باحثة في قضايا المرأة والأسرة.
بلى « المثلية الجنسية » جريمة
إن من الوسائل المستخدمة لتغيير وضع الشواذ في لبنان متعددة، منها :
1- الظهور العلني لهم، وخاصة في وسائل الإعلام ، في محاولة منهم لجعل الناس يرون التنوع الجنسي وجهاً لوجه، ولإجبارهم على مواجهة الواقع عوضاً عن مواجهة النظرية . ذلك أن « الظهور العلني المتزايد هو جزء من استراتيجية طويلة الأمد للتقدم والحماية ، وفي ذلك يقول أحد أعضاء جمعية « حلم» المدافعة عن حقوق الشواذ : « ثمة لحظة عليك فيها اتخاذ قرار تكتيكي والقول حسناً لنظهر في الصحف ، وعلى شاشة التلفزيون، ولنطبع ملصقاً يحمل شعارنا، ولننشىء موقعاً الكترونياً ». وقد أنجزت خطة إضافية في آذار مارس 2005 مع إطلاق أول مجلة للمثليين في العالم العربي اسمها « برا » تقع في 24 صفحة من الورق اللماع ،وقد بوشر بتداولها في بيروت .
3- الدعم المحلي لهم من قبل جمعياتهم الخاصة مثل « جمعية حلم» اللبنانية ، وهي أول جمعية تأسست في العالم العربي لدعم الشواذ . فقد أصبحت هذه الجمعية ملاذاً لكل شاذ ليس فقط من لبنان ولكن أيضاً من الدول العربية، حيث أصبحت المكان الأكثر أهمية بالنسبة للشاذين الجنسيين العراقيين والسوريين، الذين لا يوجد من بينهم سوى عدد قليل ممن يملكون الأموال الكافية من أجل الانتقال إلى أوساط الشاذين الجنسيين الحيوية في بيروت.
5- تراخي الحكومة اللبنانية مع هؤلاء الشواذ وجمعياتهم ، فعلى « الرغم من أن السلطات اللبنانية لا تتعامل بود مع جمعية « حلم » إلا أنها لم تفعل شيئاً لتقيد حركتها. وقد استغلت هذه الجمعية الوضع السياسي المتأزم في البلاد منذ العام 2005 لتثبت وجودها .
ويرجح البعض سبب تراخي الحكومة اللبنانية في مواجهة الشذوذ هو انحدار قطاع السياحة ،وحتى « لا يعطلّون التدفق الحاسم لدخل السياحة » فقد ورد في تقرير موقع «ميديا لاين» الأميركي: «بيروت وتل ابيب تتنافسان في السياحة المثلية في الشرق الاوسط » ، فالأولى عاصمة تستقبل الجميع من الشرق الأوسط، أما الثانية فهي مغلقة على شريحة من الفلسطينيين والوافدين من أوروبا .
إن من الأمور التي يطالب بها حماة حقوق الشواذ في لبنان هو الغاء المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني الذي يحرم الشواذ، ويستشهد بذلك بثلاثة أحكام صادرة من المحاكم اللبنانية .
الحكم الأول صدر في العام 2009 عن القاضي المنفرد الجزائي في البترون «منير سليمان » ، حيث أعلن أن المادة 534 غير قابلة للتطبيق لأن العلاقات المثلية لا تعتبر خارجة عن الطبيعة .
وهذا الأمر يتنافى مع غالبية الدراسات النفسية والتشريحية الصادرة في الغرب منذ منتصف القرن الماضي حتى اليوم، حيث أكدت بأن الشذوذ الجنسي ليس أمراً فطرياً، بل هو نتيجة تداخل عوامل عديدة كالبيئة الاجتماعية والتربوية، إضافة إلى تأثير وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعية الحديثة .
أما الثاني فجاء من القاضي المنفرد الجزائي في جديدة المتن « ناجي الدحداح » الذي أصدر حكماً بتاريخ 28/1/2014، قضى بتبرئة متحوّلة جنسياً، بعدما تم الادعاء عليها على أساس أنها تقيم علاقات مع ذكور.
والثالث جاء بتاريخ 5/5/2016، حيث أصدر القاضي المنفرد الجزائيّ في المتن «هشام القنطار» قراراً قضى بإبطال التعقّبات بحقّ شخصٍ أدُعي عليه سنداً للمادة 534 من قانون العقوبات، وهي المادة التي تُستخدم عادةً لتجريم العلاقات المثليّة، وقد أسهب القرار في تحليل المادة 534 ليصل إلى استنتاجٍ يقضي بأن عبارة « مجامعة على خلاف الطبيعة» الواردة فيها لا تنطبق على فعل العلاقة الجنسيّة الحاصلة بين شخصين من الجنس نفسه.
إلا أنه على الرغم من التوجه العام من قبل القضاة للاجتهاد فيما يخدم قضايا الشواذ فقد صدر مؤخراً في 10/6/ 2016 ، اجتهاداً من قبل القاضية في محكمة الجنايات « هيلانة إسكندر » في قضية اكتساب المعاهدات الدولية الموقعة والمصادق عليها رسمياً مرتبة تسمو على القوانين الوضعية الداخلية، وتكرس مبدأ سموها على القانون الداخلي.
وفي الحيثيات رفضت القاضية هذه « النقطة القانونية التي أثارها محامو مدعى عليهم في معرض قضية جنائية يشمل الادعاء الجنحي فيها موكليهم في مسألة المثلية؟ لقد اعتبروا أن أفعال موكليهم لا تشكل جرماً جزائياً ، لتعارض المادة 534 مع المعاهدات الدولية والاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادق لبنان عليه. وردّت محكمة الجنايات في تعليلها على ما أثاره محامو الدفاع، وانتهت الى إدانة موكليهم بمقتضى القانون اللبناني. وقالت إنه ضمن هرمية النظام القانوني اللبناني، تكتسب المعاهدات الدولية الموقعة مرتبة تسمو على القوانين الوضعية الداخلية. وتكرس هذا المبدأ في القانون الجديد لأصول المحاكمات المدنية» .
أخيراً نختم هذا المقال بالقول إن مسؤولية حماية المجتمع اللبناني من الفكر الشاذ هو مسؤولية دينية وأخلاقية بالدرجة الأولى لأن في السكوت عنها تحت حجة الحرية الفردية ، إهدار لحرية شعب بكامله له الحق في حماية مجتمعه من هذه الآفة المخالفة للعقل والدين والخلق .
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة