ناشط إسلامي في الحقل الشبابي، متخصِّص في الهندسة الميكانيكية | لبنان
إطفاء وإنقاذ؟!!
جملة من الأخطاء التي يقع فيها الداعية في دعوته، في عدم اقتناص الفرص مع المتخبطين والمرتابين للدخول في حياتهم ومحاولة إنعاشهم وإعطائهم أملًا في النجاة...
هل سألت نفسك سؤالًا تحت عنوان: (هل أنا المنقذ للبشرية)؟. هذا أهم سؤال يسأله الداعية لنفسه، وهو عمل ووظيفة النبي[، ونُطلق عليها الدعوة إلى الله.
الدعوة ليست بمعنى التعريف بالإسلام فقط، بل هي أيضًا إنقاذٌ لنفسٍ كانت مؤمنة ارتابت فسَهت وحبط عملها، ونحن نراها تغرق!! لذلك كان من دعاء سلفنا الصالح: (نعوذ بك من سهو الخرَّاصين، وتدسية الخائبين). وإنَّ الفقه الإيماني يرتكز على التفريق بين هاتين النفسيتين (الخرَّاص والخائب) كيفما كانت أشكاله وصفاته؛ المخالف للشرع، والمُغالي في السهو!! وما أعظم قول الله تعالى: ( قُتِلَ الخَرَّاصُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ)!
ولكي تعرف كيف تُقبل على الناس وتنقذهم، وكيف تبدأ عملية الإنقاذ الصحيحة؛ يجب أن تكون على علم أن الغمرة التي ذُكرت في الآية لا يمكن أن تتحقق إلا باتباع الهوى، قال تعالى: ( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف:28].
وقيل: (جِماع الشرِّ كله: الغفلة والشهوة)... فإذا غفل الإنسان عن الدار الآخرة وفَتحت الدنيا له ذراعها؛ فاعلم أنه اتَّبع هواه وسدّ باب الخير عنه، فهذه فرصتك للتدخّل للمعالجة عن طريق إعادة ذكر الله لقلبه، فهو مرتاب؛ قد يتقبل حينًا وينفر حينًا، لأنه إذا وصل لمرحلة الشهوة؛ فاعلم أنه فتح لها باب الشر والسهو، واشتغل قلبه بغير الله!
وهنا دعوة عامة لتشغيل أجهزة الاستشعار عن قُرب وبُعد للداعية، لأن أول بوادر المعصية قبل الارتياب والسهو هو الاختفاء عن أعين الناس، ووضَّحها ربُّنا: (يدسه في التراب) [النحل:59]. فالعاصي يدسّ نفسه في المعصية، ويُخفي مكانها، ويتوارى عن الخلق من سوء ما يأتي... لذلك هنا فرصتك الذهبية في الاستدراك الفوري، ورحم الله الحسن البصري حينما لخّص هذا الأمر فقال: (مَن نازعته نفسُه إلى لذَّة محرّمة، فشغله نظره إليها عن تأمل عواقبها وعقابها، وسمع هتاف العقل يناديه: ويحك لا تفعل، فإنك تقف عن الصعود، وتأخذ في الهبوط).
اعلم أن الله يؤيد المؤمن بالعزائم، وهذه حقيقة جليَّة واضحة، فتكون الإرادة في النفس أقوى من نداء الشهوات، وهذا ما يجب أن تعالجه للنار إذا ما شبَّت في النفس... لا تترك إخوانك في ارتيابهم وخوفهم وفي إخفاء معاصيهم، وتحتجب عن دعوتهم بحجة أنهم يخفونها لأنهم يستحون وغدًا سيعودون للحق!! ولأنك تركتهم في الاختفاء... فاختفوا!! فربما يطويهم ليل لن يعودوا، فبادر بإطفاء النار وفي الإنقاذ قبل أن تأكل النار كل الحقل... ولات حين مندم!!
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن