مستشارة في شؤون الأسرة
صرخة للأحرار
كتب بواسطة سحر المصري
التاريخ:
فى : آراء وقضايا
1227 مشاهدة
تابعتُ في الفترة السابقة كآلاف غيري ردود الفعل على طرح مشروع الزواج اللاديني.. المسمّى زوراً بالمدني.. فبين موافق عليه يقاتل دونه بسيف الكلم.. وبين رافض له حدّ الثورة.. تتأرجح فئة مذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.. تكرر كلمات باردة تتدحرج من عقول استسلمت لكل ما هو واقع دون تفكير عميق أو عرض على الدّين أو غوص في الإيجابيات والسلبيات لكل حدَث!
لن أخوض بعمق في المشروع المقتَرَح.. فهذا أتركه لأهل العلم.. ولكنني سأبث بعض أفكار اجتاحت رأسي الصغير وأنا أتابع وأسمع وأرى!
بدايةً هالتني بعض المواد التي تنذر بإعصار مجتمعي.. لا يريد أن يرى حجمه مَن سار عن جهل أو خبث مع المشروع ويدعو له! تشريعات ظالمة مظلمة لو أنَرتَها بضوء الشمس ما زادها ذلك إلا اسوداداً وتشويهاً!
لا محارم من الرضاع..! فيصبح بالإمكان أن يتزوج الرجل أختَه أو أمَه من الرضاع!..
وإن كان الرجل متزوجاً "مدنياً" وأراد أن يتزوج "دينياً" فالثانية لا يُعتَرَف بها ويعتبر أولاده منها أولاد زنا! وفي الوقت الذي يحق له أن يتبنّى أي إنسان يَحرُم عليه أن يتبنّى أولاده الحقيقيين!
وإن أراد الزوجان الطلاق عن تراض لا يقع إلا بعد هجر ثلاث سنوات ثم يفرّق بينهما القاضي المدني إن رأى ذلك شرط أن ينشرا خلافاتهما أمامه! ومعنى ذلك أن "يترهبن" الزوجان لأكثر من أربع سنوات حتى تنتهي المعاملات!
وحين يقع الطلاق تكون عِدّة المرأة 300 يوم!
وإن أحبّ "جورج" "فاطمة" فبهذا القانون يتحرران من قيود الدّين المانِعة ويسعون للزواج سعيه! ويصبح لزاماً على الزوجة أن تعمل وتنفق.. لتحقق "المساواة" فتسقط "القوامة".. وهنا يمكن "الهجر" إن اتفقا!
هذا غيضٌ من فيض! وما خفِيَ كان أعظم!
ولو أنني أتفهّم قبول بعض النساء لهذا القانون بعدما عانين الظلم من "الرجال".. فدغدغ مشاعرَهنّ انتفاء التعدد وعدم تفرّد الزوج بالطلاق.. إلا أنني لا أستطيع تفهّم إعراضهنّ عن الشرع وقبول قانون وضعي يظلمهنّ في مناحٍ عديدة أخطر!
ولئن كان البعض يعتبر وضع محاكمنا الشرعية مظلِماً أو ظالماً.. إلا أن وضع المحاكم المدنية التي ستفصل بين الأزواج طبقاً لهذا القانون هي أسوأ ويفوح منها النتن!
تناقضات؟ هرطقات؟! جنون؟!! كيف لا وهو نتاج عقل بشري ضعيف قاصر افتُتِن بالغرب ولم يجد بداً من مجاراته في أفشل تطبيقاته!.. أفنلفظ تشريعاً ربّانياً من ربّ حكيمٍ لنتلقف قانوناً وضعياً من بشرٍ جشِع؟! كيف نرضى باستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير؟!
يقولون: هو "اختياري" فلِم كل هذه الضجة؟! من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. لا إكراه في الدّين! ولو أكملوا الآية لوصلوا إلى قوله تعالى: "إنّا أعتدنا للكافرين نارا".. ولقوله جل وعلا: "فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى" ومَن رضي بغير ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون!..
هذا المؤمن الذي يقولون عنه إنه "حر" وإنه إن لم يكن يريد الشرع ولا يلتزم به في حياته فهذا خياره..
عجباً لِمن يفقه الدّين ثم يردد هذه العبارة! كيف أقبل أن أشرعن لهذا المسلم الذي ضلَّ عن بعض ما جاء به الإسلام وأقول له أنت حر أن تختار بين ما يريد الله جل وعلا وبين ما تريد أنت؟! أفنحن نحتسي القهوة ونقول "يصطفل"! إن كنا مؤمنين أفلا نحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا؟ وإن كرهنا أن نُكَبَّ في النار أفنرضاه لسائر المسلمين وإن اختاروا ذلك؟ ألسنا مأمورين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وبعمارة الأرض؟ وبتبليغ الدعوة؟! فكيف نتقبّل أن يسلك مسلمٌ طريقاً في آخره هاوية ثم نقول قد اختار؟! وماذا لو كان هذا المسلم أخاك أو ابنك أو ابنتك؟! أوترضى؟!!
ثم إن من أكبر الكذبات أنه اختياري! لأنه لا يوجد في العالم قانونٌ اختياري.. إلا في لبنان.! فهل رأيت مثلاً جامعة محترمة تضع قوانين خاصة بها ثم تقول للطالب إن شئت طبّقها وإن شئت فلا؟! هرطقة أُخرى ألبسوها ثوب الاختيار ليسلك القانون طريقه.. حتى إذا ما تصادمت نواميسُه بواقعٍ اختلط فيه الزواج الشرعي باللاديني وكثرت المشاكل أجبروا الجميع على الرضوخ له إجبارياً..
وكذبة أُخرى أشد يحاولون بها تبييضَ سواد وجه هذا القانون! يقولون نريد المواطنة.. ولا يلتزمون بأدنى مقتضياتها ألا وهو الخضوع للدستور!
الدستور اللبناني ضمِن للطوائف الحق بتطبيق الأحوال الشخصية حسب تشريعات كل طائفة.. ثم يقولون نريد إلغاء الطائفية.. ويطبّقون أدق تفاصيلها في الحياة السياسية منها والشخصية.. ثم يتوهمون أنها ستفنى بمجرد تطبيق قانون أحوال وضعي! أيّ هرطقة هذه؟! وأبسط ردّ عليها أن يقرأوا قانون الانتخابات المسمّى باللقاء "الأرثوذكسي" الذي يسعون لتطبيقه وهو طائفيّ بامتياز! يدّعون أنهم ضد الطائفية وقد عشعشت في الشغاف.. ثم يقولون إنه يجب أن يكون هناك قانون زواج واحد لجميع اللبنانيين! من أين هذه البدعة؟!
ثم تجد بعض الحاقدين على الإسلام يردّد في كل حين أنه علينا أن نتطور!! وأن التاريخ قد مضى فلا تُعيدونا إليه! يتمنطق ويستهزئ بقانونِ ربنا وآياته! وعجبت لهذا المتحذلق كيف تعامى عن عشرات الآلاف الذين يدخلون في دين الله أفواجاً من الغربيين! فهل بعد "التطور" الغربي اختاروا "التخلّف" عن يقين؟! كمراد هوفمان وليوبولد فايس ومارغريت ماركوس و.....!
هذا هو قانون الزواج اللاديني!
إن أردت أن تعرف تفاصيله فاقلب كل أحكام الشريعة.. واجعل لكل آية في كتاب الله تعالى مادة تنقُضُها! ثم شارِك في حفلة الجنون تلك.. إنْ بالتصفيق أو التشجيع أو النأي بالنفس!
صرخةٌ للأحرار.. لمَن ارتضى بالله رباً وبالإسلام ديناً ثم أعرض عن آياته وأحكام شريعته.. ألّا تَدُكَّ صرحَ قلبِكَ ممارساتٌ أو استهزاءاتٌ أو تحطيمٌ لِما تبقّى من الشرع في بلاد يريدونها علمانية بالكامل؟!
أفترضى بالتنازل عن آخر معقل نسوِّر به عوائلنا بشرع حكيم؟!
ألا يقشعرُّ بدنُك حين تقرأ هذه الكلمات النورانية:
"ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ"..
فإن لم تبكِ.. فتباكَ!
#الزواج_المدني_حفلة_جنون!
03/03/2013
سحر المصري يرحمها الله..
دعواتكم..
#يرحمك_الله_يا_سحر
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن