مروان حديد.. أسطورة الثبات في زمن الظلم والاستبداد
التاريخ:
فى : تراجم وسِيَر
1951 مشاهدة
مروان حديد هو رائد من روّاد الدعوة والجهاد في بلاد الشام، الذين حملوا السلاح في وجه الطغيان، ولم يرضوا للمسلمين عيش الذل والهوان، كان فارساً صلباً من فرسان الدعوة الأوفياء، أعدَّ نفسه للجهاد متسلحاً بقوة الإيمان وقوة الجسم، وربّى جيلاً قرآنياً مجاهداً قلّ نظيره في الأمة الإسلامية في هذا الزمان.
عاش “مروان” مجاهداً واستشهد معذّباً، لكنه لم يحن رأسه طول حياته ولم يعرف الخوف إلى قلبه سبيلا، إنه نموذج رائع من النماذج الفريدة الذين ربّتهم الدعوة في هذا العصر، لقن الأجيال كيف تكون عزة الإسلام، وكيف تنصر المبادئ؟ وكيف يقهر الطغاة؟ ، فهو مؤسس تنظيم “الطليعة المقاتلة للإخوان” في ستينات وسبعينيات القرن الماضي.
ولد مروان حديد عام 1934 في مدينة حماه السورية فهو سليل عائلة شامية عريقة، عُرفت بتجارتها ومشاريعها العريضة، وفي ذات الوقت بالتواضع والزهد نشأ مروان في بيئة حزبية اشتراكية، لكنه انضم لاحقا إلى جماعة الإخوان المسلمين السورية. وكانت نقطة التحول في مسار حياته تعود إلى واقعة مقتل الشيخ حسن البنا في مصر، حيث راح يبحث ويقرأ عن فكر ودور هذه الشخصية، ليصبح بعد ذلك أكثر تمسكا بالدعوة إلى الإسلام وتعاليمه وشريعته.
سافر مروان إلى مصر والتقى بتلاميذ الشيخ حسن البنا الذي طالما أحبه ولم يعرفه، والتقى بسيد قطب وإخوانه، وبسبب سياسة جمال عبد الناصر إزاء الإخوان المسلمين في مصر، أعلن مروان عداءه لعبد الناصر، وكان يطلق تصريحات لاذعة ضده أمام الجميع، وما لبث أن لمع نجم مروان مع جماعة الإخوان المسلمين، من جهةٍ لشدة عطائه وبذله في مجال الدعوة للإسلام، ومن جهة أخرى لاشتداد صلابته بعد خبرته المتمرسة مع رجالات المباحث في مصر.
عاد مروان في أوائل مارس 1964 إلى سوريا، وعكف خلال هذه الفترة على عقد الندوات الدينية في بيته ومسجده الصغير بحيّ البارودية، وأقام المحاضرات والدروس في المساجد فقد أحس بخطر حزب البعث الذي وصل إلى السلطة في انقلاب عام 1963، حيث راح يحذر الناس وينذرهم من أنه لابد من مجابهة هذا النظام من اللحظة الأولى قبل أن يتمكن من الحكم.
اختلف مع قيادات الإخوان المسلمين آن ذاك فكان يرى أن هذا النظام البعثي المدعوم من الأقليات الطائفية القائم على اجتثاث معارضيه واحتكار الحكم بالقوة المسلحة لا يزول إلا بالسلاح، وأن موقفه من حمل السلاح رد فعل طبيعي للتعسف الذي قام به النظام البعثي الذي احتكر الحكم لنفسه وأوجد الأرض الخصبة للكفاح المسلح .
وكانت خطبه ومحاضراته تبث روح التحريض في نفوس الشباب وتلهب أنفاسهم لفداء دينهم وقضيتهم، كانت أعين الاستخبارات النصيرية ترقبه عن كثب، وكما كان يتوقع مروان وكما كان يحذر دومًا من ذلك المكر الذي ستعريه الأيام، كشف النظام النصيري عن نواياه في عام 1973، حين أخرج البعثيون دستورهم الجديد ومسحت فيه المادة التي تؤكد أن سوريا دولة إسلامية. تغييرٌ أثار غضب الشعب السوري ونقمته على النظام، واشتعلت معه غيرة الخطباء وعلى رأسهم مروان حديد في المسجد وفي التجمعات، حتى جمعت البيعات على الموت!
على إثر ذلك تعرض مروان لمحاولة اعتقال في أوائل شهر آذار 1973، لكنهم لم يفلحوا في إلقاء القبض عليه ومنذ ذلك الحين اختفى مروان وانكب على العمل بسرية، يجمع السلاح ويؤسس قوة تمكنه من مواجهة النظام البعثي النصيري الاستبدادي.
أسس عام 1975 ما يسمى “الطليعة المقاتلة” للإخوان المسلمين، غير أن المراقب العام الأسبق لإخوان سوريا عدنان سعد الدين أكد في شهادته لبرنامج “شاهد على العصر” في حلقات بثت عام 2012 “أن مروان لم يؤسس الطليعة المقاتلة قط ولم يتحدث باسمها قط”.
تعرض لمحاولات اغتيال من قبل النظام البعثي، وحكموا عليه بالإعدام في محكمة صورية ترأسها المقدم مصطفى طلاس، وكان من أشهر ما نقل عنه إجاباته على أسئلة قاضي المحكمة العسكرية التي اتهمته بالخيانة والعمالة، فقد قال له طلاس: أنت عميل؟ فأجاب مروان حديد بجرأة “أنا عميل لله”، ثم سأله “أأنت مأجور؟”، فرد “أنا مأجور من الله”.
تم اعتقاله في دمشق منتصف عام 1975 وبعد عدة أشهر تم تحويله لمشفى حرستا العسكري حيث استشهد بسبب التعذيب وتم الإعلان عن وفاته بتاريخ 06/06/1976 ودفن في نفس اليوم بإحدى مقابر دمشق حيث شارك بدفنه خمسة من أقربائه دون السماح لهم بالاطلاع على وجهه، وتم تعيين قوة أمنية كامله لسنوات عديدة تحرس قبره خشية أن يقوم أحد بسحب جثمانه.
يذكر من رآه في حياته أنه كان ذو بنية جسدية ضخمة طوله 190 سم ووزنه 110 كغ, لكنه عندما خرج شهيدا بسبب التعذيب كان وزنه 35 كجم فقط .
المصدر : البوصلة
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة