طبيبة مِخْبرية، حفيدة العالِم المجاهد الشيخ عزّ الدين القسّام رحمه اللَّه | لبنان
التغيير
واتخذنا القرار بالانتقال إلى منزل آخر، بعد أن أمضينا ما يعادل العشر سنوات في منزلنا الحالي، الذي طالما عانينا فيه من بعض التشققات في جدرانه، ومن غبار الخشب الذي كان يملأ منزلنا من نجار يجاورنا.. وأتت ساعة الحقيقة.. ودق ناقوس الوداع... وشعرت بأيام عمري تتأرجح أمام مخيلتي، لتجول الذكريات في كل زاوية وجدار ونافذة... لتختلط الضحكات بالدموع، فتنقشع الأحلام أمام واقع مرير وقرار حاسم... بالرحيل..
وشعرت بذراتي تتهاوى مع كل موقف وحدث... مع كل ابتسامة وصراخ.. وذرفت الحنين آهات أحرقت كبدي، لأهلي وأحبائي الذين طالما عاشوا جواً هانئاً مفعماً بالمودة والسلام..
... ساعات وأيام مرهقة من حزم الأمتعة... تتجاذبني وتتدافعني...
وانتقلنا.. والخوف من المجهول يقذف بنا إلى الأمواج من الحذر والحيطة والتردد.. هل سنتأقلم.. كيف سنتفاهم.. كيف؟؟كيف؟؟ وكان لترتيب أمتعتنا مخرجاً من الهواجس التي ننام ونستيقظ عليها... ويصدح الأذان من مسجد قريب من بيتنا.. لأجد روحي تنتعش من جديد.. الحمد للّه بجوارنا مسجد.. اللّه أكبر فناديت أولادي وتعاهدنا أن تكون الصلاة كلها جماعة في المسجد، وهذا ما حدث فعلاً بفضل اللّه تعالى حتى صلاة الفجر، حتى أطلق على ابني الصغير عطاء الرحمن (حمامة المسجد). وبدأت بالتأقلم مع واقعي الجديد، رغم الخوف والتذبذب، رغم الصراع الذي مزق داخلي وأربكني.. لنجد أنفسنا الأقوى بمحاولاتنا الانسجام والتكافل مع مَن حولنا، لتمرَّ الأيام والتغيير يجدد ماء حياتنا الآسن إلى قطرات نقية طاهرة.. تساقطت غيثاً مباركاً على كل تفاصيل حياتنا... فكان الرقي.. وكانت علاقات الصداقة البريئة مع أولاد الحي، وكانت حلقات الذكر والقرآن في المسجد، وكانت العلاقات الأسرية الراقية مع جيراني وأقاربي، وهكذا مرت الأيام والشهور.. لأجد أن كل مخاوفي من التغيير قد تبددت ليحل مكانها الاستقرار النفسي والذهني والروحي...
بجوار بيت اللّه...
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن