشر الإسلام حالياً»؛ فما السبب؟
· اليابانيون من أسهل شعوب الأرض دخولاً في الإسلام. علماؤنا يقولون: لو استقرأنا التاريخ لوجدنا أن الأمم الوثنية هي التي دخلت في دين الله أفواجاً، مثل العرب والترك والفرس وغيرهم... بينما يُسلم النصارى واليهود فُراداً.
ويعتبر اليابانيون من أكثر شعوب الأرض تسامحاً مع بعضهم البعض؛ فقد يكون الأب على دين الشنتو، (الدين الأصلي لليابان)، والأم على الديانة البوذية التي دخلت اليابان من كوريا والصين في الوقت نفسه الذي ظهر فيه الإسلام في مكة، ثم نجد الابن يعتنق المسيحية والبنت قد تكون مسلمة، والكل في انسجام؛ وهذا لا يعني أن الشاب الياباني والشابة اليابانية إذا أسلما لا يواجهان معارضة من الأهل، إلا أن المعارضة ليست شديدة، وفي الأخير تتقبل العائلة إسلام أحد أبنائها أو بناتها حينما يرَوْن احترام المسلم أو المسلمة للأبوَيْن؛ وهذه الصفة أحد أهم أُسس المجتمع الياباني التي بدأت تتراجع.
4. «منبر الداعيات»: ما دور التجار والسيّاح والطلاب المسلمين العرب في الدعوة إلى الله في اليابان؟
· يبذل التجار المسلمون جهوداً للدعوة ولبناء المساجد والمصلّيات؛ فبعد أن كان في اليابان مسجدان، يوجد الآن أكثر من 400 مسجد ومصلى من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
أما الطلبة المسلمون القادمون للدراسة، وهم من روّاد العمل الإسلامي في اليابان، فقد تشكلت منهم أول جمعية للطلبة المسلمين عام 1961، وعلى امتداد السنين فقد شاركوا إلى يومنا هذا في الدعوة إلى الله.
5. «منبر الداعيات»: هل يتمتع المسلمون اليابانيون بحقوقهم كافة؟ وما هي أبرز التحديات التي يواجهونها؟
· إنَّ أبرز تَحَدٍّ يُواجِه المسلمين في اليابان هو تنشئة أبناء وبنات الجيل الثاني في بيئة إسلامية. فالمشكلة الأساسية هي عدم وجود مدرسة إسلامية واحدة في اليابان بالرغم من وجود الآلاف من الأبناء المسلمين، وإذا لم نهيِّئْ لهم وسيلةً لتَعلِيمِهم الإسلامَ فلا شك أنهم سيذوبون في المجتمع غير الإسلامي.
والذي يحدث أن المسلم الباكستاني أو البنغالي يرسل زوجته اليابانية وأولاده إلى بلدانهم للتَّعلُّم، ومع وجود الفروق الاقتصادية والاجتماعية بين اليابان وهذه البلدان تظهر المشاكل، وقد تؤدي إلى هدم الحياة الزوجية، ولا بد من حل جذري لهذه المشكلة.
إن المركز الإسلامي بصدد إقامة أول مدرسة إسلامية في اليابان، حيث اشترى لذلك أرضًا مجاورة لمسجد طوكيو المركزي ليكسر حاجز التردد في إقامة المدارس الإسلامية عند المسلمين في اليابان، كما كسر حاجز التردد في بناء المساجد في هذا البلد. إن اعتناءنا بأبناء الجيل الثاني مهمٌ للغاية، لأنّ هؤلاء مؤهلون لتقديم الإسلام للشعب الياباني بكفاية أعلى منا؛ فهم يابانيون، ولغتهم يابانية، وهذان عاملان مهمان.
كما أنّ من أكبر هموم المسلمين في اليابان دفنَ مَوتاهُم، خصوصًا بعد أن أصبح وجودهم كثيفًا، سواء كانوا يابانيين أو أجانبَ مقيمين، وكلفة الحصول على قبر في المقبرة الحالية «إينزان»، التي أصبحت تحت إشراف إخواننا بجمعية «مسلمي اليابان»، تبلغ أكثر من مليون ين (أكثر من عشرة آلاف دولار)، لهذا فقد عمل المسلمون على شراء أرض في إحدى المحافظات المجاورة لطوكيو يُدفن بها موتى المسلمين مجانًا، وبدؤوا بمحاولة لجمع تبرعات من الجالية.
6. «منبر الداعيات»: كيف يتعامل اليابانيون حكومة وشعباً مع المسلمين؟ وما نظرتهم تُجاه الإسلام؟
· تعطي حكومة اليابان الحرية الكاملة للمسلمين في هذا البلد، وترعاهم، وتحرص على تعميق التفاهم بين اليابان والعالم الإسلامي، وفي مقدمتهم وزير الخارجية كونو Kono وكذلك البوليس الياباني بمختلف أشكاله ورُتَبه، وهو أول من يحرص على التعاون مع المسلمين أفرادًا وجماعات. وكذلك الشعب الياباني الذي ما إن يسمع كلمة «الإسلام» يتلقى نشراته وكتبه بكل احترام، ويعبِّر عن ارتياحه لهذا الدين. والجدير بالذكر أن الدراسات التي تقوم بها الحكومة اليابانية على الأجانب تشير إلى أن المسلمين هم من أهدأ الجاليات وأقلِّها مشاكلَ.
7. «منبر الداعيات»: ما أبرز الجمعيات الإسلامية العاملة في اليابان؟
· المسلمون اليابانيون موزعون على الشكل الآتي:
1 -جمعيات خاصة بهم، ومن الأمثلة على ذلك:
أ - جمعية مسلمي اليابان: هذه الجمعية هي حصيلة الوجود الإسلامي للمسلمين اليابانيين حتى عام 1953، وهي أول جمعيَّة إسلاميَّة خالصة أسَّسها مسلمُو ما قبل الحرب العالمية الثانية، الذين عادوا بعد إسلامهم في إندونيسا وماليزيا والصين، وكذلك مَن بقي حيّاً من المسلمين الأوائل في اليابان، يرأسها حالياً الأستاذ «خالد هيكوجي» Higuchi.
ب -الجمعيَّة الإسلاميَّةفي «هوكايدو» (عبد الله أراي).
ج - جمعيَّة الصَّداقة الإسلاميَّة في «كيوتو» (علي كوباياشي).
د - جمعيَّة الدَّعوة الإسلاميَّة في «أوساكا» (عبد الرحيم ياما كوجي).
هـ - الجمعيَّة الإسلاميَّة في نارا (محمد ناكامورا).
و - جمعيَّة المرأة المسلمة أوساكا وكيوتو (الأخت زيبا كومي).
ز - جمعيَّة الثَّقافة العربيَّة في «طوكيو» (الأخت جميلة تاكاهاشي).
2 - جماعات مندمجة مع جمعيَّات تضم الطَّلبة المسلمين والمسلمين الأجانب المقيمين:
إنَّ هذا الصنف منتشر في جميع أنحاء اليابان، وأعدادهم كبيرة، ومن الأمثلة عليهم: الأستاذ «خالد كيبا» (مع المركز الإسلامي، وله جمعيَّة خاصَّة به في طوكيوشيما بجزيرة شكوكو)، البروفسور «عبد الجبار مائدا» (الجمعيَّة الإسلاميَّة في ميازاكي - كيوشو)، البروفسور «مرتضى كوراساوا» (في جامعة ناغويا، وهو أحد مديري المركز الإسلامي) إلى غير ذلك من الشخصيَّات والأفراد اليابانيين الذين يُعادل الواحد منهم أمة في نشاطه الإسلامي، وهم الأكثرية الساحقة من المسلمين اليابانيين، يديرون أكثر من خمس عشرة صفحة إلكترونيَّة باللغة اليابانيَّة، يدعون فيها الناس للإسلام.
* * *
عن تميمٍ الداري رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بِعزّ عزيزٍ أو بذُلِّ ذليل، عِزّاً يعزُّ الله به الإسلام وذلاً يُذل الله به الكفر».
فلقد بدأ الإسلام قبل أكثر من 1400 سنة برجل واحد هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وانتشر بعد ذلك ليصل إلى اليابان.. معجزة نطق بها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في مرحلة ضَعف المسلمين وقلّة عددهم، في ظروف لم يكن أحد يتوقع أنّ الإسلام سينتشر في بقاع الأرض كافة، فالحمد لله رب العالمين.
* * *
وفي الختام نشكر ضيفنا د. محمد مهدي السامرائي على المعلومات التي أفادنا بها حول المسلمين في اليابان، على أمل أن تجد قضايا المسلمين في كل مكان اهتماماً من دعاة الأمة وعلمائها وهيئاتها وموسريها.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة