تحديات الثورة السورية مع نهاية عامها السادس
كتب بواسطة الشيخ مجد مكي
التاريخ:
فى : آراء وقضايا
1302 مشاهدة
تحديات حقيقية تثير هواجس السوريين من فقدانهم لوطنهم الذي عرفوه لعقود؛ والذي صار وطناً آخر ربما لا يمثِّلون فيه إلَّا أقليَّة منبوذة.
والتَّحديات التي تواجه المواطن السوري تتغير بتغيّر عدَّة حيثيات:
فهناك تحديات تتَّصل بالمواطن السوري الذي يعيش في المناطق المحرَّرة أو المحاصرة.
وهناك تحديات في مجملها يشترك بها الجميع؛ كالتحدي الوجودي الذي يتصل بحياة السوريين، وهنا نتحدَّث عن مئات الآلاف من القتلى -تحت الأنقاض- بأسلحة الدمار الشامل..
كذلك التحدي الحياتي لآلاف المعتقلين في السجون؛ حيث تمَّ توثيق عشرات الآلاف من ضحايا الموت في سجونٍ تحت التعذيب أو الذين اختفَوا قسريّاً ومصيرهم مجهول، وما زال هذا التحدي يتَّصل بالتحدي الوجودي، وكذلك يتَّصل بتحدي الهوية؛ حيث يتمُّ اللعب على الوتر الديموغرافي في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام.
بالإضافة إلى التهجير القسري الذي نراه في كلِّ يوم، كالتهجير الذي يتمُّ في حيِّ الوعر (حمص) والإحلال المكاني.
وهناك تحدٍّ آخر؛ هو تحدي مواصلة العمل الثوري لاستمرار الثورة بعد الكثير من المحبطات التي وقعت فيها في ظلّ ضربات العدو التي تنخر العمق الثوري من داخله، وفي واقعٍ؛ تغيب عنه المرجعيَّة الموحَّدة أو المظلَّة الشاملة أو الهدف الوطني الجامع على أقل تقدير؛ فنجِد القسم الأكبر من الثُّوار تحوَّلوا إلى جانب العمل الإنساني وإلى الجانب الإعلامي والإغاثي؛ الذي رغم أهميته إلَّا أنه عمل طوارئ، وهو انتهاج سياسة إطفاء حرائق، ولكنَّه ليس عملاً ثوريّاً في المعنى الدقيق لمصطلح الثورة.
وكذلك التحدي الأمني في ظلِّ غياب وجود دولة وتحوّلها إلى عصابات و(مافيات)؛ تسحق كلَّ ما لا يحقِّق مصالحها، وأيضاً المناطق المحرَّرة التي يوجد فيها الفصائلية وغياب الإدارة الرشيدة التي تحتكر الإشراف على تسيير حياة المواطنين والسهر على أمنهم ومعاقبة المسيء والمتجاوز.
• ومن التحدّيات:
التحدّي الاقتصادي: الذي لا يخفى على أحدٍ، ويعاني منه الجميع، وما من معهد أو رابطة أو جمعية أو مؤسسة إلَّا وتعاني من هذا التحدي، سواء كان في المناطق التابعة لنفوذ النظام أو المحرَّرة أو المحاصرة أو في دول اللجوء، وهذا أيضاً من التحديات التي نلمسها ونعيشها.
ويلحق بهذا التحدي المرتبط بالجانب الصحي؛ خصوصاً مع مئات الآلاف من الضحايا المصابة بعجز ناتج عن الحرب الدائرة في سوريا...
التحدي العلمي الرصين: وارتفاع تكاليف تحقيق ذلك.
التحدي النفسي: فلا يكاد يخلو بيت من بيوت السوريين من فقيد أو قتيل، ومن الخوف والهلع والهرب.. من الموت -القابع في كلِّ شبرٍ من سوريا- الذي يطارد كلَّ صغير وكبير... مناظر الدَّمار وأصوات الانفجار وسيول الدماء وأكوام الأشلاء.. كل هذا يتَّصل بالتحدي النفسي وما يُخلِّفه من آثار نفسية خطيرة على المصابين بالصَّدمة من الأعمال الحربيَّة.
وكذلك يلتحق بالتحديات التحدي الاجتماعي وما يتَّصل بذلك من الأيتام والحاجة إلى رعايتهم، والأرملة التي فقدت بيت الزوجية، والصغيرة التي اضطرَّت للزواج ممن لا يناسبها لتكفي أهلها تكاليف عيالتها... كم من لاجئٍ مرَّت عليه السنون ولم يستطع رؤية أهله أو عياله..
ويبقى التحدي الأخير ويتَّصل بالجانب الاجتماعي؛ وهو تمزُّق النَّسيج السوري، وهذا أمر يجب أن نقرَّ به، وهو أثر من آثار الحروب والثورات... ونحن في حرب ضروس. وهذا التَّهتُّك للنسيج الاجتماعي نلمسه في الأُسرة الواحدة مِن مُوالٍ ومِن مُعادٍ، مِن موافقٍ ومِن مخالفٍ، وتحوُّل بعض الناس ليكونوا عملاء لنظام مجرمٍ قاتل... وكانوا سبباً في سجن أقربائهم أو في الدلالة عليهم... حتى بين العلماء؛ فما زال منهم مَن يبرِّر لهذا النظام ويلتمس له الأعذار ويسوِّغ له تلك الأقذار إلى هذا اليوم.
هذه أهم التحديات التي أحببت أن أذكرها في هذه الكلمة؛ وتصلح لتكون ندوة أو ورشة عمل لمعالجتها...
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة