الأسرة المسلمة في خطر!! مشكلات وحلول
مع التقدم العلمي والتكنولوجي في العصر الحالي، وانتشار الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وفتح باب المغريات أمام الناس على مصراعيه، كل هذا أدى إلى مشاكل وأخطار أصبحت تهدد كيان الأسرة المسلمة في وجودها واستمرارها.
وكذلك ما خلفته مؤخراً الحروب والثورات من تهديم لبنية المجتمع من الداخل، وتشرذم الأسرة الواحدة وانقطاع أوصالها نتيجة الهجرة، وغلبة الحياة المادية على الناس، وضياع الأولاد في خضم هذه المعارك، كل ذلك أدى إلى دق أجراس الخطر أمام العقلاء ليقفوا على هذه الظاهرة ويحللوها ويشخصوا المرض ويضعوا العلاج.
إن الأخطار التي تحيط بالأسرة المسلمة اليوم كثيرة، وسوف نقف في هذه المقالة على أهمها:
أولاً: الهجرة وتبدل الثقافات:
مع بداية الثورات فتحت بعض الدول الأوربية أبوابها للاجئين، فهاجرت نسبة كبيرة من الأسر إلى الغرب بحثاً عن الملاذ الآمن، ومع اندماج هذه الأسر بالمجتمع الغربي وثقافاته وعاداته التي تختلف كلياً عن مجتمعنا الإسلامي أصبحت تتفاقم الخلافات الأسرية بين الرجل وزوجته لأسباب كثيرة منها: خروج المرأة من المنزل، وعدم تقيدها بالحجاب أحياناً، والذهاب إلى المسابح وغيرها، كل ذلك أدى إلى حالات من الشقاق والطلاق وكانت النتيجة تفكك الأسرة وضياع الأولاد. ونحن لا نزعم أن هذه هي الحالة العامة لجميع من هاجر إلى الغرب، ولكن نسبة هذه الشريحة التي اندمجت بثقافة الغرب أخذت تزداد يوماً بعد يوم.
ثانياً: انتشار وسائل التواصل الاجتماعي:
أصبحت وسائل التواصل اليوم كالفيس بوك، والانستغرام، والوتساب، جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، فأحدنا ينام وبيده الهاتف ويستيقظ وبيده الهاتف، وأصبح انقطاع الانترنت أحياناً بمثابة انقطاع شريان الحياة لدى بعض الناس... وأصبح ادمان الدخول إلى هذه الوسائل مرضاً بحاجة إلى علاج، وكثرت الصفحات التي تنشر ثقافة التحلل والميوعة، وأصبح كثير من المغرر بهم أو بهن ينظرون لحياة الآخرين المثالية التي يشاهدونها من خلال هذه الصفحات، فلم يعد يعجبهم شيء وانقلبت كثير من الكماليات إلى حاجات بل ضروريات، مما أدى إلى مشاكل لا تحمد عقباها.
ثالثاً: ضعف الوازع الديني والأخلاقي:
ونتيجة لما سبق فإن كثيراً من الناس بدل أن يتوبوا ويرجعوا إلى الله ليفرج عنهم ما نزل بهم من مصائب وأزمات، فعلوا العكس، فالذي كان ملتزماً بالصلاة ترك الصلاة وتهاون بها، والذي كان يتصدق ويدفع زكاة أمواله امتنع عن ذلك خوف الفقر، والذي كان في السابق غيوراً على أهله أصبح يرضى بتبرج زوجه وبناته مع الأسف، كل ذلك أدى إلى تصدع البنية الأخلاقية والدينية للأسرة المسلمة، وأصبحت نواقيس الخطر تدق أن أنقذوا هذه الأسرة قبل الانهيار...
رابعاً: تسليم قيادة الأسرة للمرأة:
لما كان الرجل يقضي معظم وقته في العمل، فلم يعد متفرغاً لرعاية أسرته وتربية أولاده إلا القليل، فالأب يعود مساء إلى بيته ليأكل وينام، ومن ثم يذهب في الصباح الباكر إلى عمله، ولا يعلم كيف تقضي زوجته وأولاده أوقاتهم، وأين يذهبون، وكيف يخرجون، وترك لهم الحبل على غاربه، كل ذلك أدى إلى مشاكل كارثية تهدد الأسرة، بسبب غياب الربان والقائد والموجه لسفينة الأسرة، وعدم قيامه بالدور المطلوب منه... هذه برأيي أهم المشاكل التي تهدد الأسرة اليوم، فما هي الحلول؟
الحلول:
1-القوامة الفعالة: إن قوامة الرجل على أهله ليست بتأمين حاجاتهم المادية فقط، فهناك أمور أخرى ينبغي عليه متابعتها والاهتمام بها ألا وهي الجوانب الأخلاقية والنفسية لزوجته وأولاده، ومتابعة سلوكهم وتصرفاتهم، واستشعار عظمة المسؤولية الملقاة على عاتقه، كما جاء في الحديث: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).
2-اغتنام الوقت: وخاصة أوقات العطل والفراغ والمواسم المباركة للجلوس مع الأسرة، والاستماع إلى مشاكلهم ومعالجتها، وتعليم الرجل زوجته وأولاده صفحة من القرآن، وقراءة كتاب رياض الصالحين، ولو حديثاً واحداً كل يوم، وسؤال الزوجة والأولاد عن صلاتهم وصيامهم وأورادهم اليومية، كل ذلك يؤدي إلى تماسك بنيان الأسرة وصلاحها.
3-مراقبة الأولاد: ووضع برنامج لهم بمساعدة الزوجة للدخول إلى الانترنت ووسائل التواصل، وليكن ساعة مثلاً في اليوم؛ لأن ادمان الدخول إلى هذه الوسائل يجعل المرء أسيراً لأهوائه وشهواته، ومن واجب الأب معرفة أصدقاء ولده الحقيقيين والافتراضيين؛ لأن المرء على دين خليله.
4-تنمية الوازع الديني: في قلوب أفراد الأسرة، وزرع بذور المحبة والوئام بينهم، وذكر نماذج من سلوك النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح مع زوجاتهم وأولادهم، فقد كان يراقبونهم حتى في الكلام، فأحدهم لا يقبل لابنته أن تقول (أذهب ألعب)؛ لأن الله ذم اللهو واللعب في القرآن، فقال يا ابنتي قولي (أذهب أتحدث) ... وهكذا، مع الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة، [لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة].
اسأل الله سبحانه وتعالى أن يغير حالنا وحال المسلمين إلى أحسن حال، وأن يحفظ أسرنا وأهلينا ويلهمنا رشدنا، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
المصدر : رابطة العلماء السوريين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة