الشيخ القـوي محمد الحامد
كتب بواسطة بقلم: الدكتور محمد موسى الشريف
التاريخ:
فى : تراجم وسِيَر
1604 مشاهدة
1328 – 1389
1910 – 1969
في التاريخ الإسلامي مشايخ كثيرون لا يُعدون ولا يُحصون لكن قليلاً من أولئك الكثير كانوا عاملين، والأقل منهم كانوا متصدين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان من هؤلاء فضيلة الشيخ محمد الحامد رحمه الله تعالى.
ولد في حماة -مدينة أبي الفداء- سنة 1328/1910، وهي مدينة النواعير -حاملات المياه الدائرة- قال عنها ابن بطوطة رحمه الله تعالى: "حماة إحدى أمهات الشام الرفيعة ومدائنها البديعة، ذات الحسن الرائق والجمال الفائق، تحفّها البساتين والجنّات، عليها النواعير كالأفلاك الدائرات، يشقها النهر العظيم المسمى بالعاصي".
وقال عنها ابن سعيد الأندلسي: "وفي حماة مَسْحَةٌ أندلسية".
وكان للشيخ شقيقان أحدهما أكبر منه وهو شاعر يسمى بدر الدين، والآخر أصغر منه وهو عبد الغني، ووالدهم الشيخ محمود كان شيخ النقشبندية في حماة، وكان قليل ذات اليد، حادّ الطبع، ورعاً، عفيفاً، يُعلم الأطفال في الكُتاب، ثم ما لبث أن توفي وكان عمر الشيخ محمد الحامد ست سنوات آنذاك.
وبعد سنة فقد الشيخ أمه فصار إلى اليُتم وفقد حنان الأم، وعاش الأولاد الثلاثة في محنة لأنه لا مورد لهم، ولأن الحرب العالمية الأولى ضيقت العيش على الناس جداً، وكان الولد الأكبر بدر الدين لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره آنذاك، فباع أقرباؤهم أثاث المنـزل ثم أجّروه، وأودعوا أجرته عند بعض الثقات ليتولّى الإنفاق عليهم، وسكن الإخوة مع بعض الأُسر الفقيرة يعانون من الجوع والحرمان.
ودرس الشيخ محمد وأخوه الأصغر في إحدى المدارس الابتدائية، وكانا يعانيان من مرارة الجوع والحرمان، ووصف ذلك الشيخ محمد بقوله: "كنا كثيراً ما نبقى في المدرسة أثناء فرصة الغداء دون طعام، حتى أن أخي كان يبكي أحياناً من شدة الجوع، على حين أشغل نفسي باللعب عن آلام الحرمان".
وكان أخوهما الأكبر قد اضطر لاختصار دراسته فقطع تعليمه الثانوي ليعمل وينفق عليهما بسبب ذلك الضيق فكان لهما بمثابة الأبوين؛ فقد عمل وكيل مزرعة، وشارك في دكان صغيرة "بقالة" وغير ذلك ليوفر بعض المال، وأخذ أخويه إلى بيت أخواله فأعطوهم غرفة عندهم، ثم لما استغنى قليلاً انتقل بأخويه إلى غرفة منفردة في دار منعزلة.
فرغ الشيخ محمد من دراسته الابتدائية لكنه لم يُرد أن يكمل الدراسة وآثر عليها حلقات العلم عند المشايخ، واشتغل في محل خياطة في النهار، وفي المساء يقصد حلقات العلم.
فلما افتتحت مدرسة "دار العلوم الشرعية" هجر العمل في الخياطة إليها سنة 1342/1924، واستمر في حضور الحلقات العلمية وكان في ذلك صاحب همة عالية، إذ بلغت تسع حلقات!! وكان من مشايخه خاله العلامة السلفي الشيخ سعيد الجابي، وشيخ الشافعية بحماة محمد توفيق الصباغ والعالم الورع أحمد المراد أمين الفتوى في حماة الذي تزوج الشيخ محمد الحامد ابنته قبل أن يكون له أي مورد منتظم، والشيخ محمد سعيد النعسانيّ مفتي حماة.
وفي سنة 1347/1928 أنهى الشيخ محمد دراسته في المدرسة وسافر إلى حلب ليدرس بمدرسة خسرو باشا الشرعية التي كانت أرقى المدارس الشرعية في بلاد الشام لعظم مدرسيها وجودة منهاجها، وجَدّ في طلب العلم وثابر حتى نبغ، ووصفه أحد مشايخه -وهو الشيخ أحمد الشمّاع- بأنه "بحر علم لا تنـزحه الدلاء".
ولم يكتف بالمدرسة بل واظب على حضور حلقات العلم خاصة حلقة الشيخ نجيب السراج، وصار يكثر من القراءة والمطالعة لأنه كان يرى أن "المناهج الرسمية تُعنى بتكوين الشخصية العلمية، أما التضلُّع من العلم فطريقه المطالعة الواسعة".
ثم لما فرغ من الدراسة في حلب يمم وجهه شطر مصر وأزهرها سنة 1356/1937 لكنه نفر من مظاهر السفور التي انتشرت في مصر آنذاك، والاختلاط الفاحش السائد هنالك آنذاك، حتى أنه كتب لأحد مشايخه يقول له: "ماذا يأمل طالب العلم الحقيقي في مصر وهو يرى المحرّمات من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله".
ولم يسترح لتفلت المشايخ في الأزهر من السمت الإسلامي فيصفهم بقوله: "غير عاملين بالسُّنة، وليس عندهم شيء من الرُّوحانية، وطلبة الأزهر يحلقون لحاهم وشواربهم، وكثير منهم لا يُصَلُّون!!! وهم يشاغبون أثناء الدروس، ويقرأون في الجرائد لعدم رغبتهم في العلم وقلة تشوقهم له، ولئلا تكثر عليهم المقروءات فيصعب الفحص فهم طلاب شهادات لا طلاب علم".
ولما رأى ذلك كله سارع بالعودة إلى حماة فصار كثير من الناس يقرعونه على خروجه من مصر وتفويته تلك الفرصة فاضطر للعودة لكن الله تعالى أنجده بثلة من الشيوخ والدعاة كان على رأسهم الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، وقد تأثر به الشيخ محمد الحامد وقال عنه:
"إن المسلمين لم يَرَوْا مثل حسن البنا منذ مئات السنين في مجموع الصفات التي تحلّى بها وخفقت أعلامها على رأسه الشريف، لا أنكر إرشاد المرشدين، وعلم العالمين، ومعرفة العارفين، وبلاغة الخطباء والكاتبين، وقيادة القائدين، وتدبير المدبرين، وحنكة السائسين، لا أنكر هذا كله عليهم من سابقين ولاحقين، لكن هذا التجمع لهذه المتفرقات من الكمالات قَلّما ظفر به أحد كالإمام الشهيد -رحمه الله- ، كان لله بكلّيّته بروحه وجسده، بقلبه وقالبه، بتصرفاته، وتقلبه، وكان الله له واجتباه، وجعله من سادات الشهداء الأبرار".
وقال عنه أيضاً :
"والذي أثر في نفسي تأثيراً من نوع خاص وله يد في تكويني الشخصي سيدي وأخي في الله وأستاذي الإمام الشهيد حسن البنا... صحبته في مصر سنين ، وحديثي عنه لو بسطته لكان طويل الذيل ولكانت كلماته قطعاً من قلبي، وأفلاذاً من كبدي، وحُرَقاً من حرارة روحي، ودموعاً مُنهلة منسابة تشكل سيلاً من فاجع الألم وعظيم اللوعة".
ـ وكان الشيخ مُحباً للرحلات، فلما كان في مصر دار في بلادها وقراها حتى وصل إلى أسوان، على صعوبة نسبية في التنقل آنذاك، وزار الفيوم وشَبَّهها بحماة خاصة نواعيرها.
وحصل في الأزهر على شهادة العالية تخصص القضاء سنة 1362/1942، ثم لم يرد أن يواصل الدراسات العليا وعاد إلى حماة ووُظِّف مدرساً في وزارة التربية والتعليم.
وهناك جلس للتعليم بدأب وهمة عالية لا ينشغل عنه إلا بضرورات الحياة وحاجاتها، أو بما ينشغل به من كتابة كتب وردّ على استفتاءات، وكان قد برز وتميز في المذهب الحنفي حتى صار أحد أعمدته في بلاد الشام.
ـ جهاده:
كان الشيخ رحمه الله مشاركاً في مجاهدة الفرنسيين الذين احتلوا بلاد الشام ظلماً وعدواناً وعاثوا في أرضها الفساد ونادى بالاستقلال، وكان يُذكي بخطبه الحماسية جذوة الجهاد داعياً إلى الثورة ضد الفرنسيين.
وكان يخطب وطائرات العدو الفرنسي يوم الجمعة تقصف حماة مراراً، وتلقي بقنابلها حتى على المساجد، وكان مما يقوله آنذاك:
"أيها المسلمون: أعدوا أنفسكم للجهاد، وَطِّنوها على الموت، موت شريف خير من حياة تعيسة... ركوب الصعاب والأهوال في ارتفاع أجمل بكثير من الراحة والدَعة في استخذاء..." ولما استقلّت سوريا رفع بنفسه العَلَم فوق ثكنات الفرنسيين العسكرية بعد أن رفع الأذان فيها بنفسه.
ثم أراد أن يشارك أخاه الدكتور مصطفى السباعي في الجهاد في فلسطين لكن علماء حماة منعوه؛ لأنهم رأوا أن بقاءه مُعلِّماً ومهذباً وداعياً أوْلى من الذهاب للجهاد، فاستجاب لهم، لكنه انضم إلى اللجان التي شُكلت لمساعدة الفلسطينيين وجمع المعونات لهم، وكان يطوف على الناس من أجل هذا، ولما وقع العدوان الثلاثي على مصر 1376/1956 انضم الشيخ إلى صفوف المقاومين الشعبيين، وحمل السلاح وكان يخرج إلى أحد الحقول للتدريب، والشيء نفسه صنعه لما وقعت النكبة الكبرى 1387/1967.
وكان دائماً يوصي الشباب بالدخول في الجيش.
دعوته:
كان الشيخ داعية إلى الحق والخير والهدى والرشاد، مثابراً في ذلك، وقد التفَّ عليه الناس وأحبوه، ومن جملة أعماله في الدعوة ما حكاه عن نفسه بقوله :
"لما وَجَّهت إليّ وزارة المعارف تدريس الديانة والعربية في "تجهيز حماة" كنت كثير التشاؤم من حال الطلاب ووضعهم، ولكن بعد قليل تبدل تشاؤمي تفاؤلاً وانقباضي انبساطاً واستبشاراً ؛ حثثتهم على الصلاة فصاروا يُصلُّون، ويحضر بعضهم الدرس العام، وقذف الله تعالى النور في قلوبهم فشعروا بتفريطهم الماضي؛ فطفقوا يسألونني عن أحكام تتعلق بقضاء الفوائت، ومن قريب سألني أحدهم عن حكم يتعلق بقيام الليل مبدياً رغبته في قيامه"، وهذا هو تأثير الداعية القوي فيمن حوله إذا أخلص واجتهد وثابر.
وكان الشيخ خطيباً قوياً مؤثراً يخطب في جامع السلطان في حماة ويوجه الناس إلى الخير والهدى، وكان فصيحاً بليغاً بعيداً عن اللحن.
ويعود له الفضل بعد الله تعالى في تهدئة مدينة حماة عند ثورة الشهيد -بإذن الله- مروان حديد، وقد اعتصم في جامع السلطان فُهدم المسجد فوق أهله وسقطت مئذنته، وجرت أحداث خطيرة، فقام على رأس وفد من أهل المدينة، يُهدئ الخواطر ويقمع الفتنة، ومنع العسكر من دخول المدينة بجرأة وقوة.
وكان له الفضل -بعد الله تعالى- في التصدي لموجات الإلحاد التي طغت آنذاك، إذ إن سوريا لما استقلت تنازعتها التيارات الضالة من كل جهة، وانتشر فيها فساد لم يُعرف مِن قبل، فوقف الشيخ في وجه تلك التيارات للحفاظ على عقيدة الأمة وأخلاقها.
وكان له حلقة في الجامع يؤوب إليها أهل الهوى والضلال أو أهل العصيان.
وكان له أثر بالغ في قيادة وتوجيه أهل مدينة حماة.
وكان يذهب إلى مجتمعات الناس ليعلّمهم ويرشدهم فإذا ذُكِّر بتعبه ومرضه قال: ماذا أصنع هذا واجبي وهم لا يحضرون الدروس في المساجد.
وكان يرى أن سبب انتشار الفساد هو سكوت العلماء، وله في ذلك كلمة جليلة منها:
"والله ما أفشى المنكرات وعمَّمها وجعلها ظاهرة لا يُبالى بها إلا إغضاؤنا على القذى وسكوتنا على الباطل ومُمَالأتنا لأصحابه، ما ضرّ الجماهير شيء كسكوت الواعظين حين يرون المخالفات العلنية فلا يزجرون عنها".
ولذلك كله فإن الشيخ لم يحج إلا حجة واحدة فقط، فكان يقول: "كيف أذهب إلى الحج وأترك البلد خالية ليس فيها من يُفتيها ويحل قضاياها الشرعية بعد أن ذهب معظم العلماء إلى الحج؟ كيف أذهب إلى حج النفل وأترك طلابي في المدرسة وهم أمانة في عنقي أسأل عنهم أمام الله تعالى".
ـ قوته في الحق:
كان الشيخ -رحمه الله تعالى- قوياً في الحق، لا يُهادن فيه أحداً؛ حتى أقرب المقربين إليه، وقد هجر أخاه عبد الغني زماناً طويلاً بسبب شذوذه في فهم آية من كتاب الله تعالى.
وكان يرفض حضور الحفلات الرسمية لما فيها من اختلاط بين الرجال والنساء.
وكان ينـزع خواتم الذهب بيده من أيدي الكبراء والوجهاء.
وحضر مرة عند أحد أصدقائه وكان هناك شاعر حموي، وهو طبيب فتلفظ بكلام لم يَرُق للشيخ، فأنكر الشيخ ذلك وغادر المجلس.
وأثناء تداويه في بيروت قال له أحد المتصوفة إن النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور، فاستتابه الشيخ -رحمه الله تعالى- وجدد إسلامه وعقد نكاحه، بعد أن أخبره أن هذا القول كفر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم خلق كما خُلق سائر البشر.
ـ صفاته:
كان جريئاً قوياً في الحق، مداوماً على الذكر وقراءة القرآن، غزير العَبْرة كثير البكاء، ناصحاً، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، مشفقاً على أصحابه وإخوانه، بعيداً عن النـزاع والشقاق، مستمسكاً بالنصوص الشرعية.
وكان ورعاً، وله في الورع قصص عجيبة تذكّر بِوَرَع السلف، خاصة في طلب المال الحلال والتعامل مع الباعة والعمال، رحمه الله تعالى.
قال عنه الشيخ الطنطاوي رحمهما الله تعالى:
"كنت أخالف الشيخ في مسائل الفقه ... وأشهد مع ذلك أن الشيخ كان صادقاً مع الله، صادقاً مع نفسه، وقد جعل الله له من الأثر في الناس ما لم يجعل لعشرات من أمثالي".
وقد صحبه في مصر فوجده "صاحب نكتة، وفي روحه خفة على القلب، وفي سلوكه أنس للنفس".
ـ تنازع التصوف والسلفية في صدره وعقله :
كان للشيخ مشايخ سلفيون منهم خاله الشيخ سعيد الجابي -كما سبق ذكره- وكان قد اتجه إلى الدعوة السلفية في بداية حياته، ثم تحول عنها إلى التصوف في حلب وناله بذلك بعض الأذى، وكان له شيخ صوفي أثير لديه وهو الشيخ أبو النصر خلف، فكان يرى في شيخه أبي النصر سمات الزهد والورع والتقوى وانضباط المسلك لكنه إذا قرأ في كتب المتصوفة مثل "الإنسان الكامل" للجيلي، وكلام ابن عربي ضاق صدره وراجع شيخه.
وفي الوقت نفسه كان يحب الكتاب والسنة ولكنه إذا رأى من بعض السلفيين الدعوة إلى نبذ كتب الفقه، والأخذ من الكتاب والسنة ونبذ آراء الفقهاء ضاق صدره، فإذا رأى جفاف قلوب بعضهم وقسوتهم وشدتهم ضاق صدره أيضاً وأخبر شيخه بذلك.
وقد ألف رسالة في الرد على هؤلاء المُتفلِّتين من زمام الفقه والفقهاء سمّاها "لزوم اتباع مذاهب الأئمة حسماً للفوضى الدينية".
وكان يقول -مُوَفِّقاً بين الصوفية الصحيحة والسلفية الصادقة- : "السلفية الحقّة تجتمع مع الصوفية الصحيحة متى حسن الفهم وصحّ العزم على الجمع الذي هو شأن الدعوة وأَرَب الإخوان، وإذا زخرت الصوفية بالروحانية الغامرة والرقّة العميقة فليست بمُنكرة على أختها السلفية تحرّيها تنقية الإسلام مما لابسه من الغرائب عنه كي يعود إلى صفائه وخلوصه".
وكان يقول: "العلم هو الأمير على التصوف"، وهذا ضابط حسن.
حُبه للعلم :
لقد كان الشيخ -رحمه الله تعالى- متعلقاً بالعلم الشرعي مؤثراً له على كل شيء حتى أنه قال عن نفسه: "وإني أحمد الله على توفيقه وتيسيره إياي للتوسع العلمي ووضعه الشغف به في قلبي حتى أني لأوثر العلم على اللذائذ المادية التي يقتتل الناس عليها، ولو أني خُيِّرت بين المُلك والعلم لاخترت العلم على المُلك والسلطان".
وكان لا ينقطع عن مذاكرة العِلم حتى في أوقات خروجه للنـزهة.
وكان قد استفاد من الأزهر البحث العلمي الدقيق فكان يظهر في مؤلفاته أثر ذلك.
اهتمامه بأهله :
كان الشيخ رحمه الله حسن الالتفات إلى زوجه فعلّمها العلم الشرعي وهذّب أخلاقها، وإلى أولاده فعلَّمهم وهذَّبهم، وهذا عمل قلّ مَن يلتفت إليه من المشايخ الذين تزدحم عليهم أعمالهم وأشغالهم فلا يلتفتون إلى أهلهم حق الالتفات ولا يحسنون القيام على شؤونهم قياماً حسناً، وهذا هو أحد الأسباب في أن أولاد المشايخ والعلماء والدعاة قَلّ منهم من يتابع مسيرة أبيه.
ـ من مؤلفاته :
للشيخ عدد من الكتب منها "نظرات في كتاب اشتراكية الإسلام" نقد فيه كتاب الدكتور مصطفى السباعي.
وكتاب "ردود على أباطيل" في جزئين.
و"حُكم الإسلام في الغناء".
و"حُكم اللحية في الإسلام".
وكتاب في تحريم نكاح المتعة.
و"رحمه الإسلام للنساء".
"وحكم الإسلام في مصافحة المرأة الأجنبية" وغير ذلك رحمه الله تعالى.
ـ شِعْره :
كان الشيخ رحمه الله شاعراً موهوباً له شِعْر جيد وأخوه بدر الدين شاعر جيد، كان له شعر جهادي قوي أيام الفرنسيين، واشتهر بقصائده الوطنية:
ومن شعر الشيخ:
آهاً على وادي حماة إذا نسيم الصبح هبّا
آها على تلك الربوع وأهلها بعداً وقرباً
النهر يخترق الرياض وقد جرى حلواً وعذباً
دولابه يبكي ويس قي الدمع فاكهة وأبّا
أَنّى أرى ذاك الحمى إني رأيت البُعد صعبا
وقال - من قصيدة - عندما خرج من مصر وانتهى من الدراسة النظامية فيها :
ذُبت يا مصر مُذ عزمت رحيلاً
ولو استطعت عشت فيك طويلاً
وقال أيضاً:
ياعين جُودي بدمع منك مدرارِ
على زمان مضى والأهل والدارِ
أيام أرتع في ظل النعيم ومن
طيب حسرة قد قضيت أوطاري
فإن ذكرت الحمى حَنّ الفؤاد له
إذ في المصائب قد قضيت أسفاري
لكن الشيخ على كثرة أشعاره آثر العلم على الشِعر، وقد كتب في هذا الأمر رسالة إلى بعض تلاميذه يقول فيها:
"يا بني لأَن تكون عالماً فقيهاً خير لك وللأمة من أن تكون شاعراً أديباً، إننا إلى أن يكون منك عالم محقق أَحْوَجُ منا أن ينشأ منك شاعر مغلق... لابأس بقليل منه يُنظم في الأغراض الشريفة والمقاصد الحسنة، أما انصراف الهمة إليه فخسرانٌ أَرْبأُ بك عنه ...".
وفاته :
توفي في حماة سنة 1389/1969 عن قرابة ستين سنة رحمه الله تعالى على أثر مرض في الكبد لم يمهله طويلاً، وكانت جنازته حافلة.
وكان قد تعالج في بيروت قبل أسابيع من وفاته لكن ذلك لم ينفعه، رحمه الله تعالى ونفع بعلمه.
ومن عجائبه في مرضه أنه لم يكن يقبل أن يُنقل إليه دم إلا أن يكون دم رجل صالح، ويقول: "لا أحب أن يخالط دمي إلا دم مؤمن ركع لله وسجد".
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن