أين سأكون بعد 10 سنوات؟! - تحقيق شبابي
لعلنا استمعنا إلى ملايين المحاضرات التي تحثّ الجماهير على صناعة الأهداف، لكن أين هو العمل؟! وكثيراً ما شاركنا في دورات ألقاها مدرِّبون تُساعد الناس على اكتشاف مواهبهم وصياغة أهدافهم والتسلّل إلى سراديب أنفُسهم بحثاً عن رؤيتهم الخاصة. فاكتفت ورش العمل لدينا بساعات قليلة وكتب ومقالات وأقاويل، في حين بنى المدرِّبون في الغرب مراكز لهذه الورشات التي امتدت لأشهر عدةٍ، واستعانوا بعالم النفس والمربي وعالم الاجتماع حتى يبنوا أفراداً مؤهَّلين لصياغة أهدافهم والعمل عليها.
ونسينا قدوتنا الرسول صلى الله عليه وسلّم الذي كان يكتشف مواهب الأفراد ويوظِّفها ليس لخدمة الأمة فحسب، وإنما لخدمة الفرد نفسه الذي سرعان ما يكتشف هدفه في الحياة؛ فيعمل ما يحب ويحتسب كل أعماله لله عز وجل. فشهدنا عصوراً ذهبيةَ حفظها التاريخ في صفحاته المشرقة.
مواصفات الهدف:
- أن يكون دقيقاً ومحدَّداً؛ مثلاَ: أريد أن أصبح كاتباً روائياً يعالج آفات المجتمع.
- أن يكون قابلاً للقياس والتحقيق؛ فالاختبارات التي تُجرى في المدراس هي لتقييم تحقق الأهداف التعليمية. ومن هنا، اجعل لأهدافك معايير تحدد بها مدى النجاح والفشل.
- أن يكون واقعياً: فهناك فرق بين الحلم والهدف. فالحلم هو ما تفكر فيه وتسعى إليه بخيالك فحسب، ولكن تبقى أن حلمك سيصبح هدفاً عندما تكتبه على الورق وتحدد العقبات وتسعى إلى تجاوزها. فالشركة عندما تتحول من الفكرة إلى الواقع تمر بمرحلة انتقالية تصاغ بإقامة دراسة اقتصادية تحدد جدواها ومدى نجاحها في السوق.
- إمكانية تحقيقه خلال مدة زمنية محددة: فالله عز وجل أقسم في مواضع كثيرة في القرآن الكريم بالزمن (والعصر... والليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى... والفجر .... والضحى..) وهذا نظراً لأهمية الوقت وضرورة استثماره بشكل جيد. فعلينا أن نحدد مدة زمنية لتحقيق كل هدف.
مجالات الهدف:
أما مجالات الأهداف فهي لا تقتصر على مجالٍ واحد فقط كالعلم أو العمل؛ بل ينبغي أن تطال كل فروع الحياة. وهذه المجالات هي (وفقاً لدورة صناعة الأهداف للأستاذ محمد مشهور السقاف):
1. المجال الديني والسلوكي: حيث نبحث دائماً عن سر المعاملة مع الله ومراقبته لنا.
2. المجال الأسري والمنزلي: بدءاً من الوالدين والإخوة، ثم الأرحام الواجب صلتهم، فنساعدهم ونعمل على خدمتهم وتوجيههم في شؤون حياتهم.
3. المجال الاجتماعي والثقافي: تواصل مع من حولك في المناسبات والواجبات حتى تصنع شبكة أجتماعية تساندك في الأزمات، وافتح عقلك على كل الاحتمالات الواردة، واطّلع على ثقافة المجتمعات حتى تفهم تصرفات الناس وردود أفعالهم، وحتى تكوِّن ثقافتك الخاصة في الحياة.
- المجال المالي والمهني: طوّر مهارتك واختر عملاً تحبه حتى تبدع فيه، واستفد من خبرات الآخرين، وتحلَّ بالصبر حتى تتذوق متعة كسب الرزق بجهدك وتعبك. ولا تلم المكان والزمان على المهنة التي امتهنتها، واسأل نفسك دائماً: إذا أتيحت لك فرصة، أأنتَ كفءٌ لها؟ ولا تنس أن تحب ما تعمل حتى تعمل ما تحب. واقتد بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إنّ اللَّهَ تَعالى يُحبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ» رواه البيهقي.
- المجال الصحي والجسدي: القلب السليم في الجسم السليم، فالحفاظ على صحة البدن وسلامته أمرٌ لا بد منه. كذلك العمل على صحة وطهارة القلب من الحقد والحسد أمر واجب ولا يضمنه إلا القرب من الله تعالى. ولتتجمل لأن الله جميل يحب الجمال، ولتقل: اللهم كما حسَّنت خَلقي فحسِّن خُلُقي...
- المجال الفكري والتعليمي: فالفكر كُحل البصيرة، وسر جمالها، وفيه تكمن القوة القادرة على قلب الموازين.. وما أروع ارتباط الفكر بالذِّكر والدين.
الدراسات تؤكد أنه من كل صف مدرسي هناك فقط 2% يدركون هدفهم ويعملون عليه بنجاح. في حين يوكل الباقون أمورهم للأيام والزمن. ومن هنا اعلموا أنكم إن نسيتم التخطيط لحياتكم نسيكم النجاح وتقاذفتكم الظروف التي ستلومونها على كل شيء، مع العلم أنكم الملامون الوحيدون عن مسار حياتكم.
***
وإليكم الحل:
- لا تيأسوا فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس.
- حرِّروا أفكاركم بعبادة الأنبياء: «التأمل».
- اكتبوا أحلامكم على الأوراق. واسَعوا بخطى ثابتة إلى تحقيقيها.
- اكتشفوا قُدُراتكم ونمّوها واعملوا على صياغة أهداف تتلاءم معها.
- إن فشلت خطتكم، لا تحزنوا واعملوا على غيرها، ولا تنسوا قول الله عزّ وجل: {عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم}.
- لا تسمعوا لتشاؤم الناس والأهل والأصدقاء.
- تغلّبوا على خوفكم، واعلموا أن المؤمن القويّ خيرٌ من المؤمن الضعيف.
- اكتسبوا الخبرات من الناس، واتقوا الله في معاملتهم، حتى يساندكم الله في مسيرتكم.
- اجعلوا كل هدف تسعَوْن إليه، وإن كان دنيوياً، لله تعالى، وستدركون بركته إن شاء الله.
- ابحث في كينونة نفسك عن الهدف:
اكتب أهدافك وثق بالله الذي أعطاك النِّعم المتعددة وصوِّب نحو القمر، فإن أنت أخطأت، فستصيب النجوم. وكما قال أحد العلماء: «حتى تعيش حياتك بسعادة اربطها بهدف ولا تربطها بأشخاص أو أشياء».
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة