داعية فلسطيني ومفكّر | الكويت
من المعلوم أن تكبير الله سبحانه وتعالى من أوائل الأوامر التي نزلت على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد جاء هذا الأمر في سورة المدثر، وهي من أوائل السور التي نزلت على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(1) قُمْ فَأَنذِرْ(2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5) وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ(6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾ [المدثر]، وقد جاء الأمر بتكبير الله في قوله تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء:111]، وقد جاء الأمر بتعظيم حرمات الله؛ فقال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾[الحج:30]، وقد جاء القرآن الكريم بتوجيه المسلمين إلى تعظيم شعائر الله؛ فقال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج:32].
والحقيقة أنَّ تكبير الله وتعظيمه من العبادات القلبية الأولى المهمة التي ألزم الإسلامُ بها العبدَ المسلم، ويأتي الخضوع لله تعالى؛ وهي العبادة القلبية الثانية التي تقابل التكبير والتعظيم، فقد قال تعالى:﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾ [الرعد:15]، وقال تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران:83]، وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء﴾ [الحج:18].
ثم يأتي حب الله؛ وهي العبادة القلبية الثالثة التي أوجبها الإسلام على العبد المسلم، وأباح الإسلام للمسلم أن يحب شهوات الدنيا من مثل: الآباء، والأبناء، والإخوان، والأزواج، والعشيرة، والأموال، والتجارة، والمساكن؛ لكنه اشترط أن يكون الله ورسوله أحب إلينا من كل هذه الشهوات، ومصداق ذلك هو القيام بالجهاد، فقد قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبه:24].
ثم يأتي الخوف من نار الله تعالى ومقامه وعذابه؛ وهي العبادة القلبية الرابعة التي أوجبها الإسلام على المسلم، فقال الله تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُواْ إلهيين اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [النحل:51]، وقال تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن:46]، لذلك تحدثت آيات متعددة عن صور وألوان من العذاب الذي يطال العاصين والمنافقين والكافرين، فقال تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ(41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ(42) وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ(43) لَّا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ(44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ(45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة].
ثم يأتي رجاء الله تعالى ورجاء جنته سبحانه وتعالى؛ وهي العبادة القلبية الخامسة التي أوجبها الإسلام على المسلم، فقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:110].
وقد فصّلت آيات كثيرة صوراً وألواناً من النعيم الذي يطال المؤمنين والمتقين في الجنة، فقال تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ(27) فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ(28) وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ(29) وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ(30) وَمَاء مَّسْكُوبٍ(31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ(32) لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ(33) وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ(34) إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً(35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا(36) عُرُبًا أَتْرَابًا(37) لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ(38) ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ(39) وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخِرِينَ﴾ [الواقعة].
ويؤكد أهمية التكبير، أنّ عدّة عبادات مهمة برزت فيها عبارة "الله أكبر"، وهي: الصلاة، والأذان، والعيد، وسنبين حكم هذه العبارة والحكمة من إبراز الشرع لها في هذه العبادات في العدد القادم إن شاء الله.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
داعية فلسطيني ومفكّر | الكويت
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة