من إنسانيَّات القائد الرائد مصطفى السباعي - رحمه الله-!!
استوقفني عبارة للشيخ مصطفى السباعي تنبئ بما اتصف به رحمه الله من رحمة ورقة وعطف على الفقراء والمساكين إذ يقول : "الفقير ميزان الله في الأرض ، يوزن به صلاح المجتمع وفساده " . و قد علق الدكتور عدنان زرزور في كتابه عنه الداعية المجدد بقوله : "ربما كان يخامره وهو يكتب هذا شعور بأن ليس في وسعه كفرد أن يرحم جميع الفقراء ، أو يواسي جميع المحتاجين ! فوضع ذلك على كاهل الأمة والمجتمع ، ثم ارتقى في هذا الحكم على هذا المجتمع بالصلاح والفساد بوجه عام من خلال هذا الميزان الذي لا يخطئ …. فكأنه يقول : إنه مقياس صلاح الفرد أو النفس الإنسانية والمجتمع جميعا .
وللسباعي -رحمه الله - إضافة إلى كتابه (التكافل الاجتماعي في الإسلام ) منثورات جميلة في كتابه (هكذا علمتني الحياة ) توضح هذه المعاني ! فحين يتحدث عن الكرم الحقيقي يبرزه في إشراك المحتاجين لا في الإنفاق على الممتلئين و إكرام القادرين : " أكثر الناس الذين يستقبلونك في بيوتهم بحفاوة هم بخلاء ! ولو رأيت منهم بعض مظاهر الكرم ! إنه كرم إجباري رخيص الثمن! الكرم الخالص هو أن تشرك معك في مسراتك من استطعت أن تشركهم من المحتاجين ببعض المال أو الطعام أو اللباس أو المواساة ".
وفي انحيازه الواضح من خلال سلوكه ، ومن خلال ما كتب ، إلى الضعفاء والفقراء والمساكين ، كان ينكسر قلبه أمام مناظر البؤس والفاقة والحرمان ، وربما دمعت عيناه مستلهما قول النبي صلى الله عليه وسلم :" إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم " ويجد في الرسول الكريم أسوة حسنة في تأثره بمشاهد البؤس والحرمان إذ تـمعر وجهه صلى الله عليه وسلم حين وفد عليه فقراء من المسلمين وليس عليهم ما يكسوهم !؟
يذكرك السباعي صاحب النفس العظيمة وأنت تقرأعنه ، وتتملى ملامح شخصيته بقصة مفادها : أن عبداً جاء إلى أحد الخطباء ، ورجاه أن يذكر في خطبته عظم الثواب في إعتاق العبيد لعل سيده يكون حاضرا فيعتقه ! فانتظر أسابيع و أسابيع حتى أصابه الملل ، وكاد ييئس من الوصول إلى مبتغاه ، وإذ الشيخ يخطب الخطبة المرجوة متحدثاً عن إعتاق العبيد كأفضل ما تكون الخطبة ! وحين سأله عن سبب التأخير، قال : استحييت من ربي أن أدعو الناس إلى شيء وأنا لا أقوم به ، فانتظرت حتى تجمع لدي مبلغ من المال ، أشتري به عبدا ثم أعتقه"
. وقد أجمع كل من عرف السباعي رحمه الله أنه كان كريما سخيا زاهدا في المال والمناصب ، ذا إيثار ومروءة وسماحة.
وما أجمل ما قال : ( لقد هانت عليّ الدنيا بما فيها من اللذائذ ،وما تحتويه من عوامل الحسد والحقد والكراهية ، ولم يبق في نفسي - شهد الله -إلا رغبة في الخير أفعله ، وأدل عليه ، وإعراض عن الشر أهجره وأحذر منه ) . وكان رحمه الله ومَنْ معه يترجمون هذه المعاني في أعمال التعاون الخيري ويريدون للمجتمع أن يرجح في ميزان الله ، من خلال تأليف اللجان لجمع التبرعات وتوزيعها على المحتاجين من الأسر الفقيرة ، ويحددون أياما من السنة باسم ( يوم الفقير ) تخرج فيه اللجان لجمع الإعانات للفقراء مع بدء موسم الشتاء ، يُغَلِّبون صلاح المجتمع ووجه الرحمة فيه ، على فساده وجانب القسوة منه .
المصدر : رابطة العلماء السوريين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة