نسائم رمضان
يقول الأديب مصطفى صادق الرافعي: «الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس، فمن عاش محروماً منها عاش في ظلمة حالكة يتصل أولها بظلمة الرحم وآخرها بظلمة القبر».
ولأن رمضان شهر الحرية الحقّة حيث يعلمنا أن لا تستعبدَنا عادةٌ، ولا تستذلَّنا شهوة.. نضع بين أيديكم ملفاً منوعاً يشتمل على عناوين مختلفة:
طبق خواطر رمضانية.
مشاهدات رمضانية.
«رمضان شهر الثورة والتغيير» في حوار مع متخصص في التنمية البشرية.
نسأل الله تعالى أن يُعيد علينا رمضان وقد انتصر الحق على الباطل، وسطعت شمس الحرية والعزة والكرامة والوحدة.. اللهم آمين.طبق خواطر رمضانية
رسالة رمضان إلى الأمة الكريمة
يا أبناء الأمة الكريمة!
لقد قدِمتُ إليكم فاستقبلني جمهوركم بما يُستقبل به قادم كريم من حُسن الوِفادة وجميل الحَفاوة، وسخِر بي بعضٌ منكم فأبَوا أنْ يستقبلوني إلا كما يستقبلون سائر شهور السنة، وما جئت إلا لأعلّمهم كيف يدخلون الحياة بأسلحة النصر! فشكر الله لجمهوركم جميل حفاوته، وأجزل له مثوبته، وغفر للمتخلّفين عن ميادين الخير، الساقطين في امتحان الرجولة، المتنكِّرين لروح الجزيرة وطابع العروبة ورمز الإيمان، إن كانوا بالله ورسوله يؤمنون.
مصطفى السباعي
النفس الفرعونية
إن النفس لا تريد أن تعرف ربها، بل تريد أن تدعي الربوبية بفرعونية طاغية. فمهما عُذبت وقُهرت فإنّ عِرْقَ تلك الربوبية الموهومة يظل باقياً فيها. فلا يتحطم ذلك العِرْق ولا يركع إلا أمام سلطان الجوع.
وهكذا، فصيام رمضان المبارك يُنزل ضربة قاضية مباشرة على الناحية الفرعونية للنفس؛ فيكسر شوكتها مُظهراً لها عجزها، وضَعفها، وفَقرها، ويعرّفها عبوديتها.
بديع الزمان النورسي
إعلان الثورة
أية معجزة إصلاحية أعَجب من هذه المعجزة الإسلامية التي تقضي أن يُحذف من الإنسانية كلّها تاريخ البطن ثلاثين يوماً في كل سنة، ليحل في محله تاريخ النفس؟! أمَا والله لو عمَّ هذا الصوم الإسلامي أهل الأرض جميعاً، لآل معناه أن يكون إجماعاً من الإنسانية كلها على إعلان الثورة شهراً كاملاً في السنة لتطهير العالم من رذائله وفساده، ومَحْق الأَثَرَة والبخل فيه... ألا ما أعظمك يا شهر رمضان! لو عرفك العالم حق معرفتك لسمّاك «مدرسة الثلاثين يوماً».
مصطفى صادق الرافعي
مشاهدات رمضانية
من الطارق؟
أعصابها تلفت وهي تحاول إرغام ابنها ذي الثلاثة عشر ربيعاً على إنهاء وجبته حتى لا يكون مصيرها في سلة المهملات..
هتفت صارخة: «ارحمني، سيداهمني وقت الصلاة».
- نظر إليها بعينين متوسِّلتين: «أُنهي الوجبة وقت السحور.. ما رأيك؟».
وعلا صراخها من جديد، ولكنه توقف عندما دُق جرس الباب.. وضعت غطاءَ رأسِها وسارعت لفتح الباب.. فوجدت زوجها قد سبقها.. كان يبدو منسجماً بالحديث مع الزائر الغريب..
أخرجت رأسها من شِقِّ الباب؛ فوقعت عيناها على صبيّ في عمر ولدها.. ملامح وجهه يغمرها الأسى...
قال لها بصوت متهدِّج: «لقد وصلتُ وعائلتي منذ يومين إلى لبنان قادمين من سوريا.. ومن البارحة وأنا صائم لا أجد ما أُفطر عليه.. لستُ متسوِّلاً.. ولكني أشعر بالجوع الشديد.. أودّ أن تعطوني بعض ما فضَل عنكم من طعام.. مجرد لُقيمات أسد بها رمقي وأُقيم بها صُلبي»...
قلوب بلا رحمة
«ألم أقل لك أن تحمل هذه القناني إلى أصحابها؟ لِمَ لمْ تقم بما طلبت منك يا عديم النفع؟»، حاول الفتى الأسمر الذي يبلغ من العمر 11 عاماً اتِّقاء الضربات بيديه مدافعاً عن نفسه قائلاً: «سوف أوصلها لأصحابها ولكن بعد الإفطار.. أشعر بالإنهاك؛ فالطوابق عالية والكهرباء مقطوعة وأنا صائم».
صفعة قوية هوتْ على وجه الصبي: «وما ذنبي أنا؟ أنت لا تصوم لي.. اذهب واشتكِ إلى ربك يا غبيّ».
عندما أذّن المغرب تلصّصت الجارة من النافذة لتجد الصبي جالساً على ناصية الرصيف يجرع ليتراً من البيبسي يستهلّ بها إفطاره كما اعتاد كل يوم من أيام شهر رمضان..
«ما بكِ؟ ما الأمر؟» قال لها زوجها..
- أشارت بإصبعها إلى الفتى: «ما زلتُ أذكره وهو في الخامسة من عمره مدلّلاً بين والديه معزّزاً مكرماً. ولكن للأسف، ما إن تطلّقا واختار كل واحد منهما بدأ حياته من جديد بمعزلٍ عنه؛ قامتْ جدّته بتربيته، إلا أنها تأففت منه.. فأخذه والده من جديد فلاقى الأمرّيْن من زوجة أبيه لدرجة إصابته باضطراب عقليّ وعصبيّ من سوء معاملتها..».
قال لها زوجها: «أعرف بماذا تفكرين، توديّن لو تستطيعين مساعدته؟ لقد أخبرتُ عم الصبي ما يُلاقيه من صاحب العمل ولكنه هزّ كتفيه غير مبالٍ.. قائلاً: يستأهل، ورجاءً لا يتدخل أحد في خصوصيات عائلتنا»!
- قالت والحزن يملأ جوانب قلبها: «لا يلومنّ أحدٌ هذا الفتى إذا أصبح مستقبلاً مجرماً حاقداً على الناس والمجتمع... لأنه ضحيتهما».
رفقاً بي يا ولدي
حَسَنٌ حديث عهد بالالتزام.. دفعه حبّه الشديد للدين إلى دعوة أهله... واستطاع بإخلاص النية لله تعالى أن يُشجع والدته على ارتداء الحجاب والمحافظة على الصلاة؛ ولكنّ العقبة الكؤود كانت والده المعروف بشدّته وحاضره الملطّخ بلَعِب القمار ومعاقرة الخمر. وشاء الله أن تكون الأوضاع الصحية التي مرّ بها أبو حسن سبباً في مراجعته لنفسه.. ولتثبيت عرى التوبة كانت الخطوة الأولى أن دعا حسن والده إلى الصلاة جماعة في أحد المساجد.. فوافق الأب.
وفي أول يوم من أيام شهر رمضان المبارك توجّه حسن مع والده إلى أحد المساجد التي تختم القرآن الكريم في صلاة التراويح... وأثناء الاستراحة صاح الأب من التعب: «لم أعد أقوى على الوقوف يا ولدي.. رفقاً بي!».
ما إن سمع حسن شكوى والده حتى انزعج وبدأ بتأنيبه... وبدأ الأب يتملص من مرافقة ولده إلى صلاة التراويح... اعتصر الألم فؤاد حسن واشتكى لصديقه علاء خيبة أمله بوالده، فلم يجد علاء بداً من مصارحته: «لعلك أنت السبب؛ فأنت تقسو عليه بالعبادة... ما هكذا تكون الدعوة إلى الله يا أخي...
أطرق حسن رأسه مفكراً؛ لقد أصاب صديقه النصح؛ فانطلق يبحث عن والده كالمجنون، فعثر عليه... في أحد المساجد التي يقرأ إمامها قِصار السور في صلاة التراويح يتسامر مع أحد الشيوخ، وعندما لمح الأب ابنه هبّ من مكانه مذعوراً، وأخذ يبرر لابنه الوحيد: «لقد أنهكتني يا ولدي... لا أقوى على الصلاة في ذلك المسجد... لم أعد شاباً مثلك»؛ لم ينبس حسن ببنت شفة بل انكبّ يقبّل قدمي والده قائلاً: «قليل دائم خير من كثير منقطع» كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلّم... أتعرف ما نحن بحاجة إليه يا والدي العزيز؟»:
«معاً سنحضر مجلس علم حتى نتفقه في أمور ديننا».
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة