حوار مع الشيخ مجد مكي
العلم والشباب
ضيفنا في سطور:
• ولد في مدينة حلب في شهر رمضان (1376) الموافق (10/4/1957م).
• حصل على درجة الماجستير من كلية أصول الدين في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، قسم الكتاب والسُّنة.
• يحضِّر لأطروحة الدكتوراه في جامعة الملك محمد الخامس بالرباط في التفسير والحديث الشريف، في موضوع «الاجتهاد المعاصر في علوم القرآن والحديث».
• أقام في مكة المكرمة منذ عام 1400هـ، وتعرف على كثير من علمائها واستفاد منهم.
• حصل على إجازات علمية في الحديث ورواياته من عدد كبير من علماء الحديث والإسناد.
• انتقل إلى جُدة في بداية سنة 1410هـ، واستلم الإمامة والخَطابة في جامع الرضا بحيِّ النعيم بجُدة، ولا يزال يقوم بهذه المهمة إمامة وخَطابة وتدريسًا.
• عَمِل مشرفًا تربويًا بمدرسة جُدة الخاصة منذ سنة 1410هـ حتى سنة 1414هـ.
• عَمِل مع الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم بجُدة في قسم المناهج منذ سنة 1416حتى سنة 1427هـ.
• يشرف حالياً على موقع: (الإسلام في سوريا) التابع لرابطة علماء سوريا.
• صدرت له عدة مؤلفات في العقيدة والفقه والتفسير والحديث... الشباب ثروة الأمة ونبضها الحيوي، وتحصينهم بالعلم من أبرز الأولويات. عن الشباب وبنائهم الفكري والعقائدي والروحي وتشكيل عقلياتهم وصيانة وعيهم وفق المنهج الاسلامي، وعن فوائد صحبة العلماء، وغيرها... يحدثنا الشيخ مجد مكي في هذا الحوار:
1 . «منبر الداعيات»: رحلتك في طلب العلم كيف بدأت؟ وما أبرز محطاتها؟
رحلتي في طلب العلم بدأت في وقت مبكر، في المرحلة الإعدادية، بحضور مجالس العلماء بمساجد حلب الشهباء، وأخص بالذكر منهم: الشيخ طاهر خير الله، والشيخ عبد الله علوان، والشيخ أحمد عز الدين البيانوني، والشيخ عبد الله سراج الدين رحمهم الله تعالى.
ثم بعد ذلك تابعت رحلتي في طلب العلم بحضور المجالس العلمية الخاصَّة، عند فضيلة الشيخ محمد عوامة، ثم انتسابي إلى كلية الشريعة بدمشق، وتعرفي على عدد من علماء دمشق، وتردّدي إلى كثير من العلماء الكبار في أكثر المحافظات السورية، وصِلتي الوثيقة بالكتاب، وللحلقات التربوية الدعوية أثر كبير في توجيهي وتكويني العلمي.
أتممت دراستي بمكة المكرمة، منذ هجرتي إليها سنة 1400، ولقيت طائفة من العلماء في الجامعة، وفي الحرم المكي، وتوثّقت صلتي العلمية بهم، وأخصُّ بالذكر منهم: الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي، والأستاذ مصطفى الزرقا، والسيد أبوالحسن النَّدْوي، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والسيد عبد الله بن الصِّديق، والشيخ محمد عبد الرشيد النعماني، والشيخ الشاذلي النيفر، وغيرهم كثير.
2 . «منبر الداعيات»: ما أبرز الفوائد التي حصّلتها من خلال صحبتك لهؤلاء العلماء؟
تعلمت منهم الأدب والخُلُق والقدوة العملية التي لا يمكن أن تُنال عن طريق القراءة والكتابة، وقد اختصرتُ الكثير من الجهود التي تتبدد لولا توجيههم ونصحهم.
3 . «منبر الداعيات»: ما هي خصائص الثقافة التي تساهم في تشكيل عقلية الشباب، وفي صياغة وعيهم بمقاصد شريعة الإسلام، وفي فَهم واقعنا المعاصر، ثم في ترجمة هذا الوعي إلى سلوك عملي فاعل؟
يجب أن تكون ثقافة شاملة متنوِّعة متوازنة، متدرِّجة، وأن يكون التلقي عن طريق مصاحبة العلماء ومجالستهم، ولابد من فَهم الواقع المعاصر، على أن لا يشغَل الواقع بهمومه وشجونه عن التركيز على الأولويات، والاهتمام بلُباب العلم وأصوله وكلياته.
4 . «منبر الداعيات»: كيف يبني الشاب نفسه عقائديًا وفكريًا وروحيًا؟
بالاتِّباع الصادق الكامل للأوامر، والاجتناب للنواهي، حتى يصبغ نفسه وعقله وروحه بصبغة الإسلام؛ فالعقيدة والفكر والروح والخُلُق والأدب بعضها يرتبط ببعض، والعقيدة ليست مجرَّد حَشوٍ للذهن بالأقوال والنظريات، بل هي سلوكٌ عمليٌّ، والفكر كذلك لا يستقيم إلا بالعقيدة السليمة، والتغذية الروحية لا بدَّ أن تكون مرتكزة على عقيدة سليمة وفكر سليم.
ولا يتحقق ذلك كله إلا بالصحبة الصالحة والارتباط بالمسجد والاتصال بالعلماء والعيش في جوٍّ إيمانيٍّ، والإكثار من تلاوة القرآن وتدبُّره، والإكثار من ذكر الله تعالى، والاستزادة من العلم ونشره وتعليمه وتحويله إلى سلوك عمليّ.
5 . «منبر الداعيات»: كيف نُبرز الشخصيات المتميِّزة التي زخر بها التاريخ الإسلامي للشباب بأسلوبٍ عملي عصري جذاب ليستفيدوا منها علميًا وتربويًا؟
الشخصيات المتميِّزة في تاريخنا الإسلامي لا تُعدُّ ولا تُحصى، وهي أعظم محفِّز للتطبيق العملي، فالإسلام ليس مجرد نظريات، وأرى أن تُقَدَّم لهم بأساليب متنوعة عن طريق اختيار بعض النماذج والتعريف بها، أو الحث على قراءة الكتب النافعة التي ترجمت لهم، أو تقديم سِيرِهِم بالدعوة من خلال الكتابة، أو إجراء مسابقات ثقافية في التعريف بهم، والتذكير بجهودهم.
6 . «منبر الداعيات»: كيف نقدم التراث الإسلامي للناس بأسلوب سهل ميسر؟
التراث الإسلامي من أعظم ما تمتلكه أمتنا، وهو يحتاج إلى خدمة من عدَّة جوانب، ومنها: إعادة تقويمه وتوثيقه وتصحيحه، الصلة بهذا التراث عن طريق الصلة بالمحقِّقين الكبار الذين ذلَّلوا صِعَابَهُ وأقاموا أَوَْدَه، وتقديمه للناس بأسلوب سهل ميسَّر عن طريق إعادة طباعته بشكل مشرق جميل، توضَع فيها العناوين، ويخدم بالتعليقات المفيدة، والفهارس المتنوعة، ومن المناسب أيضاً التعريف بهذا التراث الزاخر عن طريق كتب تعريفيَّة مختَصرة.
7 . «منبر الداعيات»: أفردتَ تفسير سورة النساء بكتاب مستقل: ما السبب؟ وما أهمية هذا التفسير؟
هذا الكتاب ليس من تأليفي، وإنما هو بعنايتي وتعليقاتي، وسبب ذلك أنني أثناء خدمتي للتفسير المكي، وهو كتاب كبير واسع، وفيه استطرادات كثيرة، ومادته العلمية ضعيفة، لأحد علماء مكة المكرمة، وهو الخَطّاط المؤرِّخ الأديب محمد طاهر الكردي، ولما طُلب مني خدمة هذا الكتاب، راجعته ورقَّمته، حتى انتهيت إلى سورة الحج، ثم قرأت الأجزاء الثلاثة الأخيرة، ورأيت أنّ إخراج الكتاب سيستغرق جهدًا ووقتًا كبيراً، لأنه يحتاج إلى إصلاحات كثيرة، وكنت أثناء عملي بالكتاب أُلقي درسي الأسبوعي في التفسير من سورة النساء، فاستحسنتُ أن أضع بعض تعليقاتي على الكتاب مما أُورده في الدرس، وكذلك استحسنتُ إخراج نموذج من الكتاب ليُخدم على الطريقة التي أخرجتها بعد ذلك، فأخرجت من الكتاب الاستطرادات الكثيرة، وجعلتها في مَلاحق، بلغتْ خمساً وعشرين ملحقاً لا صلة لها بالتفسير، واعتنيت بالكتاب بالتعليق والتخريج والتصحيح، وسمَّيت عملي: «إسبال الكِساء على تفسير سورة النساء»، وخرج في أكثر من 600 صفحة، وقد انتهيت بفضل الله من خدمة تفسيره الآخر واسمه: «زهرة التفاسير»، وسيخرج في خمسة مجلدات بعون الله، وهذا العمل الأخير كنت مُكلَّفاً به من قِبَل الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم، ولكنها قطعتني عنه، وقد استغرق إصلاحه وترميمه مني جهداً كبيراً، وقمت بإتمامه خدمةً لكتاب الله ونُصْحاً له، ونسأل الله سبحانه أن يبارك في علمنا وأوقاتنا وأعمالنا.
8 . «منبر الداعيات»: كيف تنظر إلى دور المرأة في النهوض بالعمل الإسلامي؟
المرأة المسلمة لها دور كبير في النهوض بالعمل الإسلامي، ولابد من مشاركتها الفعَّالة في دعوة النساء، وتوعيتهنّ، وتدريسهنّ، وتفقيههنّ، ومعالجة مشكلاتهنّ، كما أنَّ دورها الكبير في إعانة الزوج، ورعاية الأولاد. والحديث عن دور المرأة في النهوض بالعمل الإسلامي أصبح مكرراً من القول، ولكن الواقع أن المرأة قد غابت أو غُيِّبت عن نهوضها بهذا العبء المهم، ولابد من سَدِّ هذه الثُّغرة بمشاركة المرأة وتشجيعها على القيام بكثير من أعباء الدعوة التي لا يسدُّ مسدّها الرجال.
***
في الختام نشكر الشيخ مجد مكي على هذا اللقاء الطيّب المبارك الزاخر بذكر الصالحين، ونسأل الله أن يعيَ طلاب العلم الشرعي خطورة موقعهم والمسؤولية الملقاة عليهم في العناية بهذا العلم فقهاً وممارسةً وإعطائه المكانة التي تليق به.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!